سّردية الإرهاب ومساءلة الواقع في رواية (رقصة الجديلة والنهر) مقاربة سيميائية
الدكتور محمد قاسم لعيبي
كلية التربية ابن رشد للعلوم الإنسانية، جامعة بغداد، العراق
—————————
الملخص:
بات من الضروري التوقف عند علاقة الخطاب الروائي في العراق بقضايا الواقع، ولاسيما قضية الإرهاب، ضمن إطار مقاربة المتن الروائي، ومحاولة فهم علاقة الإرهاب بالأدب وأثرها على النص السردي، إذ نسعى للإجابة على السؤال الآتي: كيف وظف الروائي قضية الإرهاب من خلال تجربته السردية؟
إن البحث في ظاهرة الإرهاب وعلاقتها بالخطاب الروائي يقودنا إلى استقراء النصوص التي ارتبط ظهورها بمرحلة بروز الإرهاب في المجتمع العراقي، لأن ما سجلته هذه النصوص يمثل توثيقا مهما لهذه المرحلة، فضلا عن أنها تحدد موقف الكاتب وإحساسه تجاه ما يحصل.
وعليه جاء اختيارنا لرواية (رقصة الجديلة والنهر) لـ وفاء عبد الرزاق لتكون مدونة بحثنا التي تزامن صدورها مع ما يشهده العراق من أحداث إرهابية، لتستمد الدراسة مادتها من الواقع، في محاولة لمساءلة وملامسة قضاياه الفاعلة، عبر استنطاق النص الروائي وعلى وفق معطيات المنهج السيميائي.
المقدمة:
شهد العراق تحولات كبيرة منذ العام 2003، شكلت منعطفاً حرجاً في تاريخ البلاد المعاصر، فكان لزاماً على المشهد الثقافي العراقي أن يتفاعل وهذه التحولات بمستوياتها كافة.
وفي ظل هذه التحولات وجد المثقف العراقي نفسه وقد تواصل مع هذه التحولات على نحو يرسم طبيعة العلاقة الجدلية التي استطاعت أن تواكب المرحلة وتقترب من الواقع عبر تجارب روائية سعت جاهدة لرصد قضية الإرهاب وتداعياتها المختلفة وتحديد أبعادها، تمهيداً لتعريتها، ومن ثم مقاومتها فكرياً وثقافياً.
ونحن في هذه الدراسة نسعى إلى استنطاق النص الروائي الذي انشغل بقضية الإرهاب، في محاولة لرصد حيثيات العلاقة بينهما وأثرها في بنية النص السردي.
ومن هنا جاء اختيارنا لموضوع الدراسة الموسوم بـ (سّردية الإرهاب ومساءلة الواقع في رواية رقصة الجديلة والنهر – مقاربة سيميائية)، هذه الرواية التي تزامن ظهورها مع ما يشهده العراق من موجة إرهاب لا نظير لها، إذ اهتمت بطرح قضايا إرهابية قريبة جداً من زمن كتابة الرواية، وعليه يمكن عدها من الأدب الذي يسعى إلى تسجيل الواقع تزامنا مع الحدث المعاش.
أما اختيارنا للمنهج السيميائي، فكان لما يتمتع به هذا المنهج من أدوات إجرائية تسمح لنا بمقاربة النص السّردي بوصفه بنية سّردية و تحديد خيوط العلاقة مع الواقع الذي يؤثر فيه ويستمد مادته منه، بمعنى أنه يتيح تناول المضامين المختلفة لـ موضوعة الإرهاب، فضلا عن الحفاظ على السمات الأدبية للنص السردي، هذا من جانب، أما الجانب الآخر فيرتبط بما اعتمدته الرواية من رموز وإشارات مثلت بمجموعها متناً سردياً يتوافق مع المنهج المقترح.
وللوصول إلى غاياتنا المنهجية الموضوعة، جاءت الدراسة على ثلاثة محاور، هي على النحو الآتي:
المحور الأول: مدخل اهتم بوضع اليد على موقف الرواية العراقية المعاصرة من قضية الإرهاب.
المحور الثاني: عتبة منهجية (العناصر السيمائية الدالة والسّرد) سعت إلى قراءة الأدوات المنهجية السيميائية في مقاربة النص السردي، على النحو الذي يسمح لنا بتحديد مفاصل الرواية المختلفة.
- أماالمحور الثالث فقد اعتمد مقاربة لبنية العناصر السيميائية الدالة في الرواية، وتوزعت على النحو الآتي:
أولا: العناصرالسيميائية الدالة على الإرهاب وجرائمه
ثانيا: العناصرالسيميائية الدالة على رفض الإرهاب ومقاومته
ثالثا: العناصرالسيميائية الدالة على الهجرة الجماعية والنزوح
رابعا: العناصرالسيميائية الدالة على وحدة المصير في مواجهة الإرهاب
وجاءت الخاتمة للكشف عن أهم الأفكار والنتائج التي توصلت إليها الدراسة، فضلاً عن قائمة الإحالات، والمصادر.
الرواية العراقية المعاصرة وواقع الإرهاب
ثمة تواصل حتمي بين المادة الروائية وما يقدمه الواقع من أحداث وشخصيات وأفكار هي بالنتيجة تدفع بالنقد إلى العمل على كشف النص عبر التجربة الحياتية، وقراءة موقف الكاتب من الواقع الذي يعرفه ويخبره أما عن طريق التجربة والمعايشة أو عن طريق القراءة والاطلاع والبحث اليومي.
إن الرواية بوصفها ظاهرة أدبية أسست لمنجزها على خريطة الإبداع الثقافي في العراق، تسعى إلى إثارة النقاد والمتابعين على حد سواء، إذ تحاول أن تحدد خصوصيتها وجماليتها عبر تراكمها الإبداعي، ومثل هذا التوجه يتوقف على طبيعة وإمكانات الكاتب، فضلا عن قابليتها على إزاحة الستار عن إرهاصات المواقف المختلفة التي يمر بها العراق .
لقد شهد العراق منذ نهاية القرن المنصرم وحتى يومنا هذا أحداثاً متلاحقة ممثلة بـ بالحروب وتداعياتها، والحصار الاقتصادي، والاحتلال الأجنبي، والاحتقان الطائفي، فضلا عن ظاهرة الإرهاب فيما بعد، ويبدو من الطبيعي أن يحرّض هذا الأمر على تحولات مهمة ترافق الرواية العراقية المعاصرة على مستوى الرؤية والخطاب، ليتخذ الواقع بكل أشكاله الصدارة في اهتمامات الكتاب، للتعبير عن هذه الأحداث، وهو الأمر الذي أسهم على بلورة اتجاه روائي جديد اتخذ من الأوضاع العراقية بكل صورها المختلفة بؤرة مركزية لمتنه الحكائي، فينطلق من الثيمات الصغيرة من مثل: الحروب وتداعيتاها، والهجرة والاغتراب، والموقف من الآخر بكل أشكاله، والفقر والجوع والتخلف، والاحتلال، فضلا عن ظاهرة الإرهاب التي أصبحت تشكل ملمحاً خطيراً يهدد بنية المجتمع العراقي بأكمله.
وبطبيعة الحال مثل هذا التوجه في تناول الواقع ((لا يعني بالضرورة تناولاً بصورة واضحة للأزمة، بل تفاعله مع إفرازاتها والمرجعيات المختلفة التي أنتجتها وأنتجت ناسها وسلوكياتها وذهنياتها الجديدة ))(1).
فالروائي هو الأقرب إلى الواقع، لأن المادة الروائية تستمد قيمتها من الواقع والحياة الإنسانية، وهذا ما ذهب إليه (غراهام) بتأكيده على مهمة النقد في هذا الخصوص بقوله: ((أي نقد للرواية يهمل روابطها بالواقع التاريخي هو نقد يزيف القيم الحقيقية للرواية))(2) لأن مايهم الكاتب هو وضع مادته بين يدي القارئ وقد اقتنع بالموضوع المثار بعد أن يكون قد بحث في كل ما يتعلق بها ((فالكاتب يهتم بنبش أعماق الظاهرة وتفكيك خيوطها ليوقف القاريء على صيرورتها وطبيعتها))(3).
يتيح النص الروائي دينامية توفر الفضاء المناسب لتحقيق بنية سردية إبداعية وصولاً إلى إنتاج أشكال سردية تسهم في تشكل رؤية ذاتية تحدد طبيعة التواصل مع مختلف التطورات على مستوى الواقع، فالواقع الخارجي بجميع أشكاله لا يمكن أن يكون مطابقا للأدبي المتخيل، غير أنه يتشكل في إطار هذا المتخيل، لأن الأدب مهتم بالتواصل مع الواقع بطرائق مختلفة فهو ((يعكس الواقع أو يحاكيه في مضمونه الماثل للعيان ))(4).
وبما أن الروائي عبر تعامله مع الواقع يسعى إلى تجاوز القراءة البسيطة والمباشرة لتحقيق مكونات تخيلية تختفي فيما بعد مع البناء السطحي(5) فهو حريص على وضع الحدود الفاصلة بين الواقع والتخييل التي تحافظ على السمات الفنية في عمله، وهذا ماذهب إليه روحي الفيصل بقوله: ((لقد نظرت إلى الرواية على أنها عمل فني تخييلي، وحرصت على أن لايكون هناك تداخل بين الواقع الفني والواقع الروائي ))(6).
إننا نفهم أن الواقع الموجود في النص الروائي ليس بالضرورة هو ذاته موجود في الحقيقة، غير أنه لايمكن أن تحقيق هذا الوجود من دون الواقع، فعندما يبتعد الحكي عن الحقيقة وتختفي ملامح الواقع ينطلق عالم التخييل في إنتاج عالمه السردي الخاص، وهذا ما جعل التعامل مع الواقع من وجهة نظر أدبية ممكن التحقق على وفق توجه رؤية يجمع بين الاثنين ضمن إطار عالم سردي يسعى إلى الحفاظ عليهما سوية.
والرواية العراقية المعاصرة التزمت هذه الرؤية عند محاولتها الاقتراب من واقع الإرهاب، للوقوف على حقيقة ما يجري بتجلياته المختلفة وتداعياته العميقة التي طالت البنية المجتمعية برمتها، عبر اعتمادها سّرديات تفاعلت مع الواقع سعت إلى رصد حيثياته وأشكاله وصوره المتداخلة، سعياً منها لإثبات مسؤوليتها تجاه ما يجري وتسجيل حضورها تواصلاً مع حركية المجتمع، لأن الروائي (( لم يعمد إلى توظيف الظاهرة الإرهابية على سبيل الموضة أو لمجرد مواكبة الإحداث، بل الأصح أن الإرهاب يحضر في الأذهان شئنا أم أبينا، وبالتالي كان لا بد أن يترك بصماته في الكتابة ))(7).
ويبدو أن هذا التفاعل مع الواقع لا يخلو من الارتباط بمرجعيات مختلفة بدت واضحة أحياناً في بعض التجارب الروائية، لأن ((النص الروائي لا بد له من رؤية ايديولوجية معينة يقوم عليها، فليس غريبا أن يلتزم الكاتب بايدلوجيا معينة لأن ذلك جزء من تحقيق الذات))(8).
ولكي يبتعد الروائي عن عمل المؤرخ في التسجيل والتوثيق كان لابد له من أن يخضع مادته الملتقطة من إلى عمليات التغيير التي تعتمد البعد الفني في جانبها الإجرائي، و بهذا التغيير ((تتم عملية التخييل التي تجعل من ما يقدمه الكاتب الروائي فناً لا توثيقاً ولا تاريخاً لأن الكتابة ليست مجرد محاكاة مطابقة للواقع ))(9).
لأننا نعتقد أن الرواية هي عملية خلق لواقع تخييلي، غير أنه ليس واقعاً حياتياً ميتافيزيقيا، بل هو واقع يحقق وجوده عبر اعتماده عناصر وتركيبات ليست موجودة مادياً وواقعياً، ويتم تقديمه عبر بنية ونسق يجعلانها محتملة الوجود (10)فإن اعتماد الرواية العراقية المعاصرة لظاهرة الإرهاب في متنها السردي إنما يأتي من قبيل استدعاء الواقع بعناصره وتركيباته المختلفة الفاعلة، والتواصل مع حركة المجتمع، لأن ((الظاهرة الإرهابية لا تحضر في شكل خطاب سياسي سمج، بل تحضر بوصفها جزءاً من حركية المجتمع، تعيقه وتشده إلى الخلف))(11) هو بالتالي تشترك في قراءة وتشخيص لهذا الواقع بأبعاده السلبية منها والإيجابية.
وعليه فقد عملت الرواية العراقية المعاصرة جاهدة على تقديم نصوص روائية تسعى إلى ملامسة طبيعة الإرهاب والبحث في جذوره وأسبابه المختلفة، فضلا عن تقديم صور مختلفة لهذا الإرهاب وتداعياته السلبية على مستوى المجتمع وعلى مستوى الأفراد، وسجلت موقف المثقف العراقي الرافض للإرهاب وفكره المتطرف، إذ جعلت من هذه القضية السؤال الأهم في المتن الحكائي الذي يعكس تجربة مريرة وقاسية عصفت ببنية الشعب العراقي واتخذته متناً حكائياً، لأن ((الإرهاب ليس حدثا عابرا، ولا مجرد خبرا يسمع أو يقرأ، بل أنه أحد مكونات الرواية، وهو عنصر فاعل فيها حتى لو كان عنصر هدم لا بناء))(12)، إيمانا منها بضرورة حضورها وتحملها مسؤولية البحث والسؤال عن هذه الظاهرة الدخيلة على المجتمع العراقي ومن ثم الإسهام في قراءة جادة، وصولا لمعالجة إشكالاتها المعقدة وتجاوزها، عبر سعيها الحثيث للتجديد بكل ما توافر لديها من إمكانات على مستوى الرؤية والخطاب، توافقا مع طبيعة المرحلة التي اتسمت بالحركية وعدم الثبات على مختلف المستويات.
عتبة منهجية (العناصر السيمائية الدالة والسّرد)
طرح (غريماس) مجموعة من القواعد الضرورية لتحليل الخطاب السّردي، بناءً على موقف مختلف للبنية السّردية، فأصبحت قواعد تحليل الرواية قواعد سيميائية، وجعل من البنية السّردية بنية سيميائية عميقة تنظم المعنى وتتمثل الأشكال العامة لتنظيم الخطاب(13).
وعليه فقد اعتمدت السّردية مهمة مبدأ التنظيم لكل خطاب، لأن البنيات السّردية هي التي تحدد المستوى العميق لكل عملية سيميائية(14) فضلا عن وضع اليد على الدلالة المتوخاة، إذ تمثل تركيباً مستقلاً ضمن التنظيم العام للسيمياء من حيث هي علم للدلالة (15).
وبذلك أصبحت قضية التواصل بين موضوعات السّرد المختلفة والسيميائيات أمر لا بد منه، لأن مثل هذا التواصل يمكّن النقاد من قراءة الإبداع الأدبي قراءة مختلفة تتكئ على أدوات نقدية إجرائية تمنحهم الحرية اللازمة للوصول إلى الدلالة العميقة للنصوص(16)، يمكن من خلالها تمييز عناصر سّردية عدة، وهي بذلك تفتح آفاقا لعلاقات مختلفة تجمع بين مختلف الملفوظات السّردية(17). وتعمل على تأسيس منظومة علاقات دلالية كبرى بالنسبة للسيمياء بوصفها بنية سردية تمثل بكليتها كينونة النص السّردي.
يتخذ المنهج السيميائي مسارين يمكن من خلالهما الوقوف على العناصر السيمائية الدالة للنصوص(18)، هما:
الأول هو ما يدرك بالوحدات الدالة، وهي وحدات صوتية يمكن أن تتناسل إلى عناصر أخرى أقل منها.
والثاني هو ما يدرك عبر تفعيل الوحدات الصوتية المميزة الفاعلة التي تشير إلى دلالات بعينها تستدعي التوقف عندها.
وتعد هذه العناصر نواة النص السّردي، كونها تسهم بتحديد أبعاد سيميائية ثرة تعتمد العلاقات السيميائية،فضلا عن اكتنازها بالعلامات والإشارات ذات الحمولة الدلالية العميقة، التي يمكن تصنيفها على أنها عناصر محورية في عملية البناء السّردي، لما تمتلك من طاقات كبرى في التعبير عن رؤى النص السّردي، استناداً إلى طاقاتها الدلالية المعبرة.
ومن هنا يتبين أن النص السّردي يقوم على بنية عميقة هي بنية كبرى، تعمل على تحقيق التماسك الدلالي للنص والحفاظ على مسار السّرد الذي ينظم الوحدات السّردية في الخطاب(19) فهي ((الأساس البنائي المشترك الذي يجد فيه السّرد نفسه منظما قبل تجليه، لكونه مستوى سيميائيا مشتركاً ومختلفاً عن المستوى اللساني وسابقا له منطقيا ًمهما كانت اللغة المختارة للتجلي))(20).
لقد عملت السيمائيات السّردية على تحديد البنى العميقة للنصوص التي تتحكم بمظاهر الخطاب، فضلاً عن تحديد وظائف معينة للسرد(21)بعد أن ركزت على الملفوض بوصفه مجموعة من الأحداث المترابطة فيما بينها، لأن مايهمها ليس ما يطرحه النص؟ ولا قائله، بل هي تهتم بـ الكيفية التي يقدم بها النص مضمونه؟ اعتماداً على طروحات كل من: (بريمون، وغريماس) فضلاً عن طروحات (بروب) الذي سبقهم في هذا الجانب.
إن عملية الوصول إلى المعنى المقصود تتطلب الكشف ((عن شبكة العلاقات القائمة في صلب النص، وحصرها، بربط الوحدات السّردية وفق الغايات القصوى المقصود بلوغها ))(22)، لأن مثل هذه الوحدات والعناصر تمثل نسقاً وبنية تعتمد قواعدها الخاصة التي تساعد في قراءة دلالات النص المختلفة في بنيتها العميقة.
وبناءً على ما تقدم يصبح لازما علينا الاهتمام بالمضامين السًردية وتحليل القوانين السيميائية الضابطة لها، للكشف عن وظيفة النص، لأن المعنى يفسر على أنه أثر ناتج عن شبكة العلاقات الرابطة بين العناصر الدالة، فالغاية الأهم هي الوقوف على الكيفية التي تكون بها المعنى داخل النص، وهو ما يسمى (التشكل السيميوطيقي للمحتوى )(23).
إن تحديد هذه العناصر المكونة لبنية النص السّردي تساعد في قراءة النص والوقوف على أساليب تشكل دلالاته المختلفة، لأن ((كل مقطع سّردي قادر على أن يكون وحدة مستقلة بذاتها، كما يمكن أن يدخل ضمن حكاية أوسع، وهو أمر من شأنه أن يضيء دلالة الخطاب، ويخلق آثار معنى يسهم في بناء دلالة النص ))(24).
وعليه سنسعى إلى مقاربة رواية (رقصة الجديلة والنهر) لـ وفاء عبد الرزاق مقاربة سيميائية على وفق فهمنا للإشارات والرموز المعتمدة في بنيتها السّردية، التي يمكن تصنيفها على أنها عناصر سيمائية دالة تمثل في بنية الرواية، العميقة ورؤيتها الخاصة في مساءلة الواقع ولاسيما قضية الإرهاب.
بنية العناصر السيمائية الدالة
اعتمد خيال السّارد في رواية (رقصة الجديلة والنهر) لـ وفاء عبد الرزاق إشارات ورموزاً بناءً على قناعاته بوظيفتها الفاعلة للنهوض بخطابه السّردي، على نحو يحقق له انجاز رسالته المتوخاة على أكمل وجه، شكلت في النهاية عناصر سيميائية تحمل دلالاتها الفاعلة كل ضمن سياقة الخاص، الذي ينهض بتحديد مفاتيح مهمة تسهم في الوقوف على المعاني العميقة، وبالتالي استيعابها من قبل المتلقي والتفاعل معها، ويمكن تحديد هذه العناصر، بالآتي:
أولا: العناصر السيميائية الدالة على الإرهاب وجرائمه.
إن من مهام السيميائية السّردية الأخذ بعملية السّرد نحو النمو والتطور تدريجياً، وتحاول من وراء هذا دفع المتلقي للوقوف على مرامي الخطاب وغاياته البعيدة، التي تجعل من القص بنية تقوم على الحركة والنمو اعتماداً على الإشارة والرمز.
ولكي تحقق كل هذا قدمت الرواية صوراً عدة للإرهاب وجرائمه عبر تلمس آثاره على صعيد الفرد والمجتمع،بدءاً من الطفل الصغير مرورا بالرجل والمرأة والشاب والشيخ الكبير، فهذا الطفل الصغير الذي فقد نطقه وعائلته على يد الإرهاب يناجي نفسه ويقول: ((– تعالي يا أمي، فالجو هنا تلفه سكينة الظلام،كل الظلام حياتي،والأيام كفن طويل … وليكن جناحك جباراً كجبروت من قتلك، وأردى أبي مضرجا بدمائه ))(25)ويقول أيضا (( ألم البعد وأختي الصغرى انغرس في قلبي.. تعلمين يا أمي قسوة الدمع المتجمد في العين؟
يصبح حجراً مدبباً، أو زجاجاً، وحين أحرك جفني يتهشم ويصبح أكثر قسوة وإيلاماً))(26).
لقد لجأ السّارد إلى الكشف عن الآثار النفسية لهذه الشخصية (الطفل) أحد ضحايا الإرهاب وهو يشير بحمولته الدلالية إلى معاناة شعب كامل، لأنه ((هو الذي يستطيع أن يصور شخصيات معينة مقنعة بطبيعة الدور الذي تؤديه حيث تتعدد في إطار الشخص إلى الشخصية ونمط الفرد إلى نموذج إنسان ))(27)، عبر توظيف ألفاظا دون غيرها في عملية السّرد، تعد عناصر دلالية سيميائية ترتبط بروابط وثيقة مع البنية السّردية، فألفاظ مثل: (الظلام، كفن، جبروت، مضرجا بدمائه، ألم البعد، انغرس، قسوة) تكفلت بمهمة الكشف عن مشاعر الحزن والقلق والخوف، وبالتالي هي صور جزئية تكون بمجموعها صورة كلية تكشف عن معاناة هذا الطفل ومن ورائه باقي الشخصيات في الرواية.
والملاحظ هنا أن ألفاظاً أخرى ساعدت في إنجاز هذه المهمة في الكشف عن طبيعة المعاناة النفسية من جراء الإرهاب مثل لفظة (عين) التي وردت في الرواية في مواضع عدة، فهي لا ترى سوى الظلام، ولاتعرف سوى البكاء كما في النصوص الآتية:((يرى ظله الصغير ممداً، وهو ينظر إلى وجهه في المرآة، أخافه الظل، استغرب انه أكبر منه، وأسود اللون قاتماً ))(28)، و((كلما حاولت السيدة زينة الاقتراب من الطفل، لمسه.. تمسح دموعها في كم ثوبها الأسود))(29).
لقد وظف السّارد ألفاظا أخرى تحمل في أبعادها السيميائية الدالة صوراً للإرهاب وجرائمه تكرر حضورها في سياقات مختلفة من الرواية، مثل (القهر، الأنين، الرعب، اليأس، الشؤم، الحقد)، إذ أسهمت في تقديم شخصيات روائية مختلفة تمثل بمجموعها صوراً لضحايا الإرهاب وسجلت موقف الرواية منه.
فهكذا يقدم لنا السّرد (آزاد) الذي فقد ولدين وبنت من عائلته: ((أما آزاد فوضعه الدائم في حالة قهر … كانت وما زالت حياته البائسة بين حلوها ومرها، وبين عزلته بعد فقد ولدين وبنت مع قوات البيشمركة لمقاتلة داعش))(30).
أما (خلات) الذي يرزح تحت وطأة الحنين لابنته التي تركته رغما عنه وعلى النحو الآتي: ((وخلات الذي يئن ليلا ونهارا على فقد ابنته المتطوعة للدفاع عن أرضها .. كلما سمع عن أفعال داعش مع المختطفات وبيعهن شبت في قلبه النيران، وتخيل ابنته منهوبة أو مغتصبة أو مذبوحة ))(31)، وهذه سليمى المختطفة من قبل داعش ((حين فقدت سليمى أسرتها أثر استيلاء داعش على مساحات كبيرة من شمال العراق وسوريا … اختطفوا مع سليمى المئات من النساء والأطفال…))(32)،في حين تتكفل شخصية أم جوان برسم حجم الإحباط الذي يعيشه الناس مع وجود داعش ((سارت تقدم رجلا وتؤخر أخرى، وعبوس الألم يعصر أوصالها والباقي من مفاتن وجهها … تدفقت صرخة عميقة من صدرها، وأصبحت الحياة ساعتها دون جدوى. انه الشعور بالموت في أي لحظة، وكيف يأتي مباغتا من رصاصة أو قذيفة أوداعشي ذباح))(33)، أما أم سميرة المرأة المسيحية الصالحة فتقدمها الرواية وقد اتجهت إلى الدعاء بعدما فقدت زوجها على يد داعش، فترسم صورة دقيقة لوحشية داعش و هول ما تعانيه في قمة ذلك الجبل هي والعوائل الهاربة من بطشها، تقول: ((سألها فيما إذا ما زالت تحتفظ به قبل خروجه إلى الشارع ويموت على يد داعشي.
يمرون بوحشية في المدينة وينشرون همجيتهم، ويركبون السيارات والرشاشات ترمي رصاصها دون أي اتجاه، على أي مار في الشارع ليسقط مضرجا بدمائه))(34)لقد أرادت الرواية عبر هذا الوصف للارهابين أن تصورهم جميعا بشكل معين (( مما يوحي بفكر مستبد واحد لا يسمح بأي تعددية في المواقف أو اختلاف في الأفكار ))(35).
إن هذا التقديم للشخصيات وبهذه الأساليب السردية المختلفة إنما جاء ليعزز عملية السّرد في تصوير الإرهاب وجرائمه، بوصفها ((كائن حي له وجود ميزيقي، فتوصف ملامحها وصوتها وملابسها وسنها وأهوائها، وهواجسها وآمالها وآلامها))(35) ليكسبها الحد الأقصى من الوصف الضروري للإقناع سعياً وراء إعطائها مزيداً من الوضوح والواقعية (36)، فضلاً عن قبول المتلقي بها وهو الأمر الذي يحقق بدوره عملية التفاعل المطلوبة.
وعليه بدا واضحاً أن العناصر السيميائية الدالة قد كشفت عن دلالاتها المتعلقة بطبيعة الإرهاب وجرائمه، فضلا عن طبيعة المعاناة الكبيرة التي ألمت بالشعب العراقي، التي طغت على أحداث الرواية، بناءً على تفاعلها مع ألفاظ وتراكيب في النص تشكل بمجموعها بؤرة عملية البناء السّردي.
ثانيا: العناصر السيميائية الدالة على رفض الإرهاب ومقاومته.
ومع تواصل عملية السّرد وتطور مفاصلها المختلفة تبرز مواقف جديدة، تشير إلى توجهات الشخصيات وتكشف عن مسارات الأحداث، لابد أن تنهض العناصر السيمائية الدالة بوظائف فاعلة على مستوى الآليات الإخبارية ذات البعد الدلالي، وهو ما لمسناه عبر بروز عناصر سيميائية دالة على رفض الإرهاب ومقاومته، إذ تولت ألفاظ مثل: (السلام، الحب، الخلاص، الثورة، التعصب، التطهير العرقي، الحياة والموت، الغرغينيا، سبايكر، سنجار) هذه المهمة، فأسهمت في تحقيق بنى سّردية تتحرك في فضائها الشخصيات وتتابع الأحداث وتؤدي وظائفها السّردية، وهي بذاك تحقق للسارد مايسعى إليه من غايات مختلفة على مستوى الرؤية والخطاب .
فشخصيات مثل (أم جوان، آزاد، هافال، حامد عازف الناي، سليمى، أم سميرة، شيرين،كوفان، خلات، عادل، ريحانة ) قد نهضت بوظائفها السّردية المحددة بوجود العناصر السيميائية الدالة على رفض الإرهاب ومقاومته وعبر سياقات حضورها المختلفة.
فلفظة (السلام) بكل ما تحمل من قيم دلالية تلعب دوراً محورياً في عملية البناء السّردي، ذلك أنها تكتنز بحمولات عدة تتصل بالحب والأمان والاستقرار، نقيضاً للحرب والموت والدمار، تقول (أم جوان) فيما التحريض على مقاومة الإرهاب وأمنياتها في السلام: (( – ليتنا نستطيع التحدث عن السلام والحب الأمان بدلاً عن الموت والخراب والاغتصاب، ليتنا فعلا نسترجع بناتنا وأبناءنا .. علينا أن نفعل شيئا، قوموا واكتبوا عن طريق للخلاص، انظروا إلى السماء ولا تنظروا إلى أقدامكم))(38).
أما لفظة (التطهير العرقي) فقد وظفت لتعكس أساليب الإرهاب الخبيثة لزرع الفتنة بين أبناء الوطن الواحد، فالجميع أصبح هدفاً للإرهاب من دون تمييز ((لم يغب عن الجميع خبر قتل المسيحين والايزيدين، والمسلمين، والشبك، وحرق الكنائس لم ترتعش لهم يد وهم ينبشون قبور الأنبياء .. لقد قاموا بتطهير عرقي تشفيا بتلك المدينة العريقة))(39)، وهي في بعدها الدلالي العميق تتبنى الدعوة إلى رفض الإرهاب ومقاومته، وتصوير الإرهاب بهذه الكيفية جاء لأن ((الإرهاب الأعمى يضرب بلا تمييز، إنه يريد أن يسجل حضوره مهما تكن الضحية المستهدفة))(40).
وتتداخل الإشارات السيميائية الأخرى في بنية العناصر الدالة على رفض الإرهاب ومقاومته، وتتساوق مع مسيرة السّرد لتحقيق أهدافها ذات الصلة باستجابة المتلقي لما تطرحه الرواية، ومنها لفظة (سبايكر) التي استعان بها الساّرد لما تحمل من دلالات عميقة على جرائم الإرهاب، أسست لوجودها في ذاكرة الضمير الجمعي للمجتمع العراقي بناءً على حجم الجريمة التي ارتكبتها العصابات الإرهابية في هذا المكان بحق (1700) جندي عراقي أعزل عن السلاح، يقول السّارد: ((في سبايكر أزيحت الأقنعة عن الوجوه السود، وتبين الأبيض من الرمادي، كنا تبين صمت الضمير الإنساني على جريمة التاريخ، وتغافل الشرف العالمي، وصمت الأصوات المطالبة بحقها ))(41)، لقد جاءت لفظة سبايكر بوصفها المكان المحرك للحدث، لأن ((الإشارة إلى المكان تدل على أنه جرى أو سيجري به شيء ما، حيث تكون هذه الإشارات كافية لتجعلنا ننتظر قيام حدث ما، وذلك أنه ليس هناك مكان غير متورط في الأحداث ))(42).
وتتضافر لفظة (النهر) مع لفظة (سبايكر) في الإشارة إلى حتمية مقاومة هذه العصابات الإجرامية لتكمل لوحة جريمة سبايكر، عبر تكرار ورودها في الرواية، إذ شكلت عنصراًسيميائياًً مركزيا أخذ على عاتقه مهمة الكشف عن الوجه البشع للإرهاب وضرورة مقاومته ((وقفت على ضفة نهر دجلة تحتضن كل جندي معصوب العينين، والمغلول بالأصفاد، حين وجه الحاقد رصاصته إلى رأسه…كان النهر يصرخ مع تلك الصرخة المكبوتة، والموج ينحب مع رفيف الروح ورفرفة الجسد الغرقان ..
بكى النهر بدمع أحمر، واختلط الأحمران ليصيحا باسم العراق، وباسم الأرض والوطن والحق، والثأثر))(43).
((صار النهر دعاء الملكوت، وريحانة ترفع الأكف المبتورة للدعاء، وتلقنها بسملة الجباه الشريفة ))(44).
((لأول مرة تقف ريحانة على ضفة النهر تصرخ هكذا بهستسرية … الكل يصرخ والشرف أعمى .. والقلوب عمياء))(45).
اضطلعت لفظة (النهر) بمهمتها كشاهد على هذه الجريمة النكراء، بوصفها علامة مركزية قدمت جملة من الدلالات تشير إلى ضرورة مواجهة هذا الفكر الإجرامي فكرياً وثقافياً، كل من (سبايكر، والنهر) قد ارتبطتا بـ ((الدافع الخارجي للنص الذي يحدد مرحلة تاريخية متصلة بوصف خاص انطلاقا من الإشارة إلى الظروف السوسيو تاريخية والقيم الثقافية لبيئة النص))(46).
وبالتالي يصبح الخلاص من الإرهاب هدفا إنسانياً جامعاً ((الخلاص من داعش وتطهير الأرض منهم، حتما سيكون عيدا كونيا، لأنهم تجاوزوا كل أشكال القبح والوحشية، ولم يعد لهم وصف ممكن أن نطلقه عليهم))(47).
إن مثل هذه الدلالات التي رسخت مبدأ رفض الإرهاب ومقاومته، لايمكن أن تكون خارج اهتمامات المتلقي الذي يتفاعل مع الأحداث حتى النهاية، لأن هذا الخطاب لابد أن يكون أكثر تأثيرا على نفسية المتلقي، وهو الأمر الذي يسعى إليه السّارد منذ البداية.
ثالثاً: العناصر السيميائية الدالة على التهجير الجماعي والنزوح
ويتحول السّرد إلى أحداث جديدة ومواقف أكثر تعقيدا تتمثل في استيلاء الإرهابيين على مساحات واسعة من أرض الوطن، وهو الأمر الذي يؤدي بالنتيجة إلى نزوح السكان خوفاً من أن يواجهوا القتل أو الاغتصاب أو السجن على يد الإرهابيين. يصور لنا السّارد هذا الموقف بقوله: ((حين فقدت سليمى أسرتها أثر استيلاء داعش على مساحات كبيرة من شمال العراق وسوريا، هرب الكثير من أهالي المنطقة خوفا من القتل والذبح، فقد اعتبروهم كفرة، وحلال ذبحهم وأسر نسائهم))(48)، ومع احتدام المعارك وتراجع القوات المدافعة عن المدينة أمام الهجمة الشرسة للإرهابيين لم يكن أمام السكان سوى الهروب من هذا الجحيم نحو مصير مجهول، ((أخذت العوائل تنزح مشيا على الأقدام إلى الجانب الآخر، وأثناء عبورهم تعرضوا لإطلاقات النار، حتى أن بعضهم تركوا الجرحى من أبنائهم لعدم مقدرتهم على حملهم … والبعض اضطر لدفن موتاهم في حدائق المنازل))(49).
لقد سعت الرواية إلى البحث في هذه الأزمة وفضح الجرائم التي يرتكبها الإرهابيون بحق المدنيين عبر تصوير المواقف المختلفة التي تشير إلى حجم معاناة الناس منها، ولكن بعيدا عن التسجيل التاريخي، لأن ((الصورة الأدبية التي تقدمها الرواية تختلف عن الحقائق التي يسجلها التاريخ ))(50)، فالصور التي اعتمدتها الرواية تنتقل مع هذه المواقف من مرحلة إلى أخرى ((النازحون تثقلهم المأساة وهول المفاجأة يدمي قلوبهم، يمشون بلا عنوان وقد خذلتهم الحياة، وخذلهم الجيش والمتآمرون … ساروا في حر الصيف مشيا مع وابل الرصاص والعطش والتعب ))(51).
الملاحظ أن السّارد قد لجأ إلى توظيف عناصر سيميائية في عملية البناء السردي ليصور لنا أبعاد هذه الأزمة المختلفة، فكان للألفاظ مثل (الخذلان، المأساة، المتآمرون) حضورها الفاعل في الإحاطة بهذه الإبعاد على نحو يبرز وحشية الإرهابيين فضلاً عن الخونة الذين لا تقل مواقفهم خطرا عن الإرهابيين، وفي ذروة عملية السّرد في هذه الأزمة يبرز السؤال المهم عن الوطن ((وطنهم يهجرهم من مكان إلى مكان … كيف يكون العراقي لاجئا في وطنه !! تلك إهانة لا تغتفر))(52).
مثل هذه الصورة تضع بين أيدينا حجم المأساة من جانبها النفسي ((كل شيء غريب عليهم وهم يتسلقون الجبال الوعرة باحثين عن ملجأ آمن، كل العيون بعيدة عنهم، حتى الهواء لا يعرف كيفية خفقان قلوبهم الخائفة من حيوان مفترس))(53).
لقد بدا واضحاً أن العناصر السيميائية في الخطابات السابقة (ملجأ، الغربة، وطنهم يهجرهم، إهانة لا تغتفر، السنابل، السماء، مطر، ذكريات، آمال)، قد أسهمت بمهمة النهوض بحركة السّرد وأن تحدد مفاصل ضرورية للكشف عن الشعور الفضيع بالضياع والغربة داخل الوطن.
ويحمّل السّارد الضمير الإنساني نتائج هذه الكارثة الإنسانية التي تمارس بحق المدنيين الأبرياء بعد أن يصور لنا ما يمارسه الإرهابيون بحق المواطنين، لأن معالجة مثل هذه المأساة لا بد أن يكون لها بعدها الإنساني ((الضمير الإنساني يتحمل نتائج هذه الإبادة الجماعية، والكارثة الإنسانية التي تمارس بحق المدنيين، والعزل من النساء والشيوخ والأطفال))(54)، ولا ينسى السّارد بصيص الأمل في العودة إلى الديار ولو في سياق طرح تفاصيل المأساة ((انتشروا في العراء كما العصافير في فرارها من أعشاشها، شاهدوا سنابل تنزل من السماء، وتدور حولهم، يرونها ليلا ويتمنون أن لا تنتهي نزولها من السماء، يناشدونها اللقاء، لتحل عليهم سكينة السنابل وترتاح أجسادهم من الإعياء، وتهدأ قلوبهم من القهر… وعندما توشك ذكرياتهم على الرحيل يستمدون الأمل والذكرى من سماء تمطر سنابل، لايريدون لآمالهم أن تبقى فريسة النسيان، فيتأملون هطولها))(55).
وعليه يمكن للقارئ وهو المتتبع لمسار الرواية السردي من خلال العلامات والمرجعيات السّردية التي تعمد السّارد بثها في ثنايا النص أن يدرك الصورة الدلالية التي تنطوي على بعدين: الأول منها موضوع الهجرة والنزوح في صورتها ودلالتها المباشرة، والثاني في دلالة عميقة يؤشر حقيقة المأزق الإنساني الذي يعيشه العالم جراء ظلم الإنسان لأخيه الإنسان وتحت ذرائع شتى، وهو بذلك إنما يضع العالم أجمع في مواجهة نفسه، ويطرح السؤال عن حقيقة ما يجري لإنسانيتنا من استهدف ممنهج.
رابعاً: العناصر السيميائية الدالة على وحدة المصير في مواجهة الإرهاب
لقد ارتبطت الرواية في مراحلها الأخيرة بهاجس وحدة المصير لمواجهة الإرهاب، فأخذت على عاتقها مهمة التعبير عن أكثر التحديات التي يواجهها العالم في الوقت الراهن، مع انتشار ظاهرة الإرهاب، الذي بدا واضحاً في مسار النص السّردي، إذ اعتمدت شخصيات روائية عدة تختلف باختلاف مرجعياتها الفكرية والدينية والقومية والمذهبية في إشارة واضحة إلى أن الجميع بات هدفا للإرهاب، وفي خندق واحد، لنجد ( العربي، والكردي، والمسلم، والمسيحي، وازيدي) قد أسسوا لفضاء سردي تتفاعل فيه الأحداث ضمن إطار الصورة الكبيرة في بيان ما وصل إليها لإرهاب من فضاعة ووحشية.
بدءا يؤكد السّارد أن للإرهاب وجوه عدة وإن اختلف الزمان والمكان والأدوات، إذ يحاول أن يجمع بين صورة إرهاب السلطة الغاشمة وحاضر الإرهاب ممثلا بداعش، يقول في معرض وصفه للإرهابيين: ((عيون زرق، سراويل وعمائم، سكيرون وحشاشون، قتلة ومجرمون، سفاحون متشردون، أعداء لناسهم ووطنهم تحالفوا مع هؤلاء لنشر الغرغينيا في العراق، لم يأتوا من فراغ، هذه ترسبات الحكم السابق، وهؤلاء سجناء القتل الذين أطلقت داعش سراحهم ليذبحوا العراق أرضا وشعبا ))(56).
وعليه يمكن قراءة قضية وحدة المصير في مواجهة الإرهاب ضمن مسار الرواية السّردي على وفق بعدين:
الأول تمثل بإرهاب السلطة في مرحلة النظام السابق، إذ نلحظ أن السّارد قد اتجه إلى الانزياح عن زمن الأحداث نحو الزمن الماضي عبر توظيف ((مقاطع استرجاعية تحيلنا على أحداث تخرج عن الحاضر لترتبط بفترة سابقة عن بداية السرد))(57)، تمثل مظهر من مظاهر الحداثة التي تسهم في بناء فضاء أدبي يستوعب المعاني والدلالات المختلفة (58)، فها هو يضع بين يدي القارئ عبر مفارقة سّردية رحلة هروب عائلة (حامد) من جنوب العراق إلى المناطق الشمالية بوصفها ملاذا آمنا من بطش السلطة، بعد إعدام والده (الشيوعي) ((حامد شاب تولع بجنون بـشيرين منذ لحظة وطأت قدمه ارض كردستان، هاربا مع امه ..وهو شاب في السابعة عشرة، بعد إعدامأبيه على يد السلطة في السجون البائسة))(59)، وكذلك عند التعريف بشخصية عادل الضابط السابق في الجيش العراقي أبان الحرب العراقية الإيرانية ((عانى عادل من الشعور بالألم وهو بدون تفاصيل أما قصة هروبه في إجازته العسكرية في حرب العراق مع إيران، فكانت معجزة حقيقية، أسهمت بها عمته أسماء التي ربته وهو صغير وتعلق ها كثيرا))(60) إن مثل هذه التنقلات الزمنية في بنية السّرد ((تعد من أهم التقنيات التي يستطيع الكاتب من خلال إتقانها والتحكم بها أن يعطي للقارئ التوهم بالحقيقة))(61).
أما البعد الثاني فيتجسد بتصوير الحاجة إلى التوحد في مواجهة إرهاب داعش، عبر توظيف عناصر سيميائية في حدود سياقها الفاعل للوصول بالأحداث إلى النهاية، مثل (الناي، السنابل، الملائكة، الرقص، الجديلة، أرواح) فهذا هافال يصور السنابل التي يجدونها عند أبواب ضحايا الإرهاب من دون تمييز على أنها لغز، فيقول :
((أشم رائحة لغز بهذه السنابل. ربما هي رسالة ربانية لنا كي نتحرك ونشتلها لنطعم الأرض جهدنا وحبنا لها ))(62)، لتتحول فيما بعد إلى شاهد على هول الجريمة في سبايكر (( وريحانة تضع في أصفاد كل جندي سنبلة، تخفف عليه لحظة الاختناق غرقا ))(63)وترسم وجوه الضحايا ((والسنابل على الضفاف تتشكل وجوها جميلة للمغدورين، وجوها ضوئية لا تراها الأقنعة والمقنعون والخونة والأوباش))(64).
وتلعب لفظة (أرواح) الدور ذاته في الإشارة إلى المصير المشترك في مواجهة الإرهاب إذ يمثل الشهداء مختلف شرائح المجتمع العراقي، بوصفها بؤرة تقود السّرد إلى ما تريد، بمثل هذا الحوار ((نحن أرواح إذاً .. نعم وانا روح مثلكن لا قبور لنا، ولا شيء يدل على جثثنا))(65)، وهذه الأرواح هي الباقية لأنها قدمت مثالاً رائعاً في التضحية لأجل الوطن من قبل الجميع على اختلاف مرجعيات بنائها السّردي في النص الروائي.
وفي السياق الإشاري ذاته تظهر لفظة (الرقص) لتقود القارئ للدلالة الكبرى وهي المصير الواحد في مواجهة الإرهاب ((ألم ترقصن معي للنهر حين رقصت الجثث في سبايكر واحتضنتها الأمواج .. رقصة الشهادة لاتشبهها أية رقصة .. ولحنها لا يعزفه أي ناي إلا ناي مقاتل ))(66)، أما لفظة (الجديلة) بكل حمولاتها الدلالية فتأتي لتكتمل صورة المصير الواحد في مواجهة الإرهاب ((فلنرقص الآن رقصة الجديلة والنهر، جديلتي الشقراء أكثر سموا من همجية داعش وأقرب إلى الله، فهي قيثارة مقدسة ))(67)، إنها الأرواح الطاهرة التي تعاهدت على الوفاء لهذا الوطن مهما كان الثمن، إنها أرواح العراقيين جميعاً ((أمطرت السماء سنابل مضيئة، رقصت الضفاف، والنخيل، ماء دجلة اهتزت أمواجه احتضانا لرقصة الأرواح الطاهرة، وبدا أصغر الأشياء رائقا كما قلب نبي))(68).
إن اختيار هذه الألفاظ بدلالاتها المكتنزة، ساعد في الحفاظ على ديمومة السّرد بمستوى الواقع الذي يستدعي وحدة الجهود لمواجهة الإرهاب بكل صوره وأشكاله، و جاءت لتؤدي دورها الإشاري ضمن السياقات المختلفة للدلالة على قضية وحدة المصير في مواجهة الإرهاب، وهو الأمر الذي يستدعي من القارئ تفاعلاً مع الأفكار الواردة في النص على مستوى التخييل والواقع على حد سواء.
الخاتمة
في نهاية المطاف لا بد أن نقيّم المسار الذي قطعته الدراسة بناءً على الإطار النظري الذي اعتمدناه آنفاً، إذ تبنت الرواية التعبير عن الواقع من منطلق ما هو ظرفي معاش للتأسيس لمادتها الحكائية.
وعليه فقد سعت إلى تعرية واقع الإرهاب، ولامست قضاياه عن كثب، واستوعبت أهم الطروحات التي هيمنت على الواقع، ومثل هذا الأمر يؤكد الحاجة إلى مثل هذه الطروحات في المعالجة والطرح عبر مشروع ثقافي، يتكفل بمهامه النخبة المثقفة الفاعلة في المجتمع، بوصفها صاحبة القدرة على قراءة الواقع والتفاعل مع قضاياه المختلفة.
وضمن هذا الإطار يمكن أن نوجز أهم النتائج، بالآتي:
أولا: تبنت الرواية في بعدها الموضوعي مهمة تعرية الإرهاب ونبذ العنف والدعوة إلى مقاومته فكرياً وثقافياً، إذ رسمت البنية السّردية بأبعادها المختلفة (الشخصيات، والأحداث، والزمان، والمكان) من دون أن تتناول الظاهرة عبر أنموذج إنساني وعلى وفق رؤية محددة، وكشفت الوجه الحقيقي للإرهاب وجرائمه البشعة، فضلا عن طبيعة المأساة التي يعيشها الإنسان العراقي جراء ذلك، فعملت على تحديد جذوره التاريخية والإيديولوجية والفكرية من دون أن تتخلى عن خصوصيتها الفنية .
ثانيا: ساعدت العناصر السيميائية الدالة في تماسك بناء النص السّردي، إذ جاءت متوافقة مع الأحداث، فضلاً عن العناصر الأخرى، إذ يمكن ملاحظة الدور الذي لعبته في ضمان ديمومة الحدث السّردي، لما لها من إمكانات إشارية موحية، قد ساعد في الحفاظ على مسار السّرد بمستوى الواقع، و جاءت لتؤدي دورها الإشاري ضمن السياقات المختلفة للدلالة على قضايا الإرهاب، وهو الأمر الذي يبرز دور القارئ على التواصل مع الأفكار الواردة في النص على مستوى التخييل والواقع على حد سواء.
ثالثا: أعتمدت اللغة الروائية نظامها الإشاري والرمزي الخاص، الذي تمكن من الكشف عن رؤى وأفكار الجماعة اللغوية (الشخصيات)على مختلف مرجعيات بنيتها السّردية (الدينية، والقومية، والسياسية، والفكرية)، وهي بذلك إنما تسهم في تحديد ملامح مرحلة مهمة من تاريخ العراق المعاصر.
رابعا: لعبت العناصر السيميائية دوراً فاعلاً في تحديد التشكلات النصية في الرواية وعلاماتها السيميائية الدالة على صور الإرهاب، وساعدت في تحليل رموزها المكثفة بوصفها نواة النص السّردي التي تحدد مفاصل مهمة في عملية البناء السّردي، لاكتنازها بالطاقة الدلالية الموحية التي تجلت بوضوح في المتن السّردي.
الهوامش:
- هاجس الحداثة وإشكالية العنف في رواية جيل الأزمة،حفناوي بعلي، الملتقى الدولي الثامن عبد المجيد بن هدوقة،2004،123
- التخييل وعلاقة الرواية بالواقع، د. فؤاد المرعي،مجلة جامعة تشرين، سوريا،مج 14،ع 2،1992،164 .
- الرواية والتحولات في الجزائر، دراسة نقدية في مضمون الرواية باللغة العربية،مخلوف عامر، الفصل الخاص بأثر الإرهاب في الكتابة الروائية منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق،2001،102 .
- إشكالية المناهج في النقد الأدبي المغربي المعاصر البنية التكوينية بين النظرية والتطبيق،محمد خرماش،المغرب،2001،181 .
- ينظر المصدر السابق،83 .
- ملامح في الرواية السورية، روحي الفيصل،، دمشق، 1979، ص 7 .
- الرواية والتحولات في الجزائر، مخلوف عامر،94
- المتخيل والسلطة،عادل سنقوقة،منشورات الاختلاف، الجزائر،2000، 87 .
- مفهوم الروائية داخل النص الروائي العربي،محمد عز الدين الترابي، مجلة الوحدة،ع 49،1988،99 .
- ينظر التخييل وعلاقة الرواية بالواقع، فؤاد المرعي،168 .
- الرواية و التحولات في الجزائر، مخلوف عامر،102.
- المصدر نفسه والصفحة .
- ينظر تحليل الرواية، بيتر دومجير، تعريب مجموعة باحثين،مجلة العربي والفكر العالمي، ع 5،1989،105-106 .
- ينظر قاموس مصطلحات التحليل السيميائي، رشيد بن مالك،دار الحكمة، الجزائر،2000،122 .
- ينظر في المعنى دراسة سيميائية، ا ج غريماس،ت نجيب غراوي،مطبعة الحداد، اللاذيقية، سوريا،2007،13 .
- ينظر علم الإشارة-السيميلوجيا-، بيير جيرو، ت منذر عياشي،دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر،1988، 23 .
- يينظر التحليل السيميائي للخطاب السردي –دراسة لحكاية ألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة – دار الغرب للنشر والتوزيع،وهران، دت،7 .
- ينظر علم الإشارة، بيير جيرو،65-66 .
- ينظر المصدر السابق، 50 .
- في المعنى، غريماس،12 .
- ينظر من وهم الرواية إلى وهم الوهم، عبد الله ابراهيم، مجلة الفكر العربي المعاصر،ع 67،124 .
- الفاعل من المنظور السيميائي –دراساتفي القصة القصيرة – المؤلف،دار العربي للنشر، الجزائر،2000، 23 .
- السرد ومستويات التحليل السيميائي للنصوص –سيمياء غريماس أنموذجا– د . عقاق قادة، مجلة الخطاب، ع 3،2008،321 .
- سيميائيات الخطاب الروائي،عمر عبد المجيد،منشورات الرافد، الشارقة،2013،26-27 .
- رقصة الجديلة والنهر (رواية )، وفاء عبد الرزاق،مؤسسة المثقف العربي، سيدني،2015،19 .
- الرواية،19-20 .
- الرواية السياسية، طه وادي،الشركة العالمية العربية للنشر لونجمان،القاهرة 2003، 123 .
- الرواية،20 .
- الرواية،25 .
- الرواية، 27 .
- الرواية، 28 .
- الرواية،31 .
- الرواية،34 .
- الرواية 48 .
- على مفترق طرق، محمود محمد الخزعلي،مجلةالتواصل،ع 8 ،2001،75 .
- في نظرية الرواية، عبد الملك مرتاض،المجلس الوطني للثقافة والفنون ن الكويت،1998،86 .
- ينظر بنية الشكل الروائي، حسن بحراوي،المركز الثقافي العربي، بيروت،1990،227 .
- الرواية،31-32 .
- الرواية 41-24 .
- الرواية والتحولات في الجزائر، مخلوف عامر، 102
- الرواية،118 .
- بنية الشكل الروائي، حسن بحراوي،224 .
- الرواية،121 .
- الرواية،122 .
- الرواية،132 .
- الايدولوجيا وبنية النص الروائي –دراسة سوسيو بنائية في روايات عبد الحميد بن هدوقة، عمر علان،منشورات جامعة منتوري، قسنطينة،2001،214 .
- الرواية،86 .
- الرواية،31 .
- الرواية، 35 .
- الرواية السياسية، طه وادي، 222 .
- الرواية، 35 .
- الرواية،42 .
- الرواية، 44 .
- الرواية، 113 .
- الرواية، 113 .
- الرواية،78 .
- بنية الشكل الروائي، حسن بحراوي،121 .
- ينظر شعرية الفضاء والمتخيل والهوية في الرواية العربية، حسن نجمي،المركز الثقافي العربي، بيروت،2000، 68
- الرواية، 62 .
- الرواية،97 .
- بناء الرواية، سيزا قاسم، دار التنوير للطباعة والنشر، بيروت، 1985،26 .
- الرواية،70 .
- الرواية،121 ..
- الرواية،121 .
- الرواية،132 .
- الرواية، 133،
- الرواية،134،
- الرواية، 134 .
المصادر:
- محمد خرماش: إشكالية المناهج في النقد الأدبي المغربي المعاصر البنية التكوينية بين النظرية والتطبيق، المغرب،2001 .
- عمر علان: الايديولجيا وبنية النص الروائي –دراسة سوسيو بنائية في روايات عبد الحميد بن هدوقة، منشورات جامعة منتوري، قسنطينة،2001
- حسن بحراوي: بنية الشكل الروائي، المركز الثقافي العربي، بيروت،1990
- سيزا قاسم : بناء الرواية، دار التنوير للطباعة والنشر، بيروت، 1985،
- التحليل السيميائي للخطاب السردي –دراسة لحكاية الف ليلة وليلة وكليلة ودمنة – دار الغرب للنشر والتوزيع، وهران، دت
- عمر عبد المجيد: سيميائيات الخطاب الروائي، منشورات الرافد، الشارقة،2013
- حسن نجمي: شعرية الفضاء والمتخيل والهوية في الرواية العربية، المركز الثقافي العربي، بيروت،2000
- وفاء عبد الرزاق: رقصة الجديلة والنهر (رواية )، مؤسسة المثقف العربي، سيدني،2015
- طه وادي: الرواية السياسية، الشركة العالمية العربية للنشر لونجمان،القاهرة 2003
- مخلوف عامر: الرواية والتحولات في الجزائر، دراسة نقدية في مضمون الرواية باللغة العربية، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق،2001
- بيير جيرو، ت منذر عياشي: علم الإشارة-السيميلوجيا-، دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر، 1988 .
- الفاعل من المنظور السيميائي –دراسات في القصة القصيرة – المؤلف، دار العربي للنشر، الجزائر،2000 .
- في نظرية الرواية، عبد الملك مرتاض، المجلس الوطني للثقافة والفنون، الكويت،1998 .
- ا ج غريماس،ت نجيب غراوي: في المعنى دراسة سيميائية، مطبعة الحداد، اللاذيقية، سوريا،2007 .
- رشيد بن مالك: قاموس مصطلحات التحليل السيميائي، دار الحكمة، الجزائر،2000.
- عادل سنقوقة: المتخيل والسلطة، منشورات الاختلاف، الجزائر، 2000 .
- روحي الفيصل: ملامح في الرواية السورية، دمشق، 1979
- حفناوي بعلي: هاجس الحداثة وإشكالية العنف في رواية جيل الأزمة، الملتقى الدولي الثامن عبد المجيد بن هدوقة،2004
الدوريـــات:
- بيتر دومجير، تعريب مجموعة باحثين: تحليل الرواية، مجلة العربي والفكر العالمي، ع 5،1989 .
- د. فؤاد المرعي: التخييل وعلاقة الرواية بالواقع، مجلة جامعة تشرين، سوريا، مج 14، ع 2،1992.
- د . عقاق قادة: السرد ومستويات التحليل السيميائي للنصوص سيمياء غريماس أنموذجا مجلة الخطاب، ع 3،2008.
- محمود محمد الخزعلي: على مفترق طرق، مجلة التواصل،ع 8،2001.
- عبد الله ابراهيم: من وهم الرواية إلى وهم الوهم، مجلة الفكر العربي المعاصر،ع 67-68، دت.
- محمد عز الدين الترابي: مفهوم الروائية داخل النص الروائي العربي، مجلة الوحدة، ع 49،1988.
……………….. ***** ……………….