اللُّغة العربيَّة والهُويّة الثّقافيَّة: التَّحدِّيات والآفاق المُستقبليّة
:بقلم
د. زهراء علي دخيل
دكتوراه دولة في اللُّغة العربيَّة وآدابها- الجامعة اللُّبنانيَّة.
profzahraa@gmail.com
——————————
ملخص البحث:
تناولت هذه الورقة البحثيّة موضوع “اللُّغة العربيّة والهُويَّة الثَّقافيَّة التَّحدِّيات والآفاق المُستقبليّة”. تناولت الباحثة موضوع الدِّراسة من خلال الآتي:
التركيز على آفاق العلاقة بين اللُّغة والهُويَّة، وأهمِّيَّة اللُّغة؛ لأنّها تُمثّلُ وعاءً يحمل موروث الأُمّة وتُراثها، وحضارتها، وانتماءها الإنسانيّ، وخُصوصيّتها القيميّة، وثقافتها، وإبداعها.
تتميّز اللُّغة العربيَّة بمُميّزات عدّة؛ وقد ارتبطت بالقرآن الكريم محتوى ومبنى، وجوهرًا، وأصالةً، كما ارتبط بها فكر الإسلام: حديثًا، وشعرًا، وأدبًا، وفقهًا، وسيرةً.
وتمّت الإشارة إلى الاعتزاز اللُّغويّ؛ إذ تُمثّل اللُّغة إحدى مظاهر الاعتزاز لدى الإنسان، إلى جانب ما يعتزُّ به من انتماء إلى الوطن، والقوم، والدِّين. والنّاظر المُمعن إلى بدايات مراحل نشوء الحضارات والأُمَم والدُّول القويّة يلحظ جليًّا اعتزاز المُجتمعات بمُقوّماتها الهُويّاتيّة وفي صدارتها اللُّغة؛ فكانت من أسباب النُّهوض، وتقوية الإرادة في العمل، والرُّقيّ، والرّيادة، والسّيادة. وتمّ التّركيز على دور بعض المُستشرقين والمُبشّرين في بثّ الفرقة والانقسام بين أبناء الأُمّة الواحدة. كما تكثّف البحث في تحدّيات الهُويّة الثَّقافيّة العربيّة…؛ فتطلّبت معالجةً عميقةً، وتبنّي وسائل فاعلة، ومهارات خاصّة، وأدوات معرفيّة مُتخصِّصة.
واختتمت الورقة البحثيّة بمجموعة من التّوصيات تؤكّد تعزيز دور اللُّغة العربيّة، وإعادة دولة اللُّغة العربيّة، وإحياء مجدها بعصورها الزّاهرة كعصر صدر الإسلام، والقرن الرابع الهجري؛ إذ كانت اللُّغة العربيّة اللُّغة العالميّة الأولى في العالم. والاستفادة من تجربة السّياسات اللُّغويّة للعالم الغربيّ في الحفاظ على لغاتهم، ونشرها وتطبيقها في الدُّول الإسلاميّة، مثل: ربط العربيّة بسوق العمل. وتوضيح للعالم أهمّيّة اللُّغة العربيَّة وصلاحيّتها، وتعزيز مكانتها، والاهتمام بها، وإيلاء العناية بها، والعمل على تدوين العلوم والمعارف باللُّغة العربيّة؛ لثباتها، وبقائها، واستمراريّتها، وقوّتها، ومرونتها. وقد أثبتت التّجارب عبر التّأريخ أنّها خرجت من محنٍ كبيرةٍ قويّةً منتصرةً.
الكلمات المفتاحيّة: اللُّغة-الهُويّة- الانتماء- المواطنة- العولمة- المحتوى الرقميّ العربيّ-الاستعمار المعلوماتيّ-السِّياسة اللُّغويّة-التّخطيط اللُّغوي.
تساؤلات الدّراسة :
-هل يُعدُّ الحفاظ على اللُّغة والهُويّة والانتماء فرضًا دينيًّا ؟
-هل تُعدُّ قضايا اللُّغة والهُويّة والمواطنة قضايا مُهمّة ومُلحّة في عصر العولمة المُحطّم للخُصُوصيّات والانتماء والهُويّات؟ وما أثر فقدان الهُويّة على الأُمّة العربيَّة؟
– ما أهمِّيَّة اللُّغة العربيّة وما الدَّور الَّذي أدّته قديمًا، وتؤدّيه حديثًا في الرُّقيّ بالأُمّة العربيّة؟
-لماذا نحافظ على اللُّغة العربيّة؟. ما مدى ارتباط الفرد العربيّ بلغته الأُم ؟
– ماذا عن مُخطّطات التَّغريب محاولًة كشف القناع عن وجهها الخبيث؟
– ما التَّحدِّيات الَّتي تُواجه اللُّغة العربيَّة في عصر المعلومات والعولمة ؟
– ما دور المحتوى الرَّقميّ العربي في الحفاظ على الهُويّة؟
-ما التَّوصيات والمقترحات للحفاظ على اللّغة والهُويّة؟
أهمِّيَّة الدِّراسة:
لقد حدثت تحوُّلات اقتصاديّة، وسياسيّة، واجتماعيّة، وثقافيّة مُتعدّدة الأبعاد، تخترق الوجود؛ لتحطيم ثوابت الفكر، وتراجع القيم الأخلاقيّة، فخطر الثَّقافات الأخرى على ثقافتنا العربيّة يسعى إلى إلغاء الهُويَّة والانتماء، وعلى أبناء العربيّة رفض الهيمنة من الدُّول الكبرى؛ لتدعيم الثَّقافة العربيّة الإسلاميّة ، واستنهاض آليات الحفاظ عليها من تحدِّي الاختراق الثَّقافيّ والحفاظ على الهُويّة في العصر الرّقميّ .
إنّها دراسة ضروريّة ومُلحّة لأغلب الموضوعات المُتعلِّقة باللُّغة والمواطنة والهُويّة مثل؛ المحتوى العربيّ، والتّعليم، والبحث العلميّ، وغيرها، وتشرح أهمّيّة اللُّغة والمواطنة والهُويّة والعلاقة بينهما، وتعالج تأثير الانفتاح المعلوماتيّ على المُتأثّرين به خاصّة الشَّباب والأطفال، وغيرهم.
ترجع أهمّيّة هذه الدِّراسة إلى استنهاض اللُّغة العربيّة وتطويرها. ومِنْ ثَمَّة إيجاد آليَّات لتطوير الرّقمنة ، وإثراء المحتوى العربيّ الرقميّ على الإنترنت .
أهداف الدراسة:
-الدَّعوة إلى الحفاظ على الهُويّة الوطنيّة والهُويّة اللُّغويّة العربيّة خاصّة.
-السّعي إلى تقديم جهود وأفكار مائزة تخدم الشّأن اللُّغويّ في بلداننا العربيّة.
-دعوة المُؤسّسات اللُّغويَّة إلى نشر فكرة الاهتمام والاعتزاز باللُّغة واللُّغة العربيّة خاصّة.
منهج الدِّراسة:
إنّ المنهج المناسب لدراسة هذا الموضوع هو المنهج المنطلق من توصيف الحال والمقام احتفاءً بالأسلوب العلميّ الرّصين في البحث، والّذي يتمثّل بتسجيل، أو تدوين العلاقة بين اللّغة والمواطنة والهويّة، ومعرفة التّحدِّيات الَّتي تواجه رقمنة الإنتاج الفكريّ، والتُّراث العربيّ، ودَرسها وتفسيرها وتحليلها منعًا للإسقاط، فيكون الانطلاق من العناصر لا من إقحام القاعدة على الواقع، وذلك بقصد التّوصُّل إلى حقائق، ونتائج علميّة، تحفل برصد العلاقة بين اللّغة والمواطنة والهويّة، ودرس السّياسات اللّغويّة والتّخطيط اللّغويّ للّغة العربيّة والآفاق المستقبليّة، وتحليلها، ومناقشتها، وتفسيرها. وعليه، يحتكم العمل إلى المنهجين: الوصفيّ والتّحليليّ.
تمهيد:
موضوع الدِّراسة “اللُّغة العربيّة والهُويّة الثّقافيّة التّحدّيات والآفاق المستقبليّة” من القضايا الأساسيّة الَّتي شغلت قطاعات المُثقّفين والسّياسيِّين والإصلاحيِّين في الوطن العربيّ، وعقدت فيه مؤتمرات وندوات كثيرة، ناهيك عمّا كتب من موضوعات ودراسات لا حصر لها، وهذا الاتّجاه ليس بالجديد؛ وإنّما هو قديم جدًّا، إلّا أنّ المعالجة والمرجعيّة تختلف باختلاف المُتغيّرات من حولنا بسرعةٍ رهيبةٍ.
اللُّغة والمواطنة والهُويّة:
ينعقد هذا العنوان من ثلاثة ألفاظ تربط بينها علاقة العطف بحرف العطف “الواو” ، ولعلّها تُفيد بهذا العطف شدّة التَّماهي بين المصطلحات الثّلاثة المذكورة، وتُشير إلى التَّطابق على نحو يمكن القول: لا مواطنة من دون هُويّة، ولا هُويّة من دون لغة.
إنّ اللُّغة هي انتماء وهُويّة وثقافة وسيادة وطنيّة. ووعاء يحمل موروث الأمة العلميّ والتَّأريخيّ والأدبيّ. ويجعله تراثًا حيًّا يتداوله أبناء الأُمّة. كالأتراك انفصلوا عن موروثهم وحضارتهم. وهي كيان كإحياء العبريّة. وتقيم روابط الاتّصال والانسجام بين أبناء الأُمَّة الواحدة. وبين تأريخهم. قال فيلسوف الألمان فيخته: “اللُّغة تجعل من الأمّة النّاطقة بها كلًّا مُتراصًّا”. وقال فوسلر: “إنّ اللُّغة القوميّة وطنٌ روحيّ للإنسان”.
تُعدّ اللغة إحدى مظاهر الاعتزاز لدى الإنسان، إلى جانب ما يعتزُّ به من انتماء إلى الوطن والقوم والدِّين. والنّاظر المُمعن إلى بدايات مراحل نشوء الحضارات والأُمم والدُّول القويّة يلحظ جليًّا اعتزاز المجتمعات بمقوماتها الهُويّاتيّة وفي صدارتها اللُّغة؛ فكانت من أسباب النُّهوض، وتقوية الإرادة في العمل والرُّقيّ والرِّيادة والسّيادة.
لا ينبغي لأبناء اللّغة العربيّة أن يقفوا موقف المُتفرّجين ،وهم يرون الأُمم الّتي تنهض بلغتها خدمةً وتوسيعًا ونشرًا وتصديرًا. فالاهتمام باللُّغة مشروع وحقّ لكلِّ ناطق . فأبناء الأُمّة العربيّة مطلوبٌ منهم المحافظة على ذلك الإرث والكنز الحضاريّ الَّذي امتازت به لغتنا العربيّة، ويكون الاهتمام باللُّغة العربيّة دافعًا إلى الجِدّ والجدِّيَّة في العمل على مختلف جوانب اللُّغة الَّتي ما زالت تحتاج إلى النّظَر والتّفعيل.
فعلم اللُّغة العربيّة من أشرف العلوم مكانةً، ومن أهمّها مركزًا، وعليها تُدارُ العلوم، وتُفهم الفنون” وحسبُكَ من شرف هذا العلم أنّ كلّ علم على الإطلاق مُفتقر إلى معرفته، محتاج إلى استعماله في محاورته، وصاحبه فقير مفتقر إلى غيره، وغير محتاج إلى الاعتضاد، والاعتماد على سواه، فإنّ العلم إنّما هو باللّسان، فإذا كان اللِّسان معوجًّا حتى يستقيم ما هو به”[1] .
إنّ اللّغةُ لَيْسَت أداةً للتّعبيرِ فَحسب، ولا وَسيلةً للتّواصُلِ بينَ الأفرادِ، ولكنّها شأن من شُؤونِ الهُويّةِ، والأمنِ القوميّ، والسِّيادَةِ الوطنيّةِ، في كلّ بَلَدٍ، أو وَطنٍ، أو أمّةٍ. والهُويةُ مَفْهومٌ يَعْني الإحساسَ بالانتماءِ إلى الوطن، أو الدّينُ والثّقافَةُ. واللُّغةَ هي الهُويَّةُ ذاتُها، وثَقافةُ الأمّةِ كامنةٌ في لغتِها، وما من حَضارةٍ إنسانيّةٍ إلَّا وصاحبتْها اللُّغةُ، وما من صراعٍ بشريٍّ إلَّا ويكْمُنُ خلْفَه صراعٌ لغويٌّ خَفيٌّ[2].
وجوهر السّيادة هو الحفاظ على الهُويّة، واللُّغة أول دعائم هذه الهُويّة، والحفاظ عليها حفاظ على مُقوّمات الأُمّة وبقائها وحضارتها وسيادتها. وهي الكيان والتَّأريخ..
تكاد تنحسر اللُّغة العربيّة تدريسًا ودراسةً على وفق مناهج قديمة في أقسام اللُّغة العربيّة في الجامعات، وهي أقسام معزولة عن المجتمع ومؤسّسات الدولة الثّقافيّة والإعلاميّة وكذلك السّياسيّة. فضلًا عن أنّ الغالبيَّة العظمى من التّدريسيِّين ليس لهم أثر واضح ولا فرص لبلوغ مواقع اتّخاذ القرار، ووضع السِّياسات اللُّغويّة الرَّصينة، والتّخطيط اللُّغوي السّليم. ناهيك على أن المُتصديّن للمسؤوليّة وأصحاب القرار لا يعون أهمّيّة اللُّغة العربيّة نفسها في السِّيادة الوطنيّة والتنمية والهويّة الوطنية.
لوصول أحد المُتخصّصين بها إلى موقع مُتقدّم. يذكرنا ذلك بقادة الأُمّة الإسلاميّة عندما كانت الأُمّة في أوج قوّتها وحضارتها، فقد تولّوا رعاية اللُّغة العربيّة بأنفسهم، وأصدروا الأوامر والقوانين بالحفاظ على سلامتها، ومعالجة اللّحن فيها، ودعم علمائها وتكريمهم وتقريبهم، وتعضيد مؤلّفاتهم. وتشجيعهم لدراسة مزاياها وخصائصها وأسرارها؛ إذ كانت نشأة علوم اللُّغة العربيّة والعناية بها بتوجيه من أعلى جهات في الدّولة الإسلاميّة والعربيّة، وبإشراف مباشر من قادة الأُمّة الإسلاميّة وتشجيعهم ومُتابعتهم ولا سيّما الامام علي كرّم الله وجهه. لذلك، تميّزت اللُّغة العربيّة بسرعة انتشار لا نظير لها عبر التّأريخ ؛ ما أذهل علماء تاريخ اللُّغات من المستشرقين. وقد تميّزت بأضخم تراث شهده العالم من كتب، ودراسات، ومخطوطات.[3]
عندما تكون العناية صادرة من الجهات العُليا في الدّولة يُعدّ ذلك انتصارًا للّغة العربيّة. ذلك أنّ من طبيعة المجتمع الاقتداء بقادته، والالتزام بالسّياسة الّتي ترسمها الدّولة؛ ما يسهم في تعزيز مكانة العربيّة في نفوس أبنائها، والحرص على سلامتها. ذلك أنّ الحفاظ على اللُّغة هو حفاظ على الهُويّة الوطنيّة والثّقافة والتّأريخ، وتلك مَهمّة قادة البلدان ونخبها ومؤسّساتها العلميّة؛ لتحافظ اللُّغة العربيّة على المكان الّذي يليق بها.[4]
أوّلًا-آفاق العلاقة بين اللُّغة والهُويّة:
هناك الكثير من الأمثلة الواقعيّة في بلاد العالم الّتي لا تقف على بلد واحد حقّق ما وصل إليه من تقدُّم علميّ بغير لغته الوطنيّة، فاليابان، والصين، والبرازيل، وفلندا، وكوريا،…حتى إنّ إسرائيل لم تُقم كيانها إلّا على لغتها القوميّة، اللغة العبرية، فقد هجر من هاجر إلى إسرائيل لغته الوطنيّة، كالألمانيَّة، والنمساويَّة، والروسيَّة[5] “وأحيوا لغة أخرى ماتت علميًّا منذ ألفي سنة…وشتّان بين اللُّغتين: العربيّة، والعبريّة في مسيرة الحضارة الإنسانيّة”[6]
هناك مقولات كثيرة تربط بين اللُّغة والسّيادة مثل كفاح الثّورة الجزائرية بوجه اللُّغة الفرنسيَّة… قال: عثمان سعدي رئيس الجمعيَّة الجزائريّة للدّفاع عن اللُّغة العربيّة وضع اللُّغة في الجزائر[7]؛إنّ: (أي ثورة لا يمكن لها أن تُعدّ ناجحة إلّا إذا حقَّقت هدفين: تحرير الأرض وتحرير الذّات، وتحرير الذّات لا يكون إلَّا بسيادة لغة البلاد، وإنّ “توطين العلم وما ينجم عنه من تقنيّات يستحيل قطعًا خارج اللُّغة الّتي بها نكون، ومعها نتماهى، والّتي هي في الوعي الفرديّ كما هي في الوعي الجمعيّ الرمز الأعلى المُعبّر عن الهُويّة”[8]. وثورة الفيتنام حقّقتهما الاثنتان انطلاقًا من مقولة زعيمها (هوشي) في كلام مُوجّه إلى الفيتناميِّين: “لا انتصار لنا على العدوّ إلّا بالعودة إلى ثقافتنا القوميّة ولغتنا الأُمّ، فحافظوا على صفاء لغتكم الفيتناميَّة كما تحافظون على صفاء عيونكم، حذارِ أن تستعملوا كلمةً أجنبيّةً في مكانٍ بإمكانكم أن تستعملوا فيه كلمةً فيتناميّةً”[9]. وكوريا مثال واضح على ذلك أيضًا، فقد تمكّنت من تحقيق طفرة علميّة وتقانيّة مكّنتها من الحصول على موقع مُنافس في موكب الدُّول المُتقدّمة بلغتها الوطنيّة، وتصدّرت التّقانة والخبرة ما يساوي، أو يفوق ما تصدره أغنى بلداننا بموارد الطّاقة”[10]. وقد سادت الفرنسيَّة في الجزائر لسيادة الاستعمار الفرنسيّ على الجزائر، وأصدر قانونًا في العام 1794م نصّ مادّته الثّالثة كما يلي: “كلّ من يوقع وثيقة ابتداء من يوليو بلغة غير اللُّغة الفرنسيَّة يمْثل أمام محكمة حيَّة، ويُحكم عليه بستّة أشهر سجنًا، وبالطّرد من الوظيفة”)[11].
من نماذج ذلك ما أصدره الرئيس الفرنسيّ في الجزائر إبَّان الاحتلال في العام 1937م من قرار بعقوبة كل من يخاطب السُّلطات الفرنسيَّة بغير اللُّغة الفرنسيَّة الإعدام .
عرف العرب شدّة التَّلاحم بين هُويّتهم الحضاريّة وأمنهم اللُّغويّ، وأدركوا أن “ليست العلاقة بين اللُّغة والهُويَّة مبحثًا ثقافيًّا أنثروبولوجيًّا؛ وإنّما هي مبحث سياسيّ إستراتيجيّ”[12]، فأيّما شعب “فَقَدَ استخدام لغته الأُم فإنّ ذلك سيؤدّي إلى طمس ذاتيّته الثّقافيّة، وفقدانه هُويّته”[13].
“ولا وجود لمجتمع المعرفة الَّذي يسعى إلى التنمية، ويجعل الاقتصاد خادمًا للمعرفة، ومُستثمرًا لها في الوقت ،خارج دائرة اللُّغة القوميّة. وهذا يؤكّد لنا أنّ إتقان اللُّغة القوميّة سمة من سمات اكتمال الشَّخصيّة في كل الدول المُتقدّمة”[14].
إذن، لا يعني الدُّخول في مجتمع المعرفة، والأخذ بشروط التنمية المُتجدّدة التّخلّي عن اللُّغة القوميّة؛ بل ذلك يؤكّد أن لا سبيل إلى الأخذ بأسباب التنمية عن طريق المعرفة إلَّا بالاعتماد على لغة قوميّة تجمع ولا تُفرّق، تُؤصّل ولا تستأصل،…فلا مجال لأيّ مجموعة بشريّة أن تتشبّع روح العصر، وتتناهى في استسقاء مناهل التّفكير العلميّ… إلّا بمنظومةٍ أدائيّة في مجال التعبير تسكب فيها عُصارة الحياة ،وتصنع منها مراجعها في السُّلوك، ومعاييرها في القيم”[15].
اللُّغة هي الصوت، أو اللفظ؛ لأنّ الأصل فيها التّصويت، ثمّ أصبحت تطلق على معان أخرى فقيل: لغة الإشارة، ولغة الأرقام، ولغة الجسد؛ وتُمثّل اللُّغة العربيّة مثل غيرها من اللُّغات ظاهرة اجتماعيَّة، وهي تحمل ذلك الطَّابع الاجتماعيّ منذ نشأتها، وقد تجسّد ذلك الطّابع بصورةٍ واضحةٍ في الحدّ الّذي وضعه ابن جنّي (ت392ه) للُّغة.
فاللّغة اصطلاحًا: “أصوات يُعبّر بها كل قوم عن أغراضهم”[16]. فهي “منظومة مُؤلّفة من أصوات منطوقة، أو مكتوبة مترابطة وفقًا لقواعد بنائيّة مُعيّنة في سبيل تحقيق الاتصال الفكريّ والعاطفي بين النّاس”[17].
كانت اللُّغة العربيّة منذ نشأتها في مواجهة عددٍ كبيرٍ من التّحدّيات، كان الهدف الأكبر منها هو إضعافها بوصفها رابطةً قوميّةً تعمل على توحيد الأمّة العربيّة، وتُبعد عنها شبح التَّفرُّق والتَّشرذم.
نظر هيدغر إلى أنّ “اللُّغة هي منزل الوجود، وفي بيتها يسكن الإنسان. ولذا، يحسن بالإنسان قبل أن يبدأ بالتفكير الاعتراف بأنّه منغمس في اللُّغة، وإنّ عليه أن يصغي إلى ما تقوله الكلمات”[18]؛ بل وصل الأمر بهيدغر إلى عدم عدّ الإنسان موجودًا ما لم توجد اللُّغة، فإذا كان الإنسان حامل اللُّغة، فلا يعني هذا أنّه هو الذي يُشكّل اللُّغة ؛بل إنَّ اللُّغة هي الَّتي تُشكِّل الإنسان، وتُسيطر عليه، وهي سيِّدة أمره، ولذلك يدعو إلى البحث في المنجز اللُّغويّ لا في المنجِز-بكسر الجيم-؛لأنّ اللُّغة هي الّتي تتكلّم عمّا في نفس صاحبها، فهي التي تتكلّم وفقًا لمشيئتها الخاصّة، والإنسان حينما يتصرّف يعدّ نفسه سيّد لغته، في حين أنّ الواقع هو أنّ اللُّغة هي سيّدة أمره، تأخذ بيده إلى هنا وهناك. ولذا، وجب إلقاء الضّوء على اللُّغة الّتي يستعملها المتكلّم لا على المتكلّم نفسه.[19] ورأى هيدغر أنّ “التدمير الوحيد الّذي يصيب اللُّغة هو اختزالها تقنيًّا إلى مجرّد وسيلة التَّواصل”[20]؛ وفيه إشارة إلى أهمّيّة اللُّغة ومكانتها في التَّشكيل الفنّيّ، فاللُّغة حجاب يشفُّ عن الفتنة، لا شاشٌ مُعقّم[21]،”فالبِنْيات التَّشكيليّة الّتي هي الأدب بِنْيات لغويّة”[22]؛ بل إنّ الدّراسات اللُّغويّة لا تصبح دراسات أدبيّة إلَّا حين تفيد؛ أي حين تهدف إلى تقصّي الآثار الجميلة للّغة”[23].
لا يعني ذلك أن ليس للغتنا خُصُوصيَّة على مدى التّاريخ تجعل منها أسّ الهُويّة العربيّة، ذلك أنّها الحامل الذي حمل نصّها المُقدّس، فأكسبها بُعدًا مُقدّسًا، فهي ليست ذات بُعْدٍ عرقيّ إثنيّ؛ إذ ” ليست العربيّة بأبٍ منكم ولا بأُم، ولكنّ العربيّة هي اللِّسان، فمن تكلّم بالعربيّة فهو عربيّ” “والعربيّة هي العروبة والانتماء إلى العرب، وما العربيّة إلَّا انتماء لغويّ في المقام الأول، وإنّ خسارة اللُّغة لا تعني افتقاد عنصر تواصلٍ وتعبير؛ بل تعني افتقاد الانتماء وافتقاد الهُويّة” .[24]
“فاللُّغة العربيّة هي الخزّان الحقيقيّ لهويّتنا، والوسيلة الفضلى للإبداع العربيّ والحضاريّ، وثقافتنا الّتي نباهي بها الدنيا،… ولا بدّ من تثبيت هذه الهويّة بتعزيز الانتماء إلى اللُّغة الأُم”.[25]
تُعدُّ اللُّغة العربيّة لغة قوميّة لما يقارب 370 مليونا، وكما تُعدّ مرجعيّةً معنويّةً لحوالي مليار ونصف من المسلمين غير العرب، وهي شاهد حيّ على الأصول الّتي كانت نقطة استلهام الغرب، ولها الفضل في ما وصلوا إليه من تطوُّر ونهضة علميّة في مختلف الميادين. فالغرب مُدرك تمامًا بأنّ اللُّغة العربيّة حاملة تراث عريق، وناقلة معرفة. لذا، عمد الغرب إلى التَّربُّص للغتنا، فسلك دعاة العولمة في ذلك مسلك الحرب الباردة تجاه اللُّغة العربيّة؛ وهي حرب تقوم على أمور عدّة: إرباك اللُّغة ذات المتانة الرَّمزيّة بدفعها نحو التَّشظِّي، وتفتيت قوميَّات مُتماسكة، وزعزعة الثَّقافات الرَّاسخة.[26]
إذن، لا بُدّ لنا من تثبيت هُويّتنا، وتعزيز انتمائنا إلى اللُّغة الأُم، وإشاعة ثقافتنا الَّتي أُريد لها الانحطاط.
ثانيًا-المواطنة لغةً واصطلاحًا وأهمّيّةً:
لقد تطوّر مفهوم المواطنة عبر مراحل تاريخيّة وحضاريّة ما صعب من وضع تعريف جامع مانع له وخاصّة أنّه يُعدّ مُصطلحًا سياسيًّا مُتحركًا، إلّا أنّ ذلك لم يمنع من تعريفه.
إنّ تناول مبدأ المواطنة يتطلّب ابتداءً التّطرُّق إلى التّعريف اللّغويّ والاصطلاحيّ للمواطنة لتحديد الأساس الّذي يتمّ الانطلاق منه.
يبدو التعريف اللُّغويّ صعبًا بشكل ما، وذلك لأنّ تعبير المواطنة هو تعبير حديث دخل على اللُّغة العربيّة بعد أن وضعت معاجمها القديمة بغرض التعبير عن مفاهيم معاصرة، ومع ذلك يمكن محاولة استخلاص أقرب التّعريفات الواردة في المعاجم القديمة([27]).
لقد عرّف اللّغويّون المواطنة بأنّها لفظ مشتق من الوطن وهو المنزل الذي يتّخذه الانسان مكانًا للإقامة، وهو وطن الانسان ومحلّه وأوطنت الأرض ووطنتها توطينًا واستوطنتها؛ أي اتّخذتها وطنًا، والمَواطِن جمع مفرده موطن. والوطن مشهد من مشاهد الحرب[28]. وفي التّنزيل العزيز :﴿ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ﴾[29].
في حين عرف معجم المنجد الوطن بأنّه مكان إقامة الإنسان ومقرّه ، إليه انتماؤه ولد به، أو لم يولد[30].
وكانت تعني المدينة بوصفها بناءً حقوقيًّا ومشاركة في شؤون المدينة (polis) يعود أصل كلمة المواطنة ومدلولها إلى عهد الحضارة اليونانيّة القديمة ، كما تستعمل كلمة المواطنة كترجمة للكلمة الفرنسيّة(citoyennete,) وهي مشتقّة من كلمة (cite,) وتقابلها باللُّغة الإنكليزيّة كلمة (citizenship) المشتقّة من كلمة (city) ؛ أي المدينة[31].
أمّا المواطن فهو عضو في دولة بالولادة، أو بالاختيار ويترجم(citizens) وجماعة المواطنين، أو المواطنين قاطبة بـ (citizenry)[32].
إنّ الترجمة العربيّة للمفردة الإنكليزيّة(citizenship) بـ “المواطنة” يمكن عدّها ترجمة مقبولة ومُوفّقة، حيث رأى الباحثون والمفكّرون العرب تأصيلًا للمفهوم وتقريبًا له من ذهن الإنسان العربيّ، وربطه بفكرة الوطنيّة ذات الأهمّيّة المركزيّة في العمل المشترك بين جميع المواطنين من أجل النّهضة الحضاريّة، ومن أجل تحقيق الاندماج الوطنيّ، وبناء الدولة بوصفها مؤسّسةً مستقلّةً عمن يحكمها يتساوى المواطنين جميعهم في القرب والبُعد منها، ويتمتّعون جميعًا بحقوق مدنيّة وسياسيّة واجتماعيّة، كما يتحمّلون واجبات مُتساوية دون تمييز[33].
ما يلاحظ أنّ المعاجم العربيّة تركّز بشكل رئيسِ على الوطن ، وليس للمواطنة فيها أيّ ذكر، ولكن إذا أخذنا مصطلح (المواطنة) بالقياس اللُّغويّ على وزن (مفاعلة)؛ أي المشاركة ، فيكون معنى المواطنة تشارك عدد من المواطنين في العيش معًا على أرض واحدة، أو في وطن واحد ويُشكّلون مجتمعًا معيّنًا، أو دولة بالمعنى الحديث بحساب أنّ الدولة (تعاقد اجتماعيّ) بالدرجة الأولى، حيث يتمتّع المواطنون جميعهم بالحقوق والواجبات ذاتها[34].
وعليه، فإنّ كلمة المواطنة في اللُّغة العربيّة أكثر دقّة من المفاهيم اللُّغويّة الأخرى؛ لأنّها مفاعلة بين اثنين، أو الذين يصبحون عشرات، أو مئات، أو الملايين، يتفاعلون حول الوطن فيقتسمون كلّ الانتماءات، وكلّ الحقوق والواجبات[35].
أمّا الهُويّة فهي مصدر صناعيّ يدلّ على جوهر الشَّيء، وماهيّته مع التشخُّص، والهُويّة نسبة إلى (هو)، أو (الهو)، ويُراد به عند الفلاسفة الغيب، أو الحقيقة المُطلقة، أو الله.[36] وقد أخذ يدلّ على ذلك الجوهر الثّابت في الشيء الذي به يتعيّن ذلك الشيء ويتحدّد، وبه يتمايز عن [كذا] غيره ويختلف”[37] .
ثالثًا-دور بعض المستشرقين والمبشرين في بثّ الفرقة والانقسام:
في العصر الحديث، نجد أنّ الهجمة على اللُّغة العربيّة تزداد شراسةً وقوّةً أكثر ممّا كانت عليه في العصور السّابقة، وقد أسهم فيها عرب وغير عرب، بدأ تلك الحملة المستشرقون والمبشرون الأجانب لتحقيق مآرب معروفة خطّطوا لها منذ زمن بعيد، وفي مُقدّمتها الفصل بين اللُّغة المستعملة والقرآن الكريم؛ لكي تفقد اللُّغة العربيّة صفة القُدسيّة الّتي اكتسبتها حين اختارها الله لغة لنزول كتابه العظيم، فإذا تحقّق ذلك فَقَدَت اللُّغة دورها بوصفها رابطةً قوميّةً لها أثرها في توحيد الأُمّة العربيّة، وهذا ما يحقق الأغراض التي خطّط لها المستعمرون من تفريق أبناء الأُمّة الواحدة وتمزيقهم، وهي سياسة معروفة عند المستعمرين.[38] والأكثر غرابةً من ذلك هو تأثّر عدد من علماء العربيّة بتلك الدَّعوات، وتأييدهم ما يدعون إليه أولئك المستشرقون. ويُمكن إيجاز ذلك:
1-الدَّعوة إلى استعمال اللُّغة العامّيّة بدلًا من اللُّغة الأدبيّة الفصحى.
2-الدَّعوة إلى كتابة اللُّغة العربيّة بالحروف اللَّاتينيّة؛ بدعوى سهولة تعلّم تلك الحروف، وعلى غرار ما عُرف في اللُّغة التّركيّة.
3-السِّياسة الَّتي اتّبعتها القوى الَّتي سيطرت على الوطن العربيّ، واقتسمت أقطاره قبل الحرب العالميّة الأولى وبعدها مثل: الدولة العثمانيّة، وفرنسا، وغيرها…
4-الدَّعوة إلى إلغاء الإعراب الَّذي عُدَّ من أهمّ خصائص العربيّة ، وتنماز به من سائر اللُّغات.
5-الدَّعوات الَّتي توالت لإصلاح النَّحو، وهي قسمان:
الأولى: كانت غايتها الإصلاح والتّجديد من أجل تيسير النّحو، وتذليل صعوباته الّتي كانت مثارًا للشّكوى، وذلك ممّا لا غُبار عليه.
الأخرى: الدَّعوات الَّتي كانت غايتها هدم البناء الّذي شاده العلماء منذ القرن الأوّل الهجريّ، واتّخذت من التّيسير غطاء لتنفيذ ما تريده، وتلك الدَّعوات كانت تحمل أهدافًا بعيدة المدى غايتها القضاء على تلك الأصول الّتي أرساها العلماء، ومن بين تلك الدَّعوات ما ذهب أصحابه إلى المطالبة بإلغاء الإعراب التّقديري والمحلّيّ، أو الدّعوة إلى إلغاء باب المثنَّى من العربيّة والاستغناء عنه بباب الجمع بحجّة أنّه غير موجود في بعض اللُّغات، ومن ذلك أيضًا الدَّعوة إلى إلغاء حركات الإعراب الفرعيَّة، وإلغاء بعض الأبواب النَّحويّة، وغيرها كثير.[39]
رابعًا-تحدّيات الهُويّة الثّقافيّة العربيّة:
تتعرّض ثقافتنا وخُصُوصيّتنا إلى خطرٍ كبيرٍ من جرّاء ظاهرة العولمة؛ إذ تُمثّل العولمة الثّقافيّة أخطر التَّحدِّيات المعاصرة للهُويَّة العربيّة، وهذه الخطورة لا تأتي على الهيمنة الثَّقافيَّة الّتي تنطوي عليها العولمة فحسب؛ وإنّما على الآليّات والأدوات الّتي تستخدمها لفرضها. ومن أهمّ تلك التَّحدِّيات:
-الهيمنة الإعلاميّة.
-إثارة الشّبهات حول الهُويَّة العربيّة الإسلاميّة من خلال التّشكيك في الثَّقافة العربيّة، ومحاولة طمس هُويَّة مجتمعاتنا من خلال تجريد الموطن العربيّ من الثَّقافة العربيّة.
-الترويج لقوى عولمة الثّقافة، والتركيز على نشر الثّقافة الغربيَّة، وجعلها النّمط الثّقافيّ السّائد؛ بنشر مبادئه وقيمه من أجل النَّيل من خُصُوصيَّة ثقافتنا العربيّة الإسلاميَّة، وتدمير هُويّتها.
– الترويج للقيم والثّقافات والسُّلوكيَّات التي أذابت خُصُوصيّتنا الثقافيَّة وهُويّتنا.
-تذويب الثّقافة العربيّة الإسلاميَّة من خلال نقل الثّقافة الغربيَّة، وخاصّة الأمريكيّة، من خلال الصِّراع بين الاستيعاب والإذابة من جانب الثَّقافة العالميَّة، والخُصُوصيّة والاستقلال من جانب الثّقافة العربيّة.
– فرض التَّبعيَّة على الثّقافة العربيّة الإسلاميّة.[40]
كانت للُّغة العربيّة دولة بلغت ذروتها في القرنين الثّاني والثّالث الهجريّين؛ إذ كانت اللُّغة الحضارة العالميّة وقد حلّت محلّ اللُّغات العالميَّة آنذاك كالفهلويّة، واليونانيّة، والقبطيّة، والبربريّة، وغيرها.
أقبلت الشعوب على تعلُّمها وحفظها باندفاعٍ شديد، وجاؤوا من دول أوروبا إلى الأندلس لتعلُّمها، يقول أحد المؤرّخين: إنّ أدباء أوروبا آنذاك سحرهم الأدب العربيّ، وصاروا يكتبون بلغة العرب واحتقروا اللَّاتينيَّة ، حتّى يقول أحد قساوستهم: واأسفاه، إنّ الجيل النَّاشئ من المسيحيِّين لا يحسنون أدبًا، أو لغة غير الأدب العربيّ واللُّغة العربيّة، وإنّهم ليلتهمون كتب العرب، ويجمعون منها المكتبات الكبيرة بأغلى الأثمان.
كتب الفارو نصار قرطبة في العام 1854م رسالة إلى أحد أصدقائه يقول فيها: “إنّنا لا نرى سوى الشبان المسيحيّين هاموا بحفظ اللُّغة العربيّة يبحثون عن كتبها ويقتنونها ويدرسونها بشغف، ويتحدّثون بها بطلاقة”[41].
هذا الانتشار الواسع للعربيّة مرتبط بسيادة الدولة العربيّة الاسلاميّة وقوّتها، ولا يزال آثار تلك السّيادة القديمة، فاليوم تكتب بالحرف العربيّ اثنتان وثلاثون لغة: كالفارسيّة، والباكستانيّة، والأفغانيّة، والهنديّة، ولغة في أوروبا أيضًا…
واليوم، العالم مدين للعربيّة؛ لأنّها نقلت العلوم والحضارات القديمة التي انطلقت منها الحضارة المعاصرة؛ لأنها باقية وقد انقرضت اللّغات السّابقة كالفهلويّة، والهنديّة القديمة، واليونانيّة،…
لقد أدّت العربيّة، دورًا أساسًا في حياة الفكر الإنسانيّ، حين كان نَشْرُ المعارف والعلوم يكاد يقتصر عليها طوال المرحلة التّاريخيّة التي ساد فيها العرب، لمدّة لا تنقص عن ستة قرون، ساد فيها العرب الكون في الفكر والحضارة[42].
لكن في القرن الرّابع الهجريّ قويت القوميّات والشّعوبيّة والزّندقة، وخف الايمان فأحيوا اللُّغات الّتي أهملت. كان الخليل بن أحمد يقول: “عامة من تزندق بالعراق لقلة علمهم بالعربيّة”[43].
إنّ اللُّغة العربيّة لغة شريفة لها حقٌّ علينا؛ لأنّها الدِّين والحضارة والتَّأريخ والهُويَّة والسِّيادة الوطنيَّة، ولا بدّ من عناية بها على وفق معايير تناسب المرحلة الجديدة المُتمثّلة بالانفتاح، والعولمة، والانفجار المعرفيّ، وسرعة الاتِّصال الّذي يشهده العالم. وأقلّ عناية تتمثّل بالاعتزاز بها لدى المثقّفين، ونشر ثقافة لُغويّة، ووعي بأهمّيّة اللُّغة العربيّة، واحترامها، والالتزام بقواعدها في الأقل؛ إذ يعتقد كثير من ذوي الاختصاصات العلميّة أنّهم غير محتاجين إلى معرفة أُسُس اللُّغة السَّليمة ما دام الأمر مُتعلّقًا بالفهم والإيصال فحسب. وهو اعتقاد وأهمّ من ذلك إن من لا يمتلك الحدَّ المعقول من سلامة اللُّغة والأسلوب، لا يستطيع إيصال علمه إلى الآخرين بتعبير دقيق. يقول د. طه حسين: إنّ المثقّفين العرب الّذين لم يتقنوا لغتهم ليسوا ناقصي الثّقافة فحسب؛ بل في شخصيّتهم نقص أيضًا.[44]
1-التَّخطيط والسِّياسات اللُّغويّة:
التَّخطيط: لفظة محدثة، تعني وضع خطَّة مدروسة للنَّواحي: الاقتصاديَّة، والتَّعليميَّة، والإنتاجيَّة، وغيرها للدولة. والأنشطة السّياسيَّة والإداريَّة الهادفة إلى حلّ المشكلات اللُّغويّة في المجتمع. واتّخاذ القرارات التي تتعلق بتعليم اللُّغة واستعمالها، أو دعم لغة لنشرها خارج حدودها الجغرافيّة كدعم اللُّغة الفرنسيّة في لبنان والتخطيط لها، والعمل على إبقائها[45].
نقصد بـ (السِّياسة اللُّغويّة) تلك التدابير الّتي يتّخذها بلد من البلدان إزاء لغته، وتخضع السِّياسة اللُّغويّة لبلدٍ ما للتخطيط ، أو الخُطط المرسومة من فعاليات مُتعدّدة من أبناء هذا البلد، ومن الناطقين بهذه اللغة المخطَّط لها. أمّا المقصود بالتَّخطيط اللُّغويّ فهي القرارات والتدابير التي يتّخذها البلد لرسم سياسةٍ لُغويّةٍ بعيدة المدى، تُفرض على المجتمع؛ لحماية اللُّغة القوميّة من التحدّيات المُحدقة بها، مثل المنافسة اللُّغويّة الأجنبيّة، وطغيان اللهجات المحليّة، ومواجهة التعدّد اللغويّ الذي يُهدّد بتفرّق الوطن إلى أجزاء، أو قوميّات صغيرة، قد تنذر في المستقبل البعيد بكوارث اجتماعيّة وسياسيّة، كالمطالبة بالاستقلال الذاتيّ، والانفصال فيما بعد.[46]
2-غياب سياسة لغويّة موحّدة:
على امتداد الوطن العربيّ، كوّنت لجان بأسماء متعدّدة الأقطار العربيّة، هدفها (اللُّغة العربيّة) فمن ذلك: مجلس اللُّغة العربيّة، وأكاديميّة اللُّغة العربيّة، ولجنة التمكين للغة العربيّة، ومؤسسة الفكر العربي، والمجلس الأعلى للغة العربيّة ،…وفي مقابل ذلك، تعددت الغايات التي كانت وراء إنشاء تلك الهيئات، وكثرت التسميات، بين مقولات إنقاذ اللُّغة العربيّة، وحماية اللُّغة العربيّة، والنهوض باللُّغة العربيّة، وتطوير اللُّغة العربيّة، والتّمكين للغة العربيّة،… ولا شك في أنّ لكل مقولة دلالةً مختلفةً عن دلالة أختها، فالتطوير غير الإنقاذ، والإنقاذ غير النهوض، والتمكين غير الإنقاذ، وهكذا دواليك، وهذا ما يؤكّد لنا صحّة ما أشار إليه عنوان الفكرة، وهي غياب السياسة اللُّغويّة العربيّة الموحّدة، كما يؤكّد من جهة أخرى ضبابيّة المفاهيم وتداخلها في أذهان مُنشئي تلك المؤسّسات أو اللّجان، فإذا كانت تلك الهيئات حتى الساعة لم تتّفق على مصطلح يُعبّر عن “الإنترنت”[47] ، فمرّةً يطلق عليها اسم “الشبكة العنقوديّة” وثانية “الشبكة العنكبوتيّة” وثالثة “الشنكبوتية” ورابعة “الشابكة” وخامسة “الإنترنت” فكيف ستكون الحال بالنسبة إلى موقف تلك الهيئات واللجان من المعضلة اللُّغويّة؟! حيث جاء في ميثاق مؤسّسة “الفكر العربيّ” اللُّغة “من أعمدة صرحها بما أنه يبتغي الدفاع عن ركائز الهويّة”[48]، ولكن هذه الوثيقة جنحت إلى المزاوجة “بين سجلين: سجلّ الصراحة المكسوّة بالقفاز الحريري النّاعم؛ بحيث تتوالى صيغ الوصايا مكبوتة الأنفاس تتمنّى لو تتحرّر فارتدت جلباب الأوامر الحاسمة، وسجل الأدبيّات التي تلاطف المشاعر الناعمة، وتستثير الأحاسيس الخاملة”.[49]
الّذي أراه أن السِّياسة اللُّغويّة للّغة الإنجليزيّة خاطئة؛ بسبب التَّشدُّد في عدم إعطاء فرصة للتعليم والوظيفة والاشتراك بالمؤتمرات إلّا من خلال إتقان الإنجليزية، ذلك يفقدهم الكثير من العلماء والمبدعين الّذين لا يتقنون الإنجليزيّة، لكن التعصُّب للغاتهم، والفهم الخاطئ والأهداف الاستعماريّة يجعلهم يرتكبون هذا الخطأ الجسيم. فضلًا عن أنّ إعطاء الفرصة لهؤلاء ولا سيَّما في ضوء انتشار وسائل الترجمة السّريعة، وهم يخسرون وسيلة مهمَّة من وسائل نشر اللُّغة بين المُتميّزين الذين لا يحسنون لغاتهم؛ لأنّ هؤلاء سيسعون إلى تحسين لغتهم الأجنبيّة، ويسعون الى إتقانها من خلال إتاحة فرص علميّة واقتصاديّة لهم.[50]
3-ضآلة المحتوى الرقميّ العربيّ على الشابكة (الإنترنت):
أ-المحتوى الرقمي العربي : Digital Arabic Content
يعبّر مفهوم المحتوى الرقميّ العربيّ عن مجموعة من تطبيقات تعالج وتخزّن وتعرض معلومات باللُّغة العربيّة، وبرمجيّات لإعداد تطبيقات تتلاءم مع اللُّغة العربيّة إلكترونيًّا، وهو يشمل كل معلومة متوافرة باللُّغة العربيّة بصيغة رقمية، أي كل ما يتم تداوله رقميًّا من معلومات مقروءة، أو مرئيّة، أو مسموعة، وأهميته تنشأ من عاملين: أولهما: نشر وسرعة الوصول ومدى الانتقال إلى المتلقّي، وثانيهما: كثافة المحتوى الرقمي الذي أصبح من أهم عوامل التعبير عن الثقافة والحضارة على الصعيد العالمي[51]
تُشير الإحصائيّات المتعلّقة بوضع اللّغات المختلفة على الشّابكة (الإنترنت) إلى أنّ اللّغة الإنكليزيّة تحتلّ المرتبة الأولى بين اللُّغات؛ إذ تصل نسبتها إلى 80% في حين أنّ نصيب العربيّة لا يزيد على 2% ، كما أنّ عدد المستخدمين العرب للشّابكة هو أقلّ من 2%، مع أنّ عدد النَّاطقين بالعربيّة يصل إلى 5% من سكّان العالم.[52]
من الشّواهد على ضعف المحتوى باللُّغة العربيّة أنّ محتوى الموسوعة العربيّة الحرة من حيث الحجم لا المضمون يماثل تقريبًا ربع محتوى مقابلتها السويديّة، علمًا بأنّ مُتكلّمي السّويديّة لا يزيد على تسعة ملايين في حين أنّ مُتكلّمي العربيّة يزيدون على 300 مليون، وكان عدد المقالات المنشورة على الموسوعة العربيّة الحرّة 77000 مقال مقابل 190000 مقال باللّغة السويديّة.[53]
ب-مفهوم التَّحويل الرّقميّ في الفضاء الكونيّ:
يُشير مفهوم التَّحويل الرقميّ إلى تحويل محتوى الوسائط المادّيّة (بما فيها مقالات الدَّوريّات، والكتب، والمخطوطات، والصُّور الفوتوغرافيّة، والأفلام، والمواد السَّمعيّة والمرئيّة إلى الشكل الرقميّ ونشره على الإنترنت بوصفه وسيلةً للتّوزيع الواسع والشّامل للمعرفة في الوطن العربيّ.[54]
ج-اللُّغة العربيّة والتَّحوُّل الرّقميّ في الفضاء الكونيّ:
يتّفق العرب على أنّ هناك ضرورة لتفعيل وجود العربيّة على الإنترنت، حيث إنّ المواقع الإلكترونيّة أصبحت في الآونة الأخيرة تعاني من نقص شديد في محتواها العربيّ، فضعف الوجود العربيّ على الإنترنت قد يؤدّي بالعربيّة إلى خروجها من دائرة الفعل العالميّ والحضاريّ .
يجب أن يكون هناك إستراتيجيّات عربيّة، واستكشاف آليّات تعمل على تدارك النَّقص في التَّحوُّل الرّقميّ على الإنترنت، وتدعيم صناعة محتوى مُتميّز يثري الوجود العربيّ في الفضاء الكونيّ .
إنّ أبرز التّحدّيات التي يواجهها عالمنا العربيّ، تلك التَّحدِّيات الخاصَّة بنشر اللُّغة العربيّة على الإنترنت من خلال رقمنة الإنتاج الفكريّ العربيّ؛ ما يفرض علينا المزيد من الجهد لهذا التَّحوُّل؛ ما يفتح فرص التَّلاقي والتَّفاعل ، ويجعل للدّول العربيّة وجودًا مُتميزًا على العنكبوتيَّة، حيث تحتلُّ اللُّغة العربيّة المركز الثَّامن ضمن لغات العالم بالنّسبة إلى حجم المحتوى العربيّ، فقد ظهر أنّ الصفحات العربيّة على الإنترنت لا تتجاوز 1و.% من إجمالي عدد الصّفحات على الإنترنت؛ (أي ما يعادل صفحة واحدة مقابل كل ألف صفحة ) ؛ ما يدل على تدنِّي إنتاجيَّة صناعة المحتوى العربيّ، على الرّغم من أن النَّاطقين بالعربيّة يُشكِّلون حوالي 5% من سكَّان العالم .
تتوقَّع الإحصائيّات أن يصل عدد الصفحات العربيّة في العام 2012م إلى نحو (5و1) مليار صفحة، حيث مُعدّل نموّ سنويّ بمقدار 80%حتى العام 2010م ، 60% ، في السّنوات الّتي تليها. وقد بلغ مُستخدمي اللُّغة العربيّة في الإنترنت العام 2009م ، أكثر من 49مليون مستخدم يُمثّلون حوالي 17% من مُجمل تعداد النَّاطقين بها في العالم ، ولم تتجاوز نسبتهم من مُجمل مستخدمي الإنترنت في العالم 3% ، كما يتمتَّع مستخدمي الإنترنت العرب بنسبة نمو هي الأعلى من بين سائر اللُّغات في العالم؛ إذ فاقت نسبة النُّمو 1800%.[55]
يذكر (لاروسي Laroussi ) بأنّ المشكلة في التَّحويل الرقميّ تتمثَّل في الحروف الهجائيَّة للُّغة العربيّة. ومِنْ ثَمَّ، عمليَّة ترميز تلك الحروف وتشفيرها في البرامج الحاسوبيَّة ، كذلك الافتقار إلى معايير مُوحّدة لتمثيل النّص العربيّ وعرضه في الإنترنت.[56]
يُشير (علي فرغلي) بأنّه يجب تفعيل وجود اللُّغة العربيّة على الإنترنت، خاصّة بعد أن أكَّدت الدِّراسات التطبيقيَّة والنَّظرية الإمكانات الضّخمة لأتمة أنظمة العربيّة وحوسبتها بما لها من خصائص تساعد على برمجتها آليًّا، فالنّظام الصّوتيّ في اللُّغة العربيّة، والعلاقة الوثيقة بين طريقة كتابتها ونطقها يدل على قابليَّة اللُّغة العربيّة للمعالجة الآليّة بشكل عام، وتوليد الكلام وتمييزه بصورةٍ خاصّة[57] .
كما يشير نبيل علي بأن العربيّة دخيلة على لغات البرمجة. لذلك، ظهرت بعض المشكلات في الحروف العربيّة على مستوى الصرف والنّحو ؛ ما يؤدي إلى انغلاق نصّي يؤدّي بدوره إلى انعزاليّة وثائقنا العربيّة على الإنترنت؛ بل الأخطر من ذلك أنّ اللُّغة العربيّة في ظلّ العولمة وثورة المعلومات تتعرّض لحركات تهميش نشطة، بفعل الضُّغوط الهائلة النَّاجمة من طغيان اللُّغة الإنجليزية على الصّعيد السّياسيّ، والاقتصاديّ، والتقنيّ، والمعلوماتيّ. وهنا، علينا أن نُدرك مدى خطورة ما يعنيه اقتصاديًّا وثقافيًّا وسياسيًّا قرار مُنظّمة التجارة العالميَّة ( الجات ) بعدم عدّ اللُّغة العربيّة ضمن لغاتها الرَّسميَّة.[58]
خاتمة:
إنّ قوّة الأمّة من قوّة لغتها كما أشار ابن خلدون، واللُّغة هي الأساس المتين الَّذى تقوم عليه حياة الأمة كما يقول أندرسون. وسيادة الأُمم تبدأ بسيادة لغاتها ومؤسّساتها التي ترقى بتلك اللُّغات، وهذه حقيقة تؤكّدها الشّواهد الآتية:
فالإنجليزية صارت لغة دوليَّة؛ لأنَّ أهلها جعلوا منها لغة دوليّة، كما عملت فرنسا وتعمل على إثبات حضورها بوصفها حضارةً وقوّةً عالميَّةً رئيسةً عبر بسط سيطرة الفرنسيّة من خلال منظّمة الفرانكوفونيّة. كل هذا يفسّر سعى هؤلاء إلى التميُّز الحضاريّ والثّقافيّ، وإلى الحفاظ على الهويّة؛ لأنّ الهُويّة مفهوم ذو دلالة لغويّة، وفلسفيّة، واجتماعيّة، وثقافيّة.
اللُّغة هي الوعاء الّتي تنصهر فيه الهُويّة ووحدة الوطن والمواطنة. ففي هذا الوعاء وبه تتحقّق وحدة المشاعر، ووحدة الفكر، ووحدة الذاكرة، ووحدة التَّطلُّعات، من دون هذا لن تكون هناك هُويّة ممتلئة وغنيّة، ولن تكون هناك جذور ولا ثقة بالنّفس. الهُويّة ليست شيئًا جامدًا جاهزًا؛ بل هي كيان يكون ويصير، ينمو ويغتني باللُّغة بما تحمله وتنشره من موروث حضاريّ.[59]
ندعو إلى دراسة اللُّغة العربيّة في ضوء أصالتها في نفسها وأصالة الدّراسات المُتقدّمة فيها وفهمها والانطلاق منها، فهناك دراسات مُتقدّمة تميزت بالأصالة وغيرها تبع لها في موروثنا. والأصالة غير التبعيّة من حيث العقل والتفكير والابتكار… ودراسة اللُّغة العربيّة وبيان عبقرية النّحو، وعبقرية اللّغة في ضوء التطوُّر المعرفيّ والتكنولوجيّ، والانفجار المعرفيّ في التَّخصُّصات المختلفة كالتقانة، والاقتصاد، وربطها بالسُّوق، والابتكار. وصلتها بالدولة، والمجتمع، والمؤسّسات العلميّة، والمجتمع المدنيّ.
إنّ المنطلقات العلميّة السّليمة والأُسُس الرصينة والمنهج العلميّ القويم تفضي بالدراسة إلى نتائج مستقيمة. لا بُدَّ من استثمار العربيّة اقتصاديًّا وربطها بسوق العمل والوظيفة، وتطبيق ضمان الجدوى في الدِّراسات اللُّغويّة، وتحديدها عبر الدّراسات التّأريخيّة. ومواضيع الجدوى اللُّغويّة: وتطوير المناهج وأهمّيّتها، والحداثة، والموروث، والمعاصرة، والتجديد، والوافد، والنّظريّات اللُّغويّة وقيمتها، وفهمها، وكيفيّة تطوّرها[60]
عندما تكون العناية صادرة من الجهات العُليا في الدولة يعدّ ذلك انتصارًا للغة العربيّة. ذلك أنّ من طبيعة المجتمع الاقتداء بقادته والالتزام بالسياسة التي ترسمها الدولة؛ ما يسهم في تعزيز مكانة العربيّة في نفوس أبنائها، والحرص على سلامتها. ذلك أنّ الحفاظ على اللُّغة هو حفاظ على الهويّة الوطنية والثقافة والتأريخ، وتلك مَهمّة قادة البلدان ونخبها ومؤسَّساتها العلميّة؛ لتحافظ اللُّغة العربيّة على المكان الذي يليق بها.
التّوصيات:
-إعادة دولة اللُّغة العربيّة وإحياء مجدها، بعصورها الزاهرة كعصر صدر الاسلام والقرن الرابع الهجري. اذ كانت اللُّغة العربيّة اللغة العالمية الأولى في العالم القديم.
-تصدّي علماء اللُّغة العربيّة لمسؤولية السياسية اللُّغويّة في البلاد وتسلمهم المناصب العليا، ومنحهم الصلاحيات لإصدار القرارات في رسم سياسة لغوية رصينة.
– ربط اللُّغة العربيّة بسوق العمل واشتراطها لنيل الوظائف والدراسات.
– إقناع الدول الإسلامية أن اللُّغة العربيّة هي اللغة الإسلامية الرسمية كما كانت، وبذلك نعيد الى الإسلام مكانته وهو مطلب الشعوب الإسلامية. وأنها ليست لغة العرب بحسب النظرة القومية بل لغة عالمية لغة الإسلام فإن توضيح ذلك بالدليل العلمي يتفهمه العلماء تدريجيا وعلى مراحل.
-تفعيل دور مجامع اللُّغة العربيّة، واستمراريّة التنسيق بينها لمتابعة عقد المؤتمرات، والندوات حول اللغة العربيّة ، ومعالجة مشكلاتها الراهنة والمستقبلية مع الرقمنة والمحتوى الفكريّ .
-إحلال اللُّغة العربيّة محلّ اللغة الإنكليزية في الدول العربيّة والإسلامية قدر الإمكان. فالغرب يسعى إلى سيادة اللغة الإنكليزية في العالم من خلال نشرها وربط التطور وفرص العمل والسوق والاقتصاد والوظائف والنخب القيادية بها وشرط لها، فإنّ سيادة لغة دولة يعني سيادتها وهو نوع من الاستعمار والغزو الثقافيّ، أو اللُّغويّ يتبعه غزو سياسيّ واقتصاديّ وتبعيّة للدول المستقلّة.
– الاستفادة من تجربة السياسات اللُّغويّة للعالم الغربيّ في الحفاظ على لغاتهم ونشرها وتطبيقها في الدول الإسلاميّة، مثل: ربط العربيّة بسوق العمل.
-ضرورة تأكيد إدخال اللّغة العربيّة في منظّمة التجارة العالميّة لتأكيد إحياء اللّغة، واستخدامها بشكل أكثر فعالية في النّواحي: الاقتصاديّة، والتجاريّة، والتقنيّة؛ فالتهاون في هذا الأمر هو حكم على اللُّغة العربيّة بالضّعف والعزلة في عصر اقتصاد المعرفة .
-ضرورة تشجيع الجمعيّات اللُّغويّة الأهليّة ودعمها في العالم العربيّ؛ لحماية اللُّغة العربيّة وتطويرها، لِكَون تلك الجمعيات تُعدُّ ظاهرةً إيجابيّةً تحتاج إلى الدّعم والتّشجيع .
– توضيح للعالم أهمية اللُّغة العربيّة وصلاحيتها لأن تحلّ محل اللغة الإنجليزية في تدوين العلوم والمعارف لثباتها وبقائها واستمراريتها وقوتها ومرونتها وقد أثبتت التجارب عبر التأريخ أنها خرجت من محن كبيرة قوية منتصرة.
– وجوب تشجيع البرامج اللُّغويّة ومحاولات تيسير علوم اللُّغة العربيّة وتجديدها كالنّحو، والصّرف، والبلاغة، وإصلاح المناهج الدراسيّة في أقسام اللُّغة العربيّة في الكليّات، فضلا عن العناية بتدريب الطلّاب على التطبيق العملي على النُّطق باللّغة العربيّ الفصحى.
…………………………………………………………………………………………….
الهوامش:
[1] ياقوت الحموي، معجم البلدان، دار صادر، بيروت، 1993م، مج1، ص34.
[2]أ.د. عبدالرحمن بودرع، ورَشيد بلحبيب: الهُويّاتُ اللُّغويّة في المَغرب من التَّعايُش إلى التّصادُم، ما علاقة اللُّغة بالهُويّة ؟ ص: 247-280. ونَبيل عَليّ، الثّقافَة العربيّة وعَصر المَعْلومات، رؤية لمستقبل الخطاب الثقافيّ العربيّ ،عالم المعرفة، المجلس الوطنيّ للثّقافة والفنون والآداب، الكويت ، ع276، 2002م، ص228.
[3] أ.د. حسن منديل العكيلي، اللُّغة العربيّة والسّيادة الوطنيّة العراق أنموذجًا، بحث مشارك في المؤتمر العلميّ الدوليّ لجامعة واسط-العراق بعنوان “القضايا التربويّة والإنسانيّة بين مُتغيّرات الواقع وآفاق المستقبل”، (منشور في أعمال المؤتمر لمجلة واسط-كلّية التربية الأساسيّة)، 2021م.
[4] المصدر نفسه.
[5] د. وليد محمد السراقبي، اللُّغة والهُويّة والانتماء ، في: مجلّة دواة، مج 1،ع6،(2015 م)، ص ص57-58.
[6] د. عبد السلام المسدي، الهُويّة العربيّة والأمن اللُّغويّ، المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السّياسات، بيروت، 2014م. ص17.
[7] – في يوم اللُّغة العربيّة لسنة 2021م، عثمان سعدي* رئيس الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللُّغة العربيّة، صحيفة الشروق ، الجمعة 11 ديسمبر 2020 م, الموافق لـ 25 ربيع الآخر 1442 هـ.
[8] أمين الخولي، مشكلات حياتنا اللغوية ، دار المعرفة، القاهرة،1965م، ص61-62.
[9] – د. عبد السلام المسدّي، الهُويّة العربيّة والأمن اللغوي، مصدر سابق، ص106.
[10] -د. مازن المبارك، نحو وعي لغويّ، مؤسسة الرسالة، سوريا، 1979م، ص20-21.
[11] – المصدر نفسه.
[12] د. عبد السلام المسدّي، الهُويّة العربيّة والأمن اللغوي، مصدر سابق، ص12.
[13] د. وليد السراقبي، “تشويه اللُّغة بين الإعلام والإعلان”، في: مجلّة جامعة البعث، حمص ، مج33، 2013م، ص213.
[14] د. عبد السلام المسدّي، الهُويّة العربيّة والأمن اللغوي، مصدر سابق، ص75.
[15] د. عبد السلام المسدّي، الهُويّة العربيّة والأمن اللُّغويّ، مصدر سابق، ص81.
[16] ابن جني، الخصائص: تحقيق: محمد علي النجار، دار الهدى، بيروت، دون تاريخ، 1/33.
[17] د. مهدي عرار، “من الصّوت إلى الصّمت”، في: مجلّة مجمع اللُّغة العربيّة ،دمشق، مج85،ج3، ص749.
[18] ابن جني، الخصائص، مصدر سابق، 1/33.
[19] د. وليد محمد السراقبي، “اللُّغة والهُويّة والانتماء”، في: مجلّة دواة، مج 1،ع6،(2015 م)، ص53-54.
[20] عبد القاهر الجرجاني، أسرار البلاغة، مصدر سابق، ص1.
[21] جان جاك لوسركل، عنف اللُّغة، ترجمة: د. محمد بدوي، المنظّمة العربيّة للترجمة، 2006م، ص216.
[22] المصدر نفسه، ص218.
[23] المصدر نفسه، ص220.
[24] ديفيد جستيس، محاسن العربيّة في المرآة الغربيّة، ترجمة: حمزة بن قبلان المزيني، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلاميّة، الرياض، دون تاريخ، ص43.
[25] ميشال كعدي، “التّحدّيات لبقاء التُّراث واللُّغة العربيّة”، في: مجلّة شؤون ثقافية، المديريّة العامّة للشؤون الثّقافيّة، وزارة الثّقافة اللُّبنانيّة، بيروت، ع1، (2015م)، ص21.
[26] يوسف حتى، وأحمد شفيق الخطيب، قاموس حتي الطبي، مكتبة لبنان، بيروت، ص1.(بتصرف)
[27] أحمد عبد الحفيظ ، الطريق للحرّيّة (أوراق التدريب النّظري لأعضاء شبكة رسل الحرّيّة) ، مصر:
انُظر إلى الموقع الالكترونيّ بتاريخ 5/2/2014:- www.freedom.messengers.net
[28] ابن منظور ، معجم لسان العرب ، دار إحياء التراث العربي، بيروت ، دون تاريخ ، ج15، ص338.
[30] شهاب الدين أبو عمرو ، المنجد ، دار الفكر ، بيروت ، 2005م، ص1222.
[31] د.بان غانم أحمد الصائغ ، “التَّأصيل التّاريخيّ لمفهوم المواطنة”، في: مجلّة دراسات إقليميّة ، جامعة الموصل ، العدد (13) ، السنة (5) ، 2009م، ص317.
[32]منير البعلبكي ، المورد ، مطبعة باقرى ، طهران ، 2006م ، ص180.
[33] بشير نافع وآخرون، المواطنة والديمقراطيّة في البلدان العربيّة ، مركز دراسات الوحدة ، بيروت ، 2004م، ص34.
[34] د. عيسى الشماس ، المجتمع المدني (المواطنة والديمقراطية ) ، منشورات اتّحاد الكتّاب العرب ، دمشق ، 2008 م، ص39-40.
[35] بشير نافع وآخرون ، مصدر سابق ، ص35.
[36] د. محمود السيّد، الهُويّة ولغة التعليم، مجمع اللُّغة العربيّة، دمشق، 2013م، ص15.
[37] المصدر نفسه، ص15.
[38] أ. د. عبد الكاظم محسن الياسري، “اللُّغة العربيّة في مواجهة البثّ الفضائيّ”، في: مجلّة دواة ،العدد الخاص ببحوث مؤتمر دار اللّغة والأدب العربيّ الدوليّ الثاني 2017م/1438هـ.
[39] أ. د. عبد الكاظم محسن الياسري، “اللُّغة العربيّة في مواجهة البثّ الفضائيّ”، في: مجلّة دواة ،العدد الخاص ببحوث مؤتمر دار اللُّغة والأدب العربيّ الدوليّ الثاني 2017م/1438هـ، ص192، 193، 194.
[40] حكيـــمة بولعــشب ، تحدّيات الهُويّة الثّقافيّة العربيّة في ظلِّ العولمة، أرنتروبوس: الموقع العربيّ الأول في الأنثروبولوجيا والسوسيوأنثروبولوجيا، 2010م.
[41] أ.د. حسن منديل، اللُّغة العربيّة والسيادة الوطنية، العراق أنموذجا، مصدر سابق، ص5.
[42] – عبد الله النملي، الفَرْنَسة انتهاك للدستور والسّيادة الوطنيّة، هُويّة بريس 17 أبريل 2019، 22:58.
[43] – الكلمة التي ألقاها (أ.د. حسن منديل العكيلي / جامعة بغداد/ كلية التربية للبنات) في احتفاء الجامعة التقنيّة الوسطى باليوم العالميّ للّغة العربيّة 18/12/2018م.
[44] – الكلمة التي أُلقيت في احتفاء الجامعة التقنيّة الوسطى باليوم العالميّ للُّغة العربيّة 18/12/2018م ، من قِبَل أ.د. حسن منديل العكيلي / جامعة بغداد/ كلّيّة التربية للبنات.
[45] ا. بلال دربال ، “السّياسة اللُّغويّة المفهوم والآليّة”، في: مجلّة المخبر جامعة باتنة الجزائر، ع 10 س 2014م، ص 329.
[46] د. عبد القادر الفاسي الفهري، المقارنة والتخطيط في البحث اللّسانيّ العربيّ، دار توبقال للنشر، المغرب، 1998م، ضمن مبحث: (عربيّة النموّ والمعجم الذهنيّ).
[47] د. عبد السلام المسدي، الهويّة العربية والأمن اللغوي، مصدر سابق، ص91.
[48] المصدر نفسه، ص109، 110.
[49] المصدر نفسه، ص109.
[50] أ.د. حسن منديل، اللُّغة العربيّة والسيادة الوطنية، العراق أنموذجا، مصدر سابق.
[51] http://www.alyaseer.net .
[52] د. منصور فرح، اللُّغة العربيّة على الإنترنت، المؤتمر الوطنيّ الأوّل لصناعة المحتوى الرقميّ العربيّ بدمشق-حزيران 2009م.
[53] د. نور الدين شيخ عبيد، المحتوى الرقمي العربيّ صورة لحقيقة، المؤتمر الوطنيّ الأول لصناعة المحتوى الرقميّ العربيّ، دمشق، حزيران 2009م.
[54] -Ali Houissa .Digitization as the Agent of Technological Revolution in storage ..Meia Notes,69, 97:14-21,2000
[55] www.internetworldststs.com)
[56] -Laroussi, F. Arabic and the New Technologies .In J. Maurais &M .A. Morris (Eds.) , Languages in a Globalizing World (PP.250-259), Cambridge : Cambridge University Press,2003.
[57] علي فرغلي، “الذكاء الاصطناعيّ ومعالجة اللّغات الطّبيعيّة”، في: مجلّة عالم الفكر، ع4، مج،2004م، ص775.
[58] نبيل علي، تحدّيات عصر المعلومات، مكتبة الأسرة، القاهرة ، 2003م.
[59] أ.د. حسن منديل، اللُّغة العربيّة والسيادة الوطنية، العراق أنموذجا، مصدر سابق، ص9.
[60] أ.د. حسن منديل، اللُّغة العربيّة والسيادة الوطنية، العراق أنموذجا، مصدر سابق، ص7.
ثبت المصادر والمراجع:
-الكتب:
- القرآن الكريم.
- ابن جني، الخصائص، تحقيق: محمد علي النجار، دار الهدى، بيروت، دون تاريخ.
- ابن منظور، معجم لسان العرب، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ج15 دون تاريخ .
- أمين الخولي، مشكلات حياتنا اللغوية، دار المعرفة، القاهرة،1965م.
- بشير نافع وآخرون، المواطنة والديمقراطية في البلدان العربيّة ، مركز دراسات الوحدة، بيروت، 2004م.
- جان جاك لوسركل، عنف اللغة، ترجمة: د. محمد بدوي، المنظمة العربيّة للترجمة، 2006م.
- ديفيد جستيس، محاسن العربيّة في المرآة الغربيّة، ترجمة حمزة بن قبلان المزيني، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلاميّة، الرياض، دون تاريخ.
- عبد القاهر الجرجاني، أسرار البلاغة، تحقيق: محمود شاكر، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1991م.-شهاب الدين أبو عمرو ، المنجد ، دار الفكر ، بيروت ، 2005م.
- د. عبد القادر الفاسي الفهري، المقارنة والتخطيط في البحث اللّسانيّ العربيّ، ، دار توبقال للنشر، المغرب، 1998م.
- د. عبد السلام المسدي، الهُويّة العربيّة والأمن اللُّغويّ، المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السّياسات، بيروت، 2014م.
- د. عيسى الشماس ، المجتمع المدني (المواطنة والديمقراطية ) ، منشورات اتحاد الكتّاب العرب ، دمشق ، 2008 م.
- د. مازن المبارك، نحو وعي لغويّ، مؤسسة الرسالة، سوريا، 1979م.
- منير البعلبكي ، المورد ، مطبعة باقرى ، طهران ، 2006م .
- د. محمود السيّد، الهُويّة ولغة التعليم، مجمع اللُّغة العربيّة، دمشق، 2013م.
- بيل علي، تحدّيات عصر المعلومات، مكتبة الأسرة، القاهرة، 2003م.
- ياقوت الحموي، معجم البلدان، دار صادر، بيروت، 1993م.
- يوسف حتى، وأحمد شفيق الخطيب، قاموس حتي الطبي، مكتبة لبنان، دون تاريخ.
المجلَّات العلميَّة المُحكّمة:
- د. بان غانم أحمد الصائغ، “التَّأصيل التّاريخيّ لمفهوم المواطنة”، في: مجلّة دراسات إقليميّة، جامعة الموصل، ع (13)، السنة (5)، 2009م.
- بلال دربال، “السِّياسة اللُّغويّة المفهوم والآليّة”، في: مجلّة المخبر جامعة باتنة الجزائر، ع 10 ، 2014م.
- على فرغلي، “الذّكاء الاصطناعيّ ومعالجة اللّغات الطّبيعيّة”، في: مجلّة عالم الفكر، ع4، مج،2004م.
- د. مهدي عرار، “من الصَّوت إلى الصَّمت”، في: مجلّة مجمع اللُّغة العربيّة ،دمشق،مج85،ج3، 2015م.
- -ميشال كعدي، “التَّحدِّيات لبقاء التُّراث واللُّغة العربيّة”، في: مجلّة شؤون ثقافيَّة، المديريّة العامّة للشؤون الثّقافيّة، وزارة الثّقافة اللُّبنانيّة، بيروت، ع1، (2015م).
- نبيل علي، “الثّقافة العربيّة وعصر المعلومات: رؤية لمستقبل الخطاب الثّقافيّ العربيّ”، عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، ع276، 2002م.
- د. وليد محمد السراقبي، “اللُّغة والهُويّة والانتماء”، في: مجلّة دواة، الأمانة العامّة للعتبة الحسينيّة المُقدّسة، العراق، مج1، ع6، السنة الثانية 1437ه/ 2015م.
- “تشويه اللُّغة بين الإعلام والإعلان”، في: مجلّة جامعة البعث، حمص، مج33، 2013م.
الصُّحُف:
- عثمان سعدي (رئيس الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللُّغة العربيّة)، في يوم اللُّغة العربيّة، صحيفة الشروق ، الجمعة 11 ديسمبر 2020 م, الموافق لـ 25 ربيع الآخر 1442 هـ.
- عبد الله النملي، الفَرْنَسة انتهاك للدستور والسيادة الوطنية، هُويّة بريس 17 أبريل 2019 .
المؤتمرات:
- أ.د. حسن منديل العكيلي، اللُّغة العربيّة والسيادة الوطنية العراق أنموذجًا، بحث مشارك في المؤتمر العلميّ الدولي لجامعة واسط-العراق بعنوان “القضايا التربويّة والإنسانيّة بين مُتغيّرات الواقع وآفاق المستقبل”، (بحث منشور في أعمال المؤتمر لمجلة واسط-كلّيّة التربية الأساسيّة)، 2021م.
- د. عبد الكاظم محسن الياسري، “اللُّغة العربيّة في مواجهة البثّ الفضائيّ”، في: مجلّة دواة ، الأمانة العامّة للعتبة الحُسينيّة المُقدّسة، العراق، العدد الخاص ببحوث مؤتمر دار اللُّغة والأدب العربيّ الدوليّ الثاني 2017م/1438هـ.
- د. منصور فرح، اللُّغة العربيّة على الإنترنت، المؤتمر الوطنيّ الأوّل لصناعة المحتوى الرقميّ العربيّ بدمشق-حزيران 2009م.
- د. نور الدين شيخ عبيد، المحتوى الرقمي العربيّ صورة لحقيقة، المؤتمر الوطنيّ الأول لصناعة المحتوى الرقميّ العربيّ، دمشق، حزيران 2009م.
المصادر الأجنبيّة:
- Laroussi, F. Arabic and the New Technologies .In J. Maurais &M .A. Morris (Eds.) , Languages in a Globalizing World (PP.250-259), Cambridge : Cambridge University Press,2003.
- Ali Houissa .Digitization as the Agent of Technological Revolution in storage ..Meia Notes,69, 97:14-21,2000
المواقع الإلكترونيّة:
- حكيـــمة بولعــشب ، تحديات الهوية الثقافية العربية في ظل العولمة، أرنتروبوس: الموقع العربي الأول في الأنثروبولوجيا والسوسيوأنثروبولوجيا، 2010م.
www.internetworldststs.com
- أحمد عبد الحفيظ ، الطريق للحرّيّة (أوراق التدريب النظري لأعضاء شبكة رسل الحريّة)، مصر: ينظر الموقع الالكتروني بتاريخ 5/2/2014:- freedom.messengers.net
- أ.د. عبدالرحمن بودرع، ورَشيد بلحبيب: ما علاقة اللُّغة بالهوية ؟ –الهُويّاتُ اللّغويّةُ في المَغرب من التَّعايُش إلى التّصادُم، مجمع اللُّغة العربيّة على الشّبكة العالميّة. تمّت الزيارة للموقع الإلكترونيّ بتاريخ الزيارة: 10-11-2021م.
……………….. *****……………….