جمالية أدب الأطفال عند سناء الشعلان (بنت نعيمة المشايخ)

Vol. No. 2, Issue No.3 - July-September 2022, ISSN: 2582-9254

0
923
 جمالية أدب الأطفال عند سناء الشعلان (بنت نعيمة المشايخ)

حامد رضا

الباحث في الدكتوراة، جامعة جواهرلال نهرو، نيو دلهي

……………………………………

الملخّص: الدكتورة سناء كامل أحمد الشعلان بنت نعيمة المشايخ (سناء الشعلان) كاتبة أردنية شهيرة في الأدب العربي الحديث، وملقّبة بـ “شمسِ الأدب العربي وأميرته”[1]. أبدعت في أصناف الأدب العربي بما فيها القصّة القصيرة والرواية والمسرحية، كما زاولت النقد والصحافة والإعلام، وحظيت بما يربو على 60 جائزة عربية ومحلّية ودولية.

إن أدب الأطفال من أهمّ الفنون التي أثارت اهتمام الدكتورة سناء الشعلان، فأنتجت فيه القصص الرائعة والروايات الجميلة والمسرحيات البارعة التي لاقت قبولاً واسعاً في فئة أدب الأطفال، وتُرجِمَ بعضها إلى اللغات الأجنبية أيضاً مثل البلغارية والإنجليزية، و فاز بعضها الأخرى بالجوائز الأدبية العالمية مثل قصة “صاحب القلب الذهبي”، التي حازت على المرتبة الثالثة مناصفة لجائزة الشيخة فاطمة بنت هزاع بن زايد آل نهيان لقصة الطفل العربي في الدورة العاشرة عام 2006م،[2] وكذلك رواية “أصدقاء ديمة” نالت جائزة كتارا للرواية العربية في دورتها الرابعة عام 2018م، في فئة رواية الفتيان غير المنشورة[3].

يسعى هذا البحث إلى تسليط الضوء على جمالية أدب الأطفال عند سناء الشعلان وإبراز ما فيه من ميزات أدبية وفنية.

الكلمات المفتاحية: سناء الشعلان، القيم والمبادئ الخلقية الفاضلة: الشهامة والشجاعة، والصدق والأمانة، وإكرام الكبار والترفّق بالصغار، وخدمة الوطن والإنسانية، أدب الأطفال، القصة، الرواية، المسرحية.

جمالية أدب الأطفال:

تتّجه الإبداعات الأدبية للأطفال عند سناء الشعلان إلى جهتين مختلفتين في النوعية والعرض، ولكنّهما تتجمّعان وتتّحدان على محورٍ واحدٍ، وهو الأخلاق الفاضلة والقيم النبيلة، فالجهة الأولى تتعلّق بالقصص الخيالية، أي القصص التي تكون فيها الأبطال والأحداث والشخصيات والزمان والمكان كلّها خيالية، وهي تنسجم مع أذهان الناشئين، مثل قصّة “صاحب القلب الذهبي” وقصّة “زينب تصادق نفسها” ورواية “أصدقاء ديمة”، ورواية “رحلة شمس ونور” ومسرحية “السلطان لا ينام”، و”اليوم يأتي العيد” و”الأطفال في دنيا الأحلام” وغيرها من القصص والمسرحيات التي نُشرت في مختلف المجلّات والصحف العربية، وهي تقدم للأطفال دواعي الراحة والسكون والتسلية حسبما تقتضيها أعمارهم وأذهانهم، ولكنّها أيضاً حافلة بتعاليم الأخلاق الفاضلة والقيم النبيلة من الشهامة والشجاعة والصدق والأمانة وإكرام الكبار والترفّق بالصغار وخدمة الوطن والإنسانية وغيرها من الصفات التي تجعل من الإنسان العادي عبقرياً وعملاقاً.

والجهة الثّانية للإبداعات الأدبية للأطفال لسناء الشعلان أنها تقدّم قصصاً قصيرةً في قالبٍ تأريخي إسلامي قحٍ للناشئين، غير ملوّث بالكذب والاختلاق، وهي تتمحور حول الشخصيات التاريخية الإسلامية التي سجّلت صفحات تاريخيةً مشرقة للإنسانية، وأنارت الدروب المظلمة بأعمالها الجليلة مثل الخليفة العباسي هارون الرشيد المتوفى عام 193هـ وأبو العروض والنحو العربي الخليل بن أحمد الفراهيدي المتوفّى عام 170هـ وشيخ الإسلام ابن تيمية المتوفى عام 728هـ وغيرهم. وهذا ما قالته سناء الشعلان عن السلسلة الذهبية لقصّتها القصيرة: “أنا في صدد مشروعي العملاق “الذين أضاءوا الدرب”، الذي أحلم بأن ينجح في أن يقدّم أدباً غير ملوَّثٍ، ولا مشوَّهاً ولا مسمَّماً للناشئة العرب والمسلمين، وذلك عبر قصص منفصلة لشخصيات من التأريخ الإسلامي كان لها فضل حمل نِبراس العلم، وإضاءة الدَّرب للإنسانية في شتى حقول المعرفة والعلم والفنون والإبداع والتميز”[4].

ولقد سَمّت الدكتورة سناء الشعلان سلسلة القصص القصيرة عن هذه الشخصيات العظيمة بـ: “سلسة الذين أضاءوا الدرب“، وهي تحتوي على سبع قصصٍ تأريخيةٍ إسلاميةٍ، بداية عن سلطان العلماء وبائع الملوك “العز بن عبد السلام” ومروراً بأبي العروض والنحو العربي “الخليل بن أحمد الفراهيدي”، ومعلّم الناس والمروءة “زرياب”، و”عباس بن فرناس: حكيم الأندلس”، فضلاً عن شيخ الإسلام ومحي السنّة “ابن تيمية”، والإمام المتصدّق “الليث بن سعد”، وهارون الرشيد: الخليفة العابد المجاهد”.

ومن أهمّ الدوافع وراء جعل الشخصيات التأريخية أبطال القصّة القصيرة للأطفال أنّ الكاتبة سناء الشعلان تريد اصطياد عصفورين برميةٍ واحدةٍ؛ فكما أنّ هذه القصة توفّر للأطفال أسباب اللهو والتسلية والمتعة وتنشَّط أذهانهم وتحرّك مواهبهم الخفية، كذلك تزوّدهم بالمعلومات الغزيرة عن التأريخ وأبطاله وتفتح لهم أبواباً جديدةً إلى تراثهم العظيم، وتحثّهم على الـتأسِّي بأسوتهم والاحتذاء بحذوهم في الحياة، وعلى هذا النحو، سيقرأون قصّةً مسلّيةً، ويطلعون على التاريخ أيضاً في آنٍ واحدٍ، يقول المفكر والناقد أحمد أمين بهذا الصدد: “كذلك من القُدوَة الصالحة التي تعين على الفضيلة سيرُ الأبطال ورجال الأخلاق، فالقراءة في كتب تراجم العظماء وقصصهم وأعمالهم في حياتهم يودع في أذهاننا ذخيرة نقلدهم في أعمالنا، وكما أنّ كثيرين ممن أجرموا كان سبب إجرامهم قراءة رواية لص أو مشهد سينما أو نحو ذلك، كذلك كثير من العظماء إنّما كانوا عظماء برؤيتهم القدوة الصالحة وتتبُّعهم لسيرة بطل رأوه أقرب إلى نفوسهم، فعرفوا تفاصيل حياته، فكانت منبعا لعظمتهم.”[5]

ومن ميزات هذه القصص أنّها تهدف إلى زرع بذور القيم الخلقية والعادات الحسنة في نفوس الأطفال والناشئين، من خلال إبراز الصفات الحسنة والمبادئ والقيم الخلقية العالية مثل الصدق، والأمانة، والشجاعة، والشهامة والوفاء بالعهد والجهاد في سبيل إعلاء كلمة الحق وهزم الباطل، والجُود والسخاء والتضحية بالنفوس والنفائس وإيثار الآخرين على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة وغيرها من الصفات التي تزرع في نفوس الأطفال بذور العظمة. وتكتب سناء الشعلان على رأس كل كتاب: “أيّها الطفل العربي لك تأريخ عربي مشرق، فاقرأ وتعلّم واعمل”.[6] هذه الجملة الوجيزة في ذاتها تبرز الجوانب الأخلاقية للشخصيات في كلّ قصّةٍ من قصصها للأطفال.

والدوافع التي حثّت سناء الشعلان على كتابة أدب الأطفال، هي: الحرص على بناء مستقبل زاهر للمجتمع من خلال زرع المبادئ والقيم الإنسانية والخلقية السامية في نفوس الأطفال وتربيتهم تربيةً صالحة، والسمو بعقولهم ورفع قيمهم الروحية والإنسانية والجمالية، واطلاعهم على تأريخهم المجيد وربطهم بواقعهم، تقول سناء الشعلان: “يجذبني إليه (أي عالم الأطفال) أنّه نواة المستقبل والحلم القادم، فعندما أكتب للطفل أشارك في حمل الأمانة، ونقل لِواء العلم والتربية والقيم الأصيلة من السلف إلى الخلف، وأقدِّم نفسي بأثر رجعي ما لم يُقدَّم لي في طفولتي من أدب أطفال راق ومتحضر كما يجب، يراعي أحلامي وآمالي، ويغذِّي عقلي وإنسانيتي، ويركِّز مبادئ إنسانيتي وقيمي الحضارية. ومن ناحية أخرى الكتابة للطفل تنحاز بي إلى الطفل الذي لم ولن يكبر في، وأرجو ألا يكبر، الكتابة للطفل تقودني باختصار نحو ذاتي، فأنا طفلة كبيرة، تفهم نفسها من خلال أحلامها وأمانيها وعوالمها البريئة الّتي تحلم بالخير لكلّ النّاس في كل مكان.”[7] وقالت في حديث صحفي عن الدوافع والأسباب لكتابة القصص للأطفال: “ولذلك من الصعب عليّ أن أحدّد مدى التقدم الذي أحرزته في فن قصة الأطفال، ولكنني أعتز بتجربتي المنطلقة من طفولتي الممتدة في ذاتي، والمستثمرة لثقافتي وتخصصي ومعتقداتي وفلسفتي من أجل تقديم أدب طفل راقٍ يسمو بعقله، ويحترم فهمه، ويعلي من قيمه الروحية والإنسانية والجمالية، ويصله بتأريخه المجيد، ويربطه بواقعه، وبآماله المستقبلية عبر مرآة العمل والاجتهاد والإخلاص والخير والسلام العادل”.[8]

والشيء الّذي يميّز هذه القصص الرائعة هو أنّها تجعل شخصيات الخلفاء والملوك والعبيد والأرقاء أبطال القصّة على حدٍّ سواءٍ، وتعاملهم معاملة الندّ للندّ، ولا تفرّق بينهم أدنى تفريقٍ، فعلى سبيل المثال كان هارون الرشيد أشهر الخلفاء العباسيين، وأكثرهم صيتاً عند العلماء وعامّة النّاس على حدٍ سواءٍ، ورد ذكره وأعماله في كتب التأريخ كثيراً، وكان الخليفة الخامس للخلافة العباسية، تولّى الخلافة في عام 170هـ بعد وفاة أخيه موسى الهادي، فتح الملوك والبلاد وأقام “بيت الحكمة” لترجمة الكتب الأجنبية إلى اللغة العربية، وخدم العلم والعلماء واللغة العربية كثيراً، وأنفق في سبيل تطوير العلوم مصروفاتٍ طائلةً حتى صار عهده عهداً ذهبياً لعامة الناس.[9] فكان هو عظيماً وجليلاً، وجعلته سناء الشعلان بطلاً للقصة “هارون الرشيد: الخليفة العابد المجاهد”، ولكنّها في نفس الوقت جعلت أبا الحسن علي بن نافع الموصلي المتوفّى سنة 243هـ نسبةً إلى أستاذه الموسيقار إسحاق الموصلي بطل القصّة أيضاً، وهو رقيق وأصبح فيما بعد شخصيةً عظيمةً في فن الموسيقى والغِناء والطرب، وأجاد عدداً لا بأس به من الألحان، عاصر الخليفة العباسي هارون الرشيد وغنّى في بلاطه، ففتن به الخليفة افتناناً وولع به ولعاً، وأوصى أستاذه إسحاق الموصلي بأن يعامله بالمودّة والخير، ولكن دبّ الحسد فيه، فأجبره على مغادرة بغداد، فنزح إلى الأندلس (إسبانيا) بعد أن استقرّ في المغرب قليلاً، ونقل إليها ثقافة الشرق و بغداد، وأثراها بالموسيقى والعلوم الأخرى، كما كان عالماً بالنجوم والطب وغيرها وذا ثقافةٍ واسعةٍ. لُقِّب بــ “زرياب” لعُذوبة صوته وفصاحة لسانه وقتامة لون بَشَرَته، وهو اسم طائر أسود اللون عذب الصوت يعرف بـ “الشُحرور”. وفي الحقيقة إنّه عبقري الموسيقى ومتعدّد المواهب، ومبتكر “فن الذوق العام” والّذي يسمى اليوم بـ “الإتيكيت”، وهو مثل حلقة وصلٍ هامّةٍ في نقل مظاهر الحضارة الإسلامية والشرقية إلى الأندلس ومنها إلى أوروبا والعالم قاطرةً، وهو رجل ظلمه التاريخ الإسلامي ليهتم به التاريخ الغربي أكثر ويستفيد من تجربته وآثاره وما قدّمه للعالم أجمع.[10]

فسناء الشعلان لم تقتصر على إيراد الذين هم كانوا خلفاء وملوكا أبطالاً لقصص الأطفال، ولكنها كتبت أيضاً عن ذوي المستويات الاجتماعية والاقتصادية المتدنية الذين تميزوا عن أقرانهم بما بذلوا من جهود جبارة في سبيل تحصيل العلوم والفنون، فصاروا من بين رجال العلم والفن اللامعين في سماء العلم والأدب والفن بسبب جلالة أعمالهم وبراعة إنتاجاتهم.

أسلوب سناء الشعلان:

في كتابة أدب الأطفال اتّخذت سناء الشعلان لنفسها أسلوباً عذباً وسهلاً وسلسالاً يليق بمستوى أذهان الأطفال غير الناضجة ومداركهم وملكاتهم وقدراتهم الناشئة على فهم القصة والرواية والمسرحية. فلم تستخدم المفردات الصعبة والتراكيب المعقّدة. بل الألفاظ التي استخدمتها الكاتبة في قصصها للأطفال هي سهلة وعذبة ومعانيها ميسورة المنال وتراكيبها بسيطة وجملها وعباراتها قصيرة تتوافق مع مدارك وأذواق الأطفال. يقول توفيق الحكيم عن هذه الناحية لأدب الأطفال في اللغة العربية: “إنّ البساطة أصعب من العمق وأنّه لمن السهل أن أكتب وأتكلّم كلاماً عميقاً ولكنّ من الصعب أن أنتقي وأتخيّر الأسلوب السهل الذي يشعر السامع بأني جليس معه ولست معلمّاً له وهذه مشكلة أدب الأطفال”.[11] وإن وردت جمل صعبة وألفاظ عسيرة خلال العبارات، فذيلتها سناء الشعلان بالمفردات المترادفة وشرحتها بالجمل التالية بين القوسين. فمثلاً تقول في قصة عباس بن فرناس: “ثمّ عرج على دراسة مصنفات (كتب) الطب، فدرس الأمراض، وكيفية العلاج منها، ثم درس الأعشاب، وخصائص الأحجار والمعادن، فحذق (أتقن) ذلك كله حتى لقب بـ (حكيم الأندلس)، وهو لقب كانت العرب تهبه (تعطيه) لمن يبرع (يتميز) في الاشتغال بصنعة (مهنة) الكيمياء والطب. ثمّ درس زمنا طويلا الفيزياء والفلسفة وفن العمارة (البناء) والنحو (علم قواعد اللغة العربية) والعروض (علم موسيقى الشعر العربي) حتّى أنّه كان أول من حذق (أتقن) العروض في الأندلس (إسبانيا). وشرحها لأهل قرطبة، بعد أن استعصى (صعب) عليهم فهمها”.[12] كذلك شكّلت العبارات والجمل في جميع القصص التي كتبتها للأطفال كي لا يتخبطوا في متاهة القواعد النحوية والصرفية، ولا يشتبكوا في حبائلها فيفقدوا اللذة والمتعة التي توفرها القصة والمسرحية والرواية، فهذه العبارة من قصّة “الليث بن سعد، الإمام المتصدق” تدلّ على اهتمام الكاتبة بتشكيل العبارات كلها: “واستعدّ ببراءةٍ طفوليّةٍ كي ينهلَ (يأخذَ) من العلمِ بقلبٍ شغوفٍ (محبٍّ بشدّةٍ) بالمعرفةِ، ونفسٍ يملؤُها إيمانٌ طاهرٌ، وبروحٍ متعطشةٍ إلى نورِ الاتصالِ باللهِ عبرَ التفقهِ بدينِهِ، والدّعوةِ إلى عبادتهِ، والعملِ على مرضاتِهِ”.[13] وممّا يلفت النظر أنّ سناء الشعلان زيّنت جميع كتب القصص للأطفال بصور ملوّنة على كل صفحة تقريباً. وهذه الصور الشيقة والجاذبة تتحدّث عن القصة والأبطال ودورهم وتساعد كثيرا على فهم القصة والحادثة، وفي نهاية القصة والكتاب، صفحة مختصّة باسم “تلوين معنا” لتلوين الصورة.

وسناء الشعلان تقسّم قصتها القصيرة إلى أجزاءٍ كثيرةٍ، وتوزّعها في حقولٍ متعدّدةٍ وتكتبها بالعناوين الصغيرة، كي لا يتعذّر على أذهان الناشئين فهمها، فتصاب بالضجر والملل أو النفور. فمثلاً في “قصة الخليل بن أحمد الفراهيدي: أبو العروض والنحو العربي”، إنها قامت بتقسيمها إلى ستة أجزاء وكتبت فيها عناوين فرعية.[14]

ولكلّ قصة بداية ونهاية، ومن ميزات أدب الأطفال لدى سناء الشعلان أنّ الكاتبة تستهلّ القصة بالعبارات والجمل التي تضرم نار الشوق وحبّ الاستطلاع في نفوس الأطفال وأذهانهم وتستهويهم إلى القصة، فيكون التمهيد والتقديم مبهماً، ولكنه يشتمل على النقاط المركزية للقصة بمثابة العمود الفقري للإنسان، تعتمد عليها روح القصة، لولاها لما كانت تلك القصة. فعلى سبيل المثال تقول في بداية قصة “العز بن عبد السلام (سلطان العلماء وبائع الملوك)”: “في بيت فقير لم يعرف إلا الحرمان والبؤس والشَّقاء ولد عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن بن محمد بن المهذب الدمشقي، المكنى بأبي محمد (المسمى بأبي محمد) عز الدين، المغربي الأصل، وذلك في دمشق عام 577هـ، كان أبوه عبد السلام فقيراً جداً، وكان يجوب الأسواق بحثاً عن عمل قلَّما (قليلا) يجده مقابل النزر (القليل) من المال.”[15] فهذا التمهيد المبهم سيشجّع القارئ الطفل على إكمال قراءة القصة لكي يعرف كيف استطاع غلام فقير وبائس وخامل أن يعتلي منصباً عالياً في العلم والمعرفة حتّى أصبح يلقّب بـ سلطان العلماء وبائع الملوك، وهذا ممّا سيدفعهم إلى قراءة القصة وإتمامها.

وكذلك لكل قصّةٍ نهاية أيضاً، تريد الكاتبة سناء الشعلان أن تطوي حديثها فيها، فلا تنهي القصّة بذكر وفاة البطل، ولكنّها توجز القصّة الكاملة في عدّة سطورٍ، وتذكر البطل بألفاظ جميلة وحسنة وعبارات تليق بشأنه وآثاره العلمية والفنية وتشيد بجهوده الجبارة، فمثلا في نفس القصة “العز بن عبد السلام (سلطان العلماء وبائع الملوك)” تقول الكاتبة في خاتمة القصة: “رحم الله شيخنا الجليل العز بن عبد السلام، فقد كان منارة أنارت طريق الأمة، وحثتها (أمرتها) على العلم الذي صيره (حوله) من يتيم ضعيف لا حول ولا قوة له، يحرس أحذية المصلين إلى منارة علم تهدي الناس، وجعله يهز الشعوب بيمينه، والسلاطين بيساره، فلله دره (أسلوب دعاء بالخير) من عالم أخلص لله عملا وقولا، فنصره، وخلده في سفر (كتاب كبير) عظماء أمتنا الإسلامية”.[16]

وفي نهاية هذا البحث سأقدّم نموذجاً للقصة الشهيرة (صاحب القلب الذهبي) الّتي حازت على جائزة “الشيخة فاطمة بنت هزاع بن زايد آل نهيان لقصّة الطفل العربي” عام 2006م، وهذه الجائزة الشهيرة تمنحها إمارة أبو ظبي لقصّة الطفل العربي، ولا ريب في أنّ القصّة زاخرة بالتعاليم والمبادئ الخلقية الفاضلة والعادات النبيلة.

ملخّص قصّة “صاحب القلب الذهبي” نموذجاً:

كانت مملكة الشمس في أسعد حال وأهنأ عيش، لم تعرف التعصب والانحياز، جميع الرعايا كانوا فرحانين ومسرورين في مملكتها. لم يمس الهم والحزن أحداً منهم، إلى أن جاء ملك الظَّلام من مملكة بعيدة، فأحاط الشمس بعباءته المظلمة القاتمة، وقيدها وحبسها وعاد بها إلى وطنه، فانغمست المملكة في الظلام والخوف والكراهية. وسادت الناس أشباح الحزن والغم. وقد ولدت الملكة أميرا اسمه “شمس” في زمن الشمس المسلوبة، وقصت عليه قصة المملكة الغارقة في الظلام الدامس، وصارحته بأمر ملك الظلام ومملكته المظلمة حيث كان الملك الشمس محبوسا. وخلال المحادثة سأل الأمير عما إذا كان الظلام سيدوم في المملكة، أم هناك سبيل لاسترداد النور والضياء، فقالت له الملكة الأم إن النور والضوء لا يعود إلى المملكة إلا إذا أطلق سَراح الملك المحبوس، وفكّت قيوده. فتشجع الأمير وقال إنه سيحاول إنقاذ الملك من أيدي المستعمرين. وقال المعلم الأكبر وحجة العلم إن الشمس ستعود إلى المملكة، ويحدو بها فارس شجاع يحمل قلبا من الذهب. فلم يفهم الأمير ما ذا يعني المعلم، فاستفسره مزيدا علّه يطلع على حقيقة الأمر، فقال إن جواب سؤالك عند “صاحب القلب الذهبي”، فابحث عنه في أنحاء المملكة، وإنك ستعرفه بالقلب، وبمساعدته تعرف الحقائق تماما.

فشغلت الأميرَ كلمات المعلّم عن الطعام والنوم، وفكّر فيها كثيرا، وراقب الناس من قصره وحاول أن يطالع وجوههم فرداً فرداً، ولكنه لم يجد سوى أشباح الظلام، ولم يهتد إلى حل للمسألة، وجواب للسؤال. فأصيب بالفشل والإخفاق، ففي النهاية قرّر أن يتجوّل في مملكته الشاسعة ويبحث عن رجل عنده “القلب الذهبي”، كي يرد الشمس إلى المملكة ويعطي الناس النَّجاة من الظلام القاتم المخيم عليهم. فوضع الأمير على رأسه تاجه الذهبي والماسي، وأخذ صولجانه الذهبي، وارتدى أفخر الملابس وأثمنها، وانتعل حذاءه الذهبي، وركب حصانه الأبلق الأصيل، وحزم زاد السفر من المال والجوهر والفاكهة والطعام. ثم خرج من القصر بحثا عن “صاحب القلب الذهبي”. فرأى في المملكة من الوجوه والمناظر ما ألقى به في الدهشة والحيرة. إنه وجد وجوها ذابلة وشاحبة اللون، وبطونا خاوية وفارغة وأجساما عارية وضامرة، وأشجارا جافة وطرقات زلقة. فتفطّر قلبه حزنا وهما على الرعية وذاب حبا لهم وبغضا على سلطان الظلام. فقسّم جميع ما كان يحمل معه من الثراء والمجوهرات على الناس والفقراء والشحاذين والجياع والنحفاء. ففرح الرعية من الأمير وأشبعه دعاء الخير والبركة، فقرر الأمير أنه سيذهب إلى “جبل الحكمة” حيث تعيش “سيّدة الحكمة والدهور”، ليسألها عن “صاحب القلب الذهبي” وعن مكان وجوده. وكان الطريق طويلا وشاقا، ولكنه صمّم على مقابلة “سيدة الحكمة والدهور”، ليحرر المملكة من الظلام ويعيد إليها الشمس المسلوبة.

وفي الطريق أدرك طاووسا حزينا منتوف الريش، فسأله عن خطبه وأمره، فقال له الطاووس إنني أضعت تاج رأسي بسبب الظلام البهيم، وتركتني الطيور وحيدة، ونفرت مني، فأنا في حاجة إلى تاج، يعيد إليّ سعادتي ومملكتي، ففكر الأمير شمس في أمره، وقال في نفسه عليه أن يساعد الطاووس، ويرد إليه تاجه، لأن فرح الرعية وحبهم هو التاج الحقيقي، فخلع تاجه الذهبي، ووضعه على رأس الطاووس، فتجمعت حوله سائر الطيور وغمر الطاووس الفرح والسرور. وتابع الأمير طريقه بدون طعام ومال، وأخيرا بلغ إلى أرض غارقة في الماء، وكان أهل تلك الأرض حزينين ومضطربين، فسأل الأمير عن مصدر الماء الذي أغرق الأرض، فعرف أن سد المدينة معطوب وفيه ثغرة، يتسرب منها الماء فيغرق الأرض والمزروعات. فتقدّم الأمير، وألقى نظرة على الثغرة الموجودة في السد، ووضع صولجانه في مكان الثغرة، فتوقف تدفق الماء، وعمت السعادة والسرور الفلاحين ودعوا للأمير النجاح والتوفيق. فرددت الريح هذا العمل: “الأمير شمس بدون مال أو تاج أو صولجان، ولكنه صاحب قلب كبير.”

وفي النهاية وصل الأمير إلى موضع يعرف بـ”بئر الأمنيات”. وقد سمع عن هذه البئر في الطفولة كثيرا. وكانت الأماني والأحلام تتحقق عند هذه البئر، ولكن بعد أن غابت الشمس، أصبحت حالها سيئة للغاية؛ كانت فوهتها مهدّمة وجدرانها متهالكة، فقام الأمير في ذلك المكان، وتمنى أمنية لإيجاد “صاحب القلب الذهبي”. ولكن أخبر أحد السكان أنّ البئر معطلة، وقام ملك الظلام بسحرها، ونزع منها أثرها. فسأله إن كان يوجد سبيل لفك اللعنة، فقال هناك طريقة عسيرة المنال ومحفوفة بالمخاطر، وهي إنّ البئر تتطلّب دماء ملكية، لتعمل وتزول منها اللعنة، وإن أمنية متبرع لن تتحقق. وإن يتمنّى فسوف يصبح رمادا متطايرا، فتردّد وارتبك قليلا، ثم سارع إلى خنجره وجرح نفسه، فسال دمه في البئر، فضج بالحياة وشرع الناس يقبلون على البئر، ويمنون لأنفسهم أمنيات.

وتابع الأمير طريقه، وقد أرهقه التعب والجوع والفقر، وتألمت عظامه ومفاصله. ولكنه لم يتخاذل بل وواصل سيره، حتى وصل إلى ملتقى النهرين السحريين اللذين يفيضان عسلا ولبنا. ليتناول شيئا حتى يرد إليه قوته ونشاطه. ولكن وجد النهرين جافين، فلم يجد ما يشبعه ويذهب بجوعه، وكانت البيوت من القش على ضفاف النهرين الجافين، وكان الفقراء يعيشون فيها، وكانوا أيضا يعيشون في الجوع والعطش. فاستقبلوا أميرهم بحفاوة وإكرام. وفي ذلك الوقت نسي جوعه وعطشه، وقد أخبرته عجوز مسنة أن هذين النهرين نهري النسيان، ومصدرهما محتبسان منذ أن غابت الشمس، وبتوقفهما سينتشر نسيان الواجب بين البشر، ولن يزول هذا التوقف إلا إذا ذهب أحد من الناس إلى لبّ الأرض الذي هو مولد الشمس، ونذر ذاكرته عندهما، فينسى كل ماضيه، ويتدفق النهران من جديد. فاستعد الأمير لتضحية الذاكرة في سبيل تدفق النهرين، وأعطته العجوز زجاجة، فيها ترياق سحري، كي يختصر له الطريق الطويل إذا شربه. فشرب الترياق السحري وبلغ إلى لب الأرض في لمحة عين. ووجد حارسا مهيبا فوهب له ذاكرته وطلب منه أن يفجر النهرين لبنا وعسلا. ففعل وانفجر النهران مرة أخرى ولكن الحارس ألقى بالأمير في التيه والظلام، ونتيجة لذلك نسي ماضيه، ولكن أمواج النهرين كانت تردد “صاحب القلب الذهبي” و”الشمس المسلوبة”. فلم ينس الأمير واجبه الذي جاء من أجله. وحاول جنود الظلام أن يمنعوا النهرين من ترديد العبارتين الجميلتين، ولكنهما لم يطيعا أمرهم. حتى الريح رددت نفس العبارة. وتحير الأمير أنه كيف يخرج من تلك الغابة الموحشة فاحتال ولكنه لم يجد سبيلا إلى الخروج. إلى أن سمع صوتا ضعيفا من آدمي فتابعه، حتى وصل إلى رجل مسن عار وضعيف. وكان من الثوار الذين نفتهم جنود الظلام، وقد مات جميع زملائه، فدنا منه الأمير، وتكلم معه قليلا، وعرف حاله فأعطته ملابسه الفخرية وحذاءه الذهبي. وكاشفه بالمقصد الذي كان يجري وراءه منذ زمن قصي، فودعه المسن، وأعطاه عشبة سحرية صفراء ذات زهرة حمراء. فأكل منها، فاستطاع أن يفهم لغة الحيوانات والحشرات.

فتسلّق إلى أعلى جبل بحثا عن “صاحب القلب الذهبي”، ودلته الأفاعي والحيوانات على الطريق. وأخيرا وصل إلى قمة الجبل لـ”سيدة الحكمة والدهور”. فوجد على باب الكهف وحشا رهيبا زعم أنه حارس الكهف، فطلب منه أن يدخله في الكهف، ولكنه أنكر، قال له عليه أن يقدم له هدية قبل الدخول، فلم يجد ما يهديه إليه، فأعطاه عينيه الشفافتين عن طيب خاطر، فدخل على سيدة الحكمة والدهور، وقد تجاوزت ألف عام من عمرها، وغارت قسمات وجهها، ولكن عيناها كانتا تشعان بالنور. فأشفقت على الأمير شمس الذي أصبح هزيلا وجائعا وفقيرا وعاريا وحافيا وأعمى للوصول إليها، وفي حب الرعية ضحى بكل ما كان يملكه.

سألها الأمير عن فتى “صاحب القلب الذهبي” الذي يعيد الشمس والنور في مملكته. فسألته عن هدية قبل أن تجيب على سؤاله. فقال لها بكل براءة أنه لا يملك أي شيء سوى القلب، فطلبت منه القلب، فرضي وتأهّب لإعطاء القلب في خدمتها. لكن السيد ابتسمت وقالت له: يا أميري الصغير الطيب الفتى الذي يضحي بكل شيء من أجل رعيته هو دون شك من يملك قلبا من الذهب، والقلوب لا تصنع من الذهب ولكنها تصبح من ذهب بحب الناس، أنت تحتاج فقط إلى حب الناس ودعوات الناس كي تعيد الشمس المسلوبة، الشمس تعاد بالحب، فقط بالحب، هل سمعتني أيها الأمير الطيب؟ قل لرعاياك أن الحب والتعاون هما من سيعيدان الشمس المسلوبة.”

عاد الأمير إلى مملكته وهو يحمل في صدره قلباً ذهبيّاً يحب الناس ويشاركهم أفراحَهم وأتراحَهم. وحشد جيشا جراراً من المحبين المستعدين لبذل أرواحهم في سبيل استعادة الشمس، فهاجموا على جنود الظلام، وانتصروا على جيوش المملكة المظلمة وعادت الشمس إلى وطنهم، فعمّ السرور والحبور.[17]

*****

الهوامش:

[1]  محمد، المشايخ، معجم أدبيات الأردن وكاتباته، الجزء الأول، الطبعة الأولى، 2012م، اسم المطبع غير مذكور، رقم الصفحة: 105-106.

[2]  شعلان، سناء، صاحب القلب الذهبي، صالح الهيئة العليا، الإمارات العربية المتحدة، أبو ظبي، ص. ب: 45443، رقم الصفحة: 3

[3]  https://www.kataranovels.com/prize/winners-2018/

[4]  زنكتة، سردار، لقاءات أشعة الحروف المشرقة، مجموعة حوارات، الكاتبة الدكتورة سناء شعلان، مطبعة كارو/ السليمانية، الطبعة الأولى، 2011م، رقم الصفحة 129.

[5]  أمين، أحمد، كتاب الأخلاق، مطبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة، الطبعة الثالثة، 1931م، رقم الصفحة:139

[6] الشعلان، سناء، سلطان العلماء وبائع الملوك العز بن عبد السلام، نادي الجسرة الثقافي والاجتماعي.

[7] زنكتة، سردار، لقاءات أشعة الحروف المشرقة، مجموعة حوارات، الكاتبة الدكتورة سناء الشعلان، مطبعة كارو/ السليمانية، الطبعة الأولى، 2011م، رقم الصفحة 129.

[8]  المصدر نفسه، رقم الصفحة: 128.

[9]  الطبري، أبو جعفر، محمد بن جرير، تاريخ الطبري: تاريخ الرسل والملوك، نسخة محفوظة 26 أغسطس 2017 على موقع واي باك مشين. ج: 8، رقم الصفحة: 230.

[10]  Gill، John (2008). Andalucia: A Cultural History, Oxford University Press ,page no: 81

[11]  الهابط، طلعت أبو اليزيد، أدب الأطفال لماذا؟ العلم والإيمان للنشر والتوزيع، كفر الشيخ، رقم الصفحة: 13

[12]  شعلان، سناء، عباس بن فرناس: حكيم الأندلس، نادي الجسرة الثقافي والاجتماعي، رقم الصفحة: 51

[13]  شعلان، سناء، الليث بن سعد: الإمام المتصدق، نادي الجسرة الثقافي والاجتماعي، رقم الصفحة: 68

[14]  الشعلان، سناء، الخليل بن أحمد الفراهيدي: أبو العروض والنحو العربي، نادي الجسرة الثقافي والاجتماعي.

[15]  الشعلان، سناء، العز بن عبد السلام، سلطان العلماء وبائع الملوك، نادي الجسرة الثقافي والاجتماعي، رقم الصفحة: 3

[16]  المصدر نفسه، رقم الصفحة: 21.

[17]  شعلان، سناء، صاحب القلب الذهبي، الهيئة العليا، وزارة الإعلام، الإمارات العربية المتحدة، أبو ظبي.

المراجع والمصادر:

  • الشعلان، سناء، الخليل بن أحمد الفراهيدي: أبو العروض والنحو العربي، نادي الجسرة الثقافي والاجتماعي.
  • الشعلان، سناء، العز بن عبد السلام، سلطان العلماء وبائع الملوك، نادي الجسرة الثقافي والاجتماعي.
  • الشعلان، سناء، الليث بن سعد: الإمام المتصدق، نادي الجسرة الثقافي والاجتماعي.
  • الشعلان، سناء، صاحب القلب الذهبي، الهيئة العليا، وزارة الإعلام، الإمارات العربية المتحدة، أبو ظبي.
  • الشعلان، سناء، عباس بن فرناس: حكيم الأندلس، نادي الجسرة الثقافي والاجتماعي.
  • الطبري، أبو جعفر، محمد بن جرير، تاريخ الطبري: تاريخ الرسل والملوك،نسخة محفوظة 26 أغسطس 2017 على موقع واي باك مشين.
  • الهابط، طلعت أبو اليزيد، أدب الأطفال لماذا؟ العلم والإيمان للنشر والتوزيع، كفر الشيخ.
  • أمين، أحمد، كتاب الأخلاق، مطبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة، الطبعة الثالثة، 1931م.
  • دراسات نقدية عن الأدب الكوردي، (مقالات منتخبة من النقاد)، شهادة إبداعية للأديبة الأردنية سناء الشعلان، من منشورات اتحاد الأدباء الكورد/دهوك، 192، 2010م.
  • زنكتة، سردار، لقاءات أشعة الحروف المشرقة، مجموعة حوارات، الكاتبة الدكتورة ساء الشعلان، مطبعة كارو/ السليمانية، الطبعة الأولى، 2011م.
  • محمد، المشايخ، معجم أدبيات الأردن وكاتباته، الجزء الأول، الطبعة الأولى، 2012م، اسم المطبع غير مذكور.
  • Gill، John (2008). Andalucia: A Cultural History, Oxford University Press.
  • https://en.wikipedia.org.Sana Shaalan.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here