لما انتقل روحك إلي
يونس ابن عبد الله الهندي
باحث في جامعة دار الهدى الإسلامية.
yoonuspang93@gmail.com
————————————-
هذا دمع من دموع حبيبك، وجوهر يدخر قلبك، وسلاسل أربط بها حبك. مررت ألف سنوات على جدب العشق. قد جفت عيناي كساوة وصار ذكرك فيّ غبارا في الكوى. فارقتني يوما ازدهر فيه حبنا وغبت مني يوما نوّر قلبي عشقنا. شممت دمي، وا عجباه! رائحة الريحان، أم كنت جاريا فيّ أو نقلت دمك إلي.
عندما كتبتك في ورق، كانت أيامي حزنا وشجنا وكان نهاري مظلمة وبدني ممثلة والألفاظ التي أحيت ذكرك ما زال مهتكا أجسامي ومسهرا منامي. كنت آخذا زمام عيني من ذرفة الأدمعة و رماني سهما مسموما على نفسي.
يا من نطقت كل قطرة من دمي بأني أعشقك وأصبحت وأنت بحياتي وإن كان لا بد من الموت فأنا أتمني أن أموت وأنت بجانبي. أحببتك وسأظل أحبك وكم أحبك وحبي بدرجة الجنون، أحبك يا آية في الجمال ويا أحلى ما في الأكوان عقلي لا يفكر إلا فيك وكل نبضة بقلبي لك.
اعلم، لم أكن صاحبك الذي يخدعك بالملق ولم أكن فرحا عندما كنت ترحا وكنت لك مؤنسا في حزنك وسرورك . الثلج نزيل الشتاء والشمس نزيل الصيف والزهور نزيل الربيع وأنت نزيل عمري. ووجهك مدفون في عيني، يا ليت إحساسي حبرا وسماؤك ورقا.
ما كنت حيا ولا ميتا حينما تساقطت مني وصار حبي أرملا وقلبي عنك معقولا ودموعي جدولا وليس في الأرض حجر ولا ثقب إلا وقد فتشتك فيها ولا تظن هذه كلها حبر قلمي، بل قلب حبيب أحبك خالصا وأسلم نفسه لك والله إن كنت روحا عذبا في التراب لأطير إليك وشيكا. ذكرت شعرا حينما كتبت هذه الرسالة إليك:
“إني المنية لم أكن بميت
ما دمت في عمق القلوب ذكرا”
والله إن كانت الشمس زمام النهار والقمر قائد الظلام فأنت مطوال عيشي. كل ما ألمك ألمني وكل ما أزعجك أزعجني وكل ما أسرك أسرني، فلذا لا تحرمني من تبسمك السنية.
كأن حبنا زهرة، ولا بد أن نرويها كل يوم بالوفاء. لو كانت القلب والعين تنطق ليس لي إلا شفاه تقول”أحبك” لأجلّّي الحب ولكن
حبّك صمت يستعصي على الألفاظ التعبير عنه، وحبّك بوح ما تحمل قواميس الدنيا معناه. الثلج هديّة الشتاء، والشمس هديّة الصيف، والزهور هديّة الربيع، وأنت هديّة العمر. صورتك محفورة بين جفوني، وهي نور عيوني، عيناك تناديان عينيّ، يداك تحتضنان يديّ، همساتك تطرب أذني
وهنا أختتم كتابتي لأنه لو كانت المداد بحرا في حياتك كلها لنفذ البحر قبل أن تنفذ ذكرك ولو جئنا بمثله مددا.
……………….. ***** ……………….