شخصية المحدث شمس الحق العظيم آبادي في ضوء كتابه “عون المعبود” شرح سنن أبي داود

Vol. No. 1, Issue No. 1 - January-March 2021, ISSN: 2582-9254

0
1933

شخصية المحدث شمس الحق العظيم آبادي في ضوء كتابه “عون المعبود” شرح سنن أبي داود

رفيق أختر
باحث في الدكتوراه، قسم اللغة العربية والفارسية، جامعة كلكتا، بنغال الغربية، الهند

—————————————————–

المدخل:  لا يخفى على كل من له أدنى إلمام بالتاريخ الإسلامي للهند، أن لها إسهامات كبرى في نشر اللغة العربية وتطويرها، وقد وجدت بيئة صالحة في حضانتها فترعرعت وانتشرت على مر العصور في أنحائها المختلفة، فقد تأسست فيها مدارس عربية، ومراكز ثقافية، وآثار تاريخية متنوعة، وهي أنجبت عددا كبيرا من العلماء الكبار، والكتاب العظام، والمترجمين البارعين الذين خلدت أسماءهم في سجل التاريخ بإسهاماتهم الهائلة في مجالات اللغة والأدب والترجمة والتأليف والكتابة والإنشاء، وجهابذة الدين والعرفان الذين خدموا العلم والثقافة، وقاموا بنشر الكتاب والسنة واللغة العربية، وساهموا في تنشيط الحركة الدينية، وبث الوعي الإسلامي، وتطهير المجتمع من البدع والعادات القبيحة من خلال تدريسهم الكتب الدينية والعلوم الشرعية، وأخص بالذكر منهم المحدث الحسن بن محمد الصغاني اللاهوري صاحب “مشارقة الأنوار” والشيخ محمدطاهر الفتني صاحب “مجمع بحار الأنوار” و”تذكرة الموضوعات” و “قانون الموضوعات”، والمحدث الكبير العلامة عبد الرحمن المباركفوري صاحب “تحفة الأحوذي”، والشيخ عبيد الله المباركفوري صاحب “مراعاة المفاتيح” والمحدث حبيب الرحمن الأعظمي صاحب ” الحاوي لرجال الطحاوي” وهناك كتب كثيرة توفر لنا قائمة طويلة لأمثال هؤلاء العباقرة والجهابذة وتظهر أعمالهم الجليلة، ولاحاجة إلى استقصائهم في هذا الموجز، و من هؤلاء العباقرة تتجلى أمامنا شخصية المحدث العلامة محمد شمس الحق العظيم الآبادي وقد كان من كبار المحدثين ومن أعلام السلفيين بالهند، وله إسهامات قيمة في مجال خدمة الحديث نشرا وتدريسا، وتأليفا وكتابة، وإنه يعد من الشخصيات البارزة في الهند و مرجعا علميا لطلاب العلم والعلماء.

و هذا المقال يحتوي على جزءين مهمين، فالأول يتعلق بحياة شمس الحق العظيم آبادي الذي بينت فيه حياته وما يتعلق بها، والثاني يتعلق بكتاب عون المعبود و تناولت فيه مزايا “عون المعبود شرح سنن أبي داود” وخصائصه وسطرت فيه ما يسره الله لي في ذلك.

الكلمات المفتاحية: حياة العظيم آبادي، عون المعبود، شروح أبي داؤد، منهج الكتاب.

أولا: نبذة مختصرة عن حياة العظيم آبادي:

إسمه ونسبه: هو أبو الطيب محمد شمس الحق بن الشيخ أمير علي بن الشيخ مقصود علي بن الشيخ غلام حيدر الصديقي العظيم آبادي. وينتهي نسبه إلى الخليفة الأول أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- ـ هذا من جهة أبيه، أما من طرف أمه فيتصل نسبه أيضا بأبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه- ـ فهو “صديقي و بكري” من الجهتين.

وكثيرا ما يضاف إلى اسمه كلمة ” العظيم آبادي ” نسبة إلى ” عظيم آباد ” ما يسمى به الآن باتنه، عاصمة ولاية بيهار وأحيانا تكتب كلمة ” الديانوي” بعد اسمه لأنه نشأ في ديانوان وهي قرية صغيرة تبعد عن مدينة باتنه أربعة وعشرين ميلا إلى الجنوب الشرقي [1].

مولده ونشأته: وُلد المحدث العظيم آبادي في 27 ذي القعدة 1273هـ الموافق شهر يوليو 1857م في أسرة تعرف بالوجاهة والشرف والنجابة والترف، والديانة والرئاسة، والصلاح والتقوى. توفي أبوه في 1284هـ فلم يحظ بشفقة أبيه وحبه، وكفلته أمه وجدته، فتربي في حضن أمه وظل حنانها، ونشأ في بيئة صالحة على التقوى والديانة يدر به خاله وجدته.[2]

وكان من تأثير البيئة التي نشأ فيها أن مال إلى اتباع السنة منذ صغره ، وصار متفحصا عن عقائد السلف من الصحابة والتابعين، فبلغ رشده على ذلك.

دراسته وتعلمه: بدأ العظيم آبادي دراسته بقراءة القرآن ثم تلقى العلوم المتداولة على أساتذة عصره في بلدته وفي لكناؤ ومراد آباد ودلهي. رحل إلى دهلي ولازم السيد نذير حسين المحدث الدهلوي، ثم رجع إلى موطنه سنة 1302هـ. ثم قصد إليه مرة ثانية ولازمه ثلاث سنوات. قرأ عليه الكتب الستة والموطأ والدارمي والدارقطني وتفسير الجلالين بكل جد وتدبر، كما استفاد من الشيخ حسين بن محسن الأنصاري وأسند عنه. ورجع إلى موطنه ديانوان، وعكف على الدرس والإفادة والتأليف، وقد وهبه الله ملكة راسخة في علوم الكتاب والسنة، وكان مشغوفا بجميع الكتب النادرة والقيمة في علوم السنة ونحوها بعد التعليق عليها. وأنفق فيها أموالاً كثيرة، له منة عظيمة على أهل العلم وخاصة على طلبة الحديث.

شيوخه: نذكر فيما يلى أسماء أبرز شيوخهم:

1- السيد نذير حسين المحدث الدهلوي.

2- حسين بن محسن الأنصاري.

3- لطف العلي البيهاري.

4- نور أحمد الديانوي.

5- فضل الله اللكنوي.

6- بشيرالدين القنوجي.

7- عبد اللطيف الصديقي، وغيرهم[3].

مجهوداته في خدمة الدين: وقد كرس المحدث العظيم آبادي حياته على خدمة العلم والدين، وفيما يلي بيان بعض أعماله ومدى فوزه فيها. من أهمها:

(الف) التدريس: وقد اشتغل المحدث العظيم آبادي بالتدريس والإفادة، و وسع صدره لطلاب العلم، فأقبلوا عليه وقصدوا إليه من سائر مقاطعات الهند، وغيرها من البلاد مثل إيران وبغداد وعمان ونجد وعسير والبلاد الغربية، وأقاموا عنده شهورا أو سنين، وأخذوا عنه ونهلوا من عمله الجم ومعارفه الواسعة، واستفادوا منه في علوم الحديث خاصة، واستفاد منه خلق كثير، ولم تبق أية بقعة من بقاع الهند و غيرها من أكثر البلاد الإسلامية إلا وقد انتفعت بعلومه، وتخرج على يده كثير من العلماء.

تلاميذه: له العديد من التلاميذ المنتشرين في القارة الهندية وغيرها، ومن أبرزهم الشيخ محمد عبد الرحمن المباركفوري صاحب تحفة الأحوذي.

(ب) التأليف: قد ألف  المحدث العظيم آبادي  كتبا عديدة في اللغة العربية والفارسية والأردية، كانت جهوده مرتكزة على خدمة السنة النبوية، فمعظم مؤلفاته تدور حول السنة. وهو في هذه  المؤلفات  يدافع عن السنة وعقيدة السلف والمحدثين وما إلى ذلك، و يثبت أهمية الإسلام في العالم المعاصر، و يهاجم في الدنيا و الآخرة، و جميع هذه الكتب  في أسلوب معاصر مؤثر، و على نهج عال ممتاز.

 كتبه:

1- غاية المقصود في حل سنن أبي داود.

2- عون المعبود شرح سنن أبي داود.

3-التعليق المغني على سنن الدارقطني.

4- غنية الألمعي .

5- النجم الوهاج في شرح مقدمة صحيح مسلم بن الحجاج.

6- تعليقات على سنن النسائي.

7- هدية اللوذي بنكات الترمذي.

8- المكتوب اللطيف إلى المحدث الشريف.

9-تعليق على إسعاف المبطا برجال المؤطأ للسيوطي.

10- نهاية الرسوخ في معجم الشيوخ.

11- فضل الباري في شرح ثلاثيات البخاري.

12- النور اللامع في أخبار الصلاة يوم الجمعة على النبي الشافع .

13- تحفة المتهجدين الأبرار في أخبار صلاة الوتر وقيام رمضان عن النبي المختار .

14- إعلام أهل العصر بأحكام ركعتي الفجر .

15- القول المحقق في تحقيق إخصاء البهائم .

16- التحقيقات العلى بإثبات فرضية الجمعة في القرى .

17- تنقيح المسائل .

18- الأقوال الصحيحة في أحكام النسيكة.

19- تذكرة النبلاء في تراجم العلماء .

20- تفريح المتذكرين في ذكر كتب المتأخرين.

21- الرسالة في الفقه.

22- رفع الالتباس عن بعض الناس.

23- سيرة الشيخ المحدث عبد الله ” جهاؤ” الاله آبادي.

24- عقود الجمان في جواز تعليم الكتابة للنسوان .

25- غاية البيان في حكم استعمال العنبر والزعفران.

26- فتوى رد تعزية داري.

27-فضل الباري شرح ثلاثيات البخاري.

28- القول المحقق

29- الكلام المبين في الجهر بالتأمين والرد على ” القول المتين “.

30- نخبة التواريخ.

31- النور اللامع في أخبار صلاة الجمعة عن النبي الشافع .

32- نهاية الرسوخ في معجم الشيوخ.

33- هداية النجدين إلى حكم المعانقة والمصافحة بعد العيدين[4].

(ج) الخطابة: وقد أدى واجبه نحو الدعوة في ديانوان حق الأداء، فأرشد المسلمين بخطبته إلى التوحيد، واتباع السنة، وإطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وبيّن مسائل الصفات في ضوء الكتاب والسنة، وماجرى عليه السلف من الصحابة والتابعين وغيرهم من أعلام هذه الأمة. وسعى في إصلاح كثير مما راج هناك من البدع، والأعمال الشركية والتقاليد المحدثة، والعادات القبيحة. فتاب الناس عن العقائد الباطلة والعادات الجاهلية، ورجعوا الى الطريق المستقيم والعقيدة الصحيحة.

(ه) الإفتاء: كان المحدث العظيم آبادي يكتب الفتاوى وهو عند شيخه المحدث الدهلوي يطلب العلم. فقد كان من دأب الشيخ أنه يدرب تلاميذه الناشئين على كتابة الفتاوى، مع تدريسهم الكتب الدراسية ، فإذا جاء الإستفتاء عنده أعطاه بعض الطلاب، فإذا كتبوا الجواب عنه أيده وصوبه وختم عليه باسمه مع إبقاء اسم الكاتب. وكان المحدث العظيم آبادي من أخص تلامذته وأفضلهم وأذكاهم، فكتب كثيرا من الفتاوى في مدة إقامته هناك، والأسف أنه لا يوجد منها إلا البعض.

صفاته وأخلاقه: يصفه الشيخ عبد الحى الحسني  في كتابه “نزهة الخواطر” فيقول: “وكان حليما، متواضعا، كريما، عفيفا، صاحب صلاح وطريقة ظاهرة، محبا لأهل العلم”[5].

وكتب الشيخ محمد زبير الديانوي في ترجمته: “وله حب شديد مع العلماء المحدثين و مع طلبة العلم ……….ومع ذلك كله هو موصوف بالصدق، والحياء، والسخاء، والثقة، والديانة، والأمانة، والعدالة وهو ملازم للجمعة والجماعة”[6].  

     ويظهر مما كتب العلماء عنه أنه “جمع علما وفقها، وأدبا وفضلا، ونسكا وعبادة، وكرما وأخلاقا حسنة، وخصالا مرضية، و سيرا محمودة، التزم على نفسه خدمة الدين، ونشر الإسلام، وإعلاء كلمة الله، وإحياء السنة والملة، وإزالة المنكرات والبدعات المحدثة، يحب العلماء والصلحاء، ويحسن إليهم، وينفق عليهم من نفائس الأموال، ويطيب نفسه بلقاءهم ولذلك لم يزل محطا للفضلاء الكرام والعلماء العاملين، ومأوى للأبرار المتقين والعباد الزاهدين”[7].

مكانته العلمية : كان رحمه الله جامعا بين العلوم العقلية والأدبية والدينية، متضلعا منها، ذا بصر تام بها، ولا سيما بعلم الحديث، فقد كان واسع المعرفة بمتونه وأسانيده وأحوال رجالها، قادرا على التمييز بين صحاح الأسانيد من ضعفها، قل من يدانيه في معرفة أسماء الرجال والجرح والتعديل والطبقات في عصره. وقد كان عارفا بمعاني الحديث وفقهه، ودقائق الاستنباط منه. وله قدرة واسعة في شرح الحديث وكشف معضلاته، يتكلم في المواضع التي ربما تشكل على الباحثين والمحققين وكذلك كان عارفا بالخلاف بين المذاهب مع أدلتها، صائب الرأى في الأمور التي هي من معارك الآراء. ومن يقرأ كتبه: “غاية المقصود” و “عون المعبود” و ” التعليق المغني” و ” إعلام أهل العصر بأحكام ركعتي الفجر” وغيرها يشهد بما كان عليه المحدث من سعة العلم والتبحر فيه.

وأما نبوغه في اللغة العربية، وقدرته على الكتابة بها و براعته في قرض الشعر العربي فتشهد لذلك مؤلفاته وأشعاره، (وإن كانت هي قليلة). قد أعطى الله تعالى المحدث العظيم آبادي ملكة عظيمة في اللغة العربية والعلوم العربية و آدابها، رغم أنه كان من بلاد غير عربية امتلك ناصية هذه اللغة بفضل الله تعالى وجهوده الدائبة. بعد أن تضلع منها و تمهر فيها، استغل هذه اللغة الجميلة خير استغلال و فاق أقرانه في كثرة الكتابات حول المناسبات الإسلامية والثقافية والأدبية. وكانت لغته ممتازة، يكتب بالعربية بدون أي تكلف و مشقة، و لا توجد في عباراته ركاكة، و كان قادرا على أن ينقل أفكاره إلى القراء بعبارات خالية من الأخطاء التعبيرية والنحوية والصرفية، و كان أسلوبه أسلوبا علميا رصينا محكما.

وفاته: ابتلي رحمه الله في آخر حياته بالطاعون، وتوفي في 19 ربيع الأول سنة 1329هـ  الموافق 15 مارس 1911م[8].    

ثانيا: التعريف بكتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود: 

يعتبر الكتاب: “السنن” للإمام أبي داود رحمه الله (275هــــ) من الأمهات الستة[9]. وهذا الكتاب هو أهم الكتب التي صنفها الإمام أبوداود، ويعتبر من الكتب البديعة التي أعجب بها العلماء إعجابا شديدا، وكثير من العلماء جعل منزلته بعد الصحيحين بل بعضهم وازن بينه وبين صحيح مسلم[10].

وذكر الخطيب البغدادي: “أنه صنفه قديما، وعرضه على أحمد بن حنبل فاستجاده واستحسنه”.[11] وقال محمد بن مخلد: كان أبوداود يفي بمذاكرة مائة ألف حديث، ولما صنف كتاب السنن وقرأه على الناس صار كتابه لأصحاب الحديث كالمصحف يتبعونه ولا يخالفونه[12]. وقد جمع فيه جملة كبيرة من أحاديث الأحكام التي عليها مدار الاستدلال، فهو بذلك أصل في بابه لا يستغني عنه فقيه لمعرفة أدلة المسائل.

وقد لقي كتاب “السنن” إهتماما بالغا من علماء الأمة، فاعتنوا بروايته وشرحه وتهذيبه وتخريج رجاله إلى غير ذلك من الخدمات المتنوعة، وقد كثر اعتناء المتأخرين بشرح الكتاب والتعلق عليه، خاصة ما كان من جهود علماء الهند في ذلك.

شروح كتاب السنن:

 للكتاب شروح كثيرة منها:

1. معالم السنن لأبي سليمان أحمد بن محمد بن إبراهيم بن خطاب البستي الخطابي .

2. شرح الإمام النووي ولكنه لم يتمه.

3. العدد المودود في حواشي سنن أبي داود للحافظ المنذري.

4. شرح شهاب الدين أحمد بن حسين أرسلان الرملي.

5. شرح محمد أحمد بن محمد بن إبراهيم بن هلال المقدسي.

6. شرح أبي زرعة العراقي .

7. مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود للسيوطي.

8. بذل المجهود في حل سنن أبي داود لخليل أحمد السهارنفوري.

9. عون المعبود شرح سنن أبي داود لمحمد شمس الحق العظيم آبادي. وغيرها من الشروح الأخرى .

وأشهر هذه الشروح كتابنا هذا “عون المعبود شرح أبي داود ” لِما قاله العلماء  والذي اختصره المؤلف من شرحه الكبير “غاية المقصود في شرح سنن أبي داود”، بحيث انه لو بلغ إلى إتمامه لوقع في 32 مجلدا، ولكنه وصل إلى الجزء الواحد والعشرون من السنن ولم يوفق إلى إتمامه.

وقد لقي هذا الشرح رواجا كبيرا بين أهل العلم، لما تميز به من حسن التأليف وجودته وجمع فيه الإمام كثيرا من أحاديث الأحكام ، بحيث لا يستغنى عنه أي طالب يريد الوقوف على دلائل الأئمة المجتهدين.

طبعات الكتاب:

للكتاب عدة طبعات من أشهرها:

الطبعة الهندية حيث طبع الكتاب للمرة الأولى في الهند، وهي المشهورة بالنسخة الهندية، في أربعة مجلدات، كان طبع الأول منها عام 1318هــ، وانتهى من طبع المجلد الرابع و الأخير عام 1323هــ .

–  وقد صورت هذه الطبعة دار الكتاب العربي- بيروت، وعن هذه المصورة اشتهر الكتاب في الوقت الراهن.

–  ثم نشرالكتاب بتحقيق: عبد الرحمن محمد عثمان، من المكتبة السلفية سنة 1388هـ، في 14 مجلدا.

–  ثم دار الكتب العلمية – دون محقق- سنة 1410هـ، في 7 مجلدات مع مجلدين للفهارس.

ثم نشر في مجلد أخرج أحاديثه: رائد بن صبري بن أبي علفة عن المطبعة بيت الأفكار الدولية للنشر والتوزيع.

ثم طبع جديدا بتحقيق مشهور حسن، في7 مجلدات،حيث اعتمد فيها على الطبعة الهندية.

 محتويات الكتاب:

 و”عون المعبود” هذا هو الشرح المختصر على السنن، طبع لأول مرة بالمطبع الأنصاري بدهلي في أربعة مجلدات ضخام على القطع الكبير، ومجموع صفحاته يبلغ تسعمائة وألف صفحة تقريبا.

وفيما يلي بيان الأجزاء مع سنة طباعتها:

الجزء الأول في 569صفحة، طبع سنة 1318هـ، يبتدئ هذا الجزء من أول كتاب الطهارة وينتهي إلى آخر كتاب الصلاة [13].

والجزء الثاني في 350صفحة ، مطبوع بدون تاريخ ، من أول كتاب الزكاة إلى انتهاء ” باب في التولى يوم الزحف ” (من أبواب كتاب الجهاد).

والجزء الثالث في 433 صفحة ، طبع سنة 1319هـ من أول ” باب في الأسير يكره على الكفر ” إلى انتهاء كتاب الأطمعة.

والجزء الرابع في 544 صفحة ، طبع سنة 1322هـ ، من أول كتاب الطب إلى نهاية الكتاب .

وفي آخر هذا الجزء ” تنبيهات جليلة عظيمة، وفوائد نافعة مهمة لا يستغنى عنها الطالب[14] و ما كتبه المؤلف في مقدمة “غاية المقصود” يتلخص في النقاط التالية:

النقطة الأولى : في ذكر تنقيد أحاديث السنن وتخريجها[15].

والثانية : في ترجمة المؤلف الإمام أبي داود ، وذكر رواة السنن عن أبي داود على سبيل الإختصار.

والثالثة : في ذكر اختلاف نسخ المتن[16].

والرابعة في ذكر كتب الأطراف[17].

والخامسة في النسخ التي ظفر الشارح بها وبيان الاختلاف بينها[18].

إزالة الخفاء عن خطأ بعض العلماء في نسبة هذا الشرح إلى مؤلفه:

إن الكتاب “عون المعبود” فهو مختصر من الشرح المطول” غاية المقصود” ، وقد وقع خطأ لبعض العلماء في نسبة هذا الشرح المختصر إلى المؤلف، فيظنون أن عون المعبود من مؤلفات الشيخ محمد أشرف (1326هـ) أخي المحدث العظيم آبادي بناء على ما ورد في بعض الأماكن من الكتاب من التصريح باسمه [19].

وقد تعرض الباحث الكبير الأستاذ الشيخ محمد عزير شمس  في كتابه “حياة المحدث شمس الحق وأعماله” لهذا الخطأ، وبيّن الصواب في هذه القضية، وذكر الوجوه التي لا تصح لأجلها نسبة الكتاب إلى محمد أشرف العظيم آبادي وهي فيما:

الأول: أن المحدث العظيم آبادي صرح نفسهـ بأن الكتاب ــ الأجزاء الأربعة منه ــ من تأليفه حقيقة، وإنما نسب المجلدين الأولين إلى أخيه تأليفا لقلبه، فانه كان عضوا قويا من اللجنة التي تعمل لجمع المواد المتفرقة بأمر المحدث العظيم آبادي. قال الشيخ عبد الحي الحسني (1341هـ) في ترجمة الشيخ محمد أشرف” وقد عزا إليه صنوه شمس الحق المجلد الأول ( والثاني) من عون المعبود، أخبرني بذلك الشيخ شمس الحق”[20] . ولا مجال لإنكار هذا البيان.

الثاني: أن ناشر كتاب “عون المعبود” ــ الشيخ تلطف حسين العظيم آبادي (1334هـ) الذي كان يعلم حقيقة الأمر لكونه من أصدقائه ــ قال في خاتمة المجلد الرابع: ” ثم شرع ( المحدث العظيم آبادي ) في هذا الشرح الصغير المسمى بـ ” عون المعبود شرح سنن إبي داود، فجاء هذا الشرح الصغير في مجلدات ضخمة …… وإن الفاضل الجليل أبا الطيب قد جمع جماعة من الأعيان وقت تصحيح المتن والمعارضة وتأليف الشرح واستعان منهم بما يليق لشأنهم وأكتفي بذكر أربعة منهم :

1.أخوه الفاضل المولوي أبوعبد الرحمن شرف الحق المشهور بمحمد أشرف الديانوي العظيم آبادي .

2. نخبة المبرزين، عمدة الفاضلين المولوي عبد الرحمن المباركفوري صاحب تحفة الأحوذي.

3. ابن الشارح النبيل، وهو ذو القدر النفيس، الفطن الذكي المولوي أبو عبد الله إدريس بن أبي الطيب الديانوي العظيم آبادي.

4. الصالح البار، الحاج عبد الجبار بن الشيخ العالم نور أحمد الديانوي.

الثالث: أن جميع تلاميذ المحدث العظيم آبادي وشيوخه وأصحابه متفقون على أن الكتاب من مؤلفاته[21] ، ولم يذكر أحد منهم أن الكتاب ألفه أخوه الشيخ محمد أشرف، ولو كان الأمر كذلك لصرح به كل واحد . على كل حال، فلا شك في أن عون المعبود من مؤلفات الشيخ المحدث العظيم آبادي، لا أخيه الشيخ محمد أشرف.

 غرض تأليفه:

 ويعد هذا الشرح من الشروح القيمة التي تم تأليفها لشرح سنن أبي داود، ونقدم العبارات التالية لكي تتبلور أهمية هذا الكتاب وغرض تأليفه، فيقول صاحب الكتاب:

“إن هذه الفوائد المتفرقة والحواشي النافعة على أحاديث سنن أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، جمعتها من كتب أئمة هذا الشأن، مقتصرا على حل بعض المطالب العالية، وكشف بعض اللغات المغلقة، وتراكيب بعض العبارات، مجتنبا عن الإطالة والتطويل وإلا ما شاء الله، وسمّيتها بعون المعبود على سنن أبي داود، تقبل الله عني، والمقصود من هذه الحاشية المباركة الوقوف على معنى أحاديث الكتاب فقط من غير بحث لترجيح الأحاديث بعضها على بعض إلا على سبيل الإيجاز والاختصار، ومن غير ذكر أدلة المذاهب على وجه الإستيعاب إلا في المواضع التي دعت إليها حاجة”[22].

منهج الشرح:

ويمكن أن نبين منهج الشارح في كتابه  كما يأتي:

1. هو شرح غير ناقص على الكتاب، ومن غيره شروح كثيرة للكتاب ولكنها ليست كمثل شرح العيني، والسبكي.

2. شرح وسط يفيد طالب العلم، ولا يضجره بطوله.

3. البداية بنقل عبارة من الحديث ثم التكلم عليها.

4. تمييز المهمل.

5. تسمية المنسوب من الأسماء.

6. ضبط اللفظ إن اقتضى ذلك.

7. الاعتناء ببيان اختلاف روايات متن السنن وإثبات الفروق بينها.

8. شرح الكلمات الغريبة، والتكلم على فقه الحديث.

9. الاعتناء بتخريج أحاديث الكتاب اعتمادا على كلام المنذري في مختصره لسنن. وذلك أنه قال في التنبيه الأول: “أكثرت النقل من كلام الحافظ المنذري حتى قلت تحت كل حديث (قال المنذري كذا وكذا)، لأن المنذري قد اختصر كتاب “السنن” من رواية اللؤلؤ فأحسن في اختصاره.

10. الاعتناء بتصويبات ابن القيم وتعليله للأحاديث.

11. النقل عن فتح الباري وغيره من الشروح.

ميزات الشرح تتلخص فيما يلي:

1. يظهر في الكتاب اتباع المؤلف للنصوص، وهذه ميزة مهمة جعلت بعض الأحناف من الهنود يشنعون عليه، ولا عيب فيه إلا اتباعه للسنة وهذا ليس بعيب.

2. كون الشارح صحيح المعتقد لا يؤول الصفات بل هو مثبت لها، ومقرر للسنة.

3. يرد أهل البدع كأهل القبور الذين يعظمونها، بل نجد المؤلف يرد على البدع المعاصرة لوقته ردا طويلا كرده على القاديانية عند شرح حديث نزول عيسى عليه السلام.

ثناء العلماء على هذا الكتاب:

1. قال حسين بن محسن الأنصاري الخزرجي السعدي اليمني: “فهذا شرح لم ينسج في هذا الزمان على منواله، ولم يحم أحد من أهل هذا الوقت على شكله ومثاله”.

2. قال الشيخ عبد المنان الوزير آبادي: “فإني لما طالعت عون المعبود شرح سنن أبي داود، ولاحت لي بدائع بيانه، واستنارت شمس البراعة من تبيانه، ألفيت موضوعا قلما اتفق لأحد وتأتي مؤلفا مطبوعا لا ترى فيه عوجا ولا أمتا…”[23]

خلاصة القول إن العلامة المحقق المحدث محمد شمس الحق العظيم آبادي من كبار محدثي الهند الذين قادوا حركة أهل السنة، وأحد نوابغ العصر ممن يشار إليه بالبنان، وحاز مكانا مرموقا في الأوساط العلمية، فإنه ترك للناس لتقدمه وجلالته في العلوم الحديثية كثيرا من مؤلفات جليلة نافعة، وخاصة كتابه “عون المعبود شرح سنن أبي داود ” طبع أكثر من مرة في الهند وخارجها وصار مرجعا لا يستغنى عنه أى باحث أو دارس للسنة، وبذلك ذاع صيته من الهند إلى بلاد العرب في كل قطر .

الهوامش:

[1] شمس، محمد عزير: حياة المحدث شمس الحق وأعماله، ص:13-15.

    [2]. المرجع السابق، ص: 19.

[3] المرجع السابق، ص:  20-29

[4]. المرجع السابق،ص: 91  – 239 .

[5] الحسني، عبد الحي: نزهة الخواطر ، المجلد الثامن، ص: 180.

[6] . الديانوي، الشيخ محمد زبير عتيق: يادگارگوھری، ص: 19.

[7] المباركفوري، المحدث عبد الرحمن: مقدمة ” تحفة الأحوذي”، ص : 6.

[8] شمس، محمد عزير: حياة المحدث شمس الحق وأعماله، ص  8.

[9]مجلة ” صوت الأمة ” ( مقال للدكتور مستفيض الرحمن ) ، فبراير 2010م، ص: 38.

[10] السيوطي، جلال الدين: تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي، الطبعة الثانية، ص: 168.

[11] المزي، ، جمال الدين أبو الحجاج يوسف: تهذيب الكمال في أسماء الرجال، ص: 365

[12] المصدر السابق.

[13] العظيم آبادي، المحدث محمد شمس الحق: عون المعبود شرح سنن أبي داود، المجلد الرابع، ص: 544.

[14] نفس المصدر :1/ 12.

[15] نفس المصدر : 4/544

[16] نفس المصدر : 4/545.

[17] نفس المصدر : 4/546.

[18] نفس المصدر : 4/547.

[19] الحسني، عبد الحي: نزهة الخواطر، المجلد الثامن،  ص: 48 .

[20]شمس، محمد عزير: حياة المحدث شمس الحق وأعماله، ص: 170.

[21] العظيم آبادي، المحدث محمد شمس الحق: عون المعبود شرح سنن أبي داود، المجلد الأول، ص: 2.

[22] نفس المصدر :1/567.

[23] . نفس المصدر :8/526 .

المراجع والمصادر:

1. الحسني، عبد الحي: نزهة الخواطر، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، حيدرآباد، 1382هـ/ 1962م.

2. الديانوي، الشيخ محمد زبير عتيق: يادگارگوھری، بتنا، بيهار، 1312هـ .

3. السيوطي، جلال الدين: تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي، المجلد الأول، مكتبة الكوثر، الطبعة الثانية.

4. شمس، محمد عزير: حياة المحدث شمس الحق وأعماله، إدارة البحوث الإسلامية بالجامعة السلفية، بنارس، الهند، الطبعة الثانية،1991م.

5. العظيم آبادي، المحدث محمد شمس الحق: عون المعبود شرح سنن أبي داود، المجلد الرابع ، المطبع الأنصاري بدهلي، المطبع الأنصاري بدهلي، 1322هـ. .

6. المباركفوري، المحدث عبد الرحمن: مقدمة ” تحفة الأحوذي” الطبعة الأولى، دهلي، 1359هـ.

7. مجلة ” صوت الأمة ” ( مقال للدكتور مستفيض الرحمن ) المجلد (42) العدد الثاني، فبراير 2010م.

8. المزي، جمال الدين أبو الحجاج يوسف: تهذيب الكمال في أسماء الرجال، مؤسسة الرسالة، 1983م.

 

 

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here