توظيف الشبكات الاجتماعية والمنصات الإلكترونية في مجال التعليم: دراسة مسحية عن توظيفها في تعليم اللغة العربية وتعلمها في كشمير
د. جاويد أحمد بال
أستاذ مساعد، قسم اللُّغة العربيَّة وآدابها، الكلية الحكومية في بلوامة (كشمير).
paljavid@gmail.com
—————————
ملخص البحث:
سعت هذه الدراسة لتحقيق الدور الذي تؤديه التقنيات التعليمية المتطورة وتثبيتها مثل الشبكات الاجتماعية والمنصات الإلكترونية في التعليم ومعرفة درجة توظيف هذه التكنولوجيا من قبل المعلمين والمتعلمين لتعليم اللغة العربية وتعلمها، وإلى أي مدى ساعدت في تحسين وضع اللغة العربية في كشمير؟ وتهدف الدراسة بذلك إلى إبراز أهمية الشبكات والمنصات الإلكترونية في عملية تعلم اللغة العربية للمنشغلين بالتعليم وخاصة للجهات الرسمية المعنية بالتعليم، استعرضت الدراسة الموضوع نظرياً وتطبيقياً، واعتمد الإطار النظري على المنهج التحليلي النقدي واعتمد الإطار التطبيقي على المنهج المسحي الوصفي، تبلور خلال الشق النظري أن التقدم التكنولوجي خاصة منذ ظهور خدمات الجيل الثاني للشبكات (الويب 2) أحدث تغييراً جذرياً في استراتيجيات التعليم والتعلم عامة وبالتالي في تعليم اللغات وتعلمها، والاستخدام المتزايد للتكنولوجيا جعل دمجها في التعليم أمراً محتوما، واشتمل الشق التطبيقي على مسح ميداني لعينة من المعلمين والمتعلمين من كشمير لتقييم مدى توظيفهم للتكنولوجيا وتأثيرها على عملهم التعليمي وشمل المسح الميداني ثلاثة محاور، المحور الأول يدور حول الشبكات الاجتماعية والمنصات التعليمية التي يستخدمها المنشغلون بتعليم العربية وتعلمها لأغراض تعليمية، والمحور الثاني يدور حول دراسة تحسن مجال من مجالات اللغة العربية لدى المستخدمين، والمحور الثالث يدور حول آراء المعلمين عن القضايا المهمة التي تهم المهتمين بتعليم اللغة العربية في كشمير، وكانت عينة عبارة عن 48 شخصاً يمثلون المجتمع التعليمي للغة العربية، وتوصلت النتيجة إلى أن نسب استخدام المنشغلين بالعربية للمنصات التعليمية الإلكترونية بلغت درجات عالية كلها ترتفع من المتوسط وتتراوح بين 24 و 41 شخصاً من مجموع 48 شخصاً، ومدى رضاهم بها أيضاً أعلى من المتوسط تتراوح بين 20 و 33، وتبلغ نسبة أشخاص تحسنوا علوم القران وإتقان تلاوته باستخدام وسائل الإنترنت 92% مقابل نسبة 57% للمهارة البيداغوجية، وأظهرت الدراسة موافقة المدرسين على استخدام هذه المنصات بدرجات عالية، وقد أوصت الدراسة بضرورة دمج المنصات التعليمية بشكل منتظم كركيزة أساسية للتعليم عن طريق تطبيقات وبرمجيات لإيجاد بيئة التعليم الإلكتروني المثلى حتى يتم تحرير عملية تعليم هذه اللغة المباركة من قيود الوقت والمكان والمحتوى المحدد والإتاحة والنفاذ.
الكلمات المفتاحية: اللغة العربية، المنصات الإلكترونية، الشبكات الاجتماعية، التعليم، التعلم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
أولاً – الشبكة العالمية أو الإنترنت من أعظم مخترعات البشر، تستخدم لاحتياجات كثيرة من أهمها التعليم، وبعد ظهور الإنترنت أنشئت الشبكات الاجتماعية للتواصل بين الناس، ولكنها أيضاً وظفت للأغراض الأخرى منها التعليم، بالإضافة إلى ذلك وجدت المنصات المتنوعة للتبادل العلمي والمعرفي وللتواصل بين المعلمين والمتعلمين لأهداف تعليمية، بالإضافة إلى ذلك أنشئت مواقع تعليمية خاصة، وهي “وحدات تعليمية من الصفحات الرقمية على شبكة الإنترنت، تتكون من عناصر الوسائط الفائقة، وتحتوي على أنشطة وخدمات ومواد تعليمية لفئة محددة من المتعلمين، ويتم إنتاجها وفقا لمعايير تربوية وتكنولوجية مقننة لتحقيق أهداف تعليمية محددة”[1] وقد تحقق التعليم أهدافه التي صعبت عليه أن ينالها بطريقة تقليدية مجردة من استخدام التكنولوجيا، وتسهلت عملية تعليم وتعلم اللغات الأجنبية التي تتطلب أساليب تفاعلية وتدريبات تطبيقية، وهذه المنصات تقدم فرصاً لتحقيق الكفاءة اللغوية بأساليب تفاعلية وممارسة لغوية كلاماً وكتابةً، إذاً أصبحت الشبكة جزءًا مهماً في تعليم اللغات، حيث استفادت اللغات من إمكانات الشبكة في سهولة الاتصال وتوفر المعلومات ووجود الوسائط المتعددة، وتغيرت التعاملات والطرق والأساليب في تعليم اللغات بما فيها اللغة العربية التي استفادت أيضاً من هذه المتغيرات، فقد استخدم الطلاب والمدرسون المواقع والمنصات الالكترونية التي لها صلة مباشرة أو غير مباشرة بتعليم اللغة العربية. وهذه المواقع والمنصات أعطت لهم فرصة للتعلم الذاتي والتعليم عن البعد بأساليب متنوعة ومتطورة. وفي السنوات الماضية تعمق هذا التغير الهائل بسبب الثورة المعلوماتية والثورة الصناعية الرابعة حيث بدأ المهتمون يفكرون في دمج التكنولوجيا بشكل دائم في المناهج التعليمية، ولم يستقر الأمر بعد، ومسيرة تحديث تعليم اللغة العربية وفق معطيات تكنولوجية مستحدثة متواصلة على مستويات عديدة.
ثانياً – اللغة العربية تحتل مكانة خاصة في قلوب أهل كشمير بصفتها لغة القران الكريم والسنة النبوية على صاحبها الصلاة والسلام، ولكنها تفتقر إلى الدعم الذي تقتضيها من قبل الجهات الرسمية وتفتقر إلى المعلمين المؤهلين والمناهج الدراسية المحدثة والتسهيلات اللازمة التي تساعد في رفع مستواها في كشمير، مشكلة التداخل اللغوي بسبب الفوارق الكثيرة بين اللغتين الكشميرية والعربية بداية من الأنماط الصوتية إلى تركيب الجملة تجعل الدارس والمدرس في الصعوبة، والتحديات العامة الأخرى تتمثل في وجودها الضئيل في السلك الاجتماعي كلغة التواصل وفي مجال التعليم كلغة الوسيط وفي البيئة الثقافية كلغة التثاقف والتبادل الثقافي، وزد على ذلك أنها لا تزال تدرس بطرق بالية معتمداً على التلقين والترجمة والحفظ من متون الكتب الكلاسيكية التي تحتاج إلى إعادة الترتيب والصياغة وفق روح العصر وثقافته، ولكن بفضل التكنولوجيا الحديثة تعرض المعلمون والمتعلمون في كشمير للبيئة العربية الافتراضية على الشبكات الاجتماعية والمنصات التعليمية مثل فيس بوك وواتس اب وزوم مما سدد النقص الموجود في البيئة التعليمية المناسبة لتعليم اللغة العربية، بدأ الطلاب يفهمون العربية في سياقات قريبة من الواقع، تعوضت هذه المنصات عن البيئة الملائمة للطريقة المباشرة لتعليم اللغة، وقد قام الباحث باستقصاء بعض المنصات الإلكترونية التي يستخدمونها المنشغلون بالتعليم، والتي أحدثت تغييرًا في رفع مستواهم، وعززت المنصات وجودها بين اللغات التفاعلية التي يستخدمها المتفاعلون والمشاركون على الشبكات، فأخرجتها من حدود الحجرات الدراسية الضيقة غير المتفاعلة إلى رحاب الشبكات التي تجعل اكتساب اللغة متعة ولذة بسبب البيئة العربية الافتراضية المتطورة والمؤثرة.
مشكلة البحث
يسعى هذا البحث للإجابة عن الأسئلة التالية:
- ما دور الشبكات الاجتماعية والمنصات التعليمية في التعليم؟ ما درجة استخدام المعلمين والمتعلمين لها في كشمير؟
- ما مدى تأثير المواقع والمنصات الإلكترونية في سد النقص الموجود في البيئة التعليمية للغة العربية؟
- هل تحسنت الأحوال في تعلم اللغة العربية في كشمير؟
- ماذا ينبغي أن تفعل الجهات المعنية بالتعليم إزاء هذا التطور التكنولوجي الهائل؟
أهداف الدراسة
يهدف هذا البحث إلى:
- تحليل مفاهيم حول التعليم الإلكتروني وتوظيف الشبكة لأغراض تعليمية
- إبراز الجوانب الإيجابية لاستخدام الشبكات والمنصات في تعليم اللغة العربية في ظل التطورات الراهنة.
- معرفة مدى تأثر المنشغلين بالتعليم والتعلم باستخدام التكنولوجيا، وأي مجالات اللغة تأثرت بها أكثر بإشارة خاصة إلى كشمير.
- بيان ما ينبغي للجهات المعنية بالتعليم أن تفعل لدمج هذه التكنولوجيا في التعليم بشكل دائم.
منهجية البحث
لتحقيق هدف البحث قام الباحث باستعراضه في إطارين:
الإطار الأول: تحليل الأراء والأفكار والنظريات التي تتعلق باستخدام التكنولوجيا في التعليم، مراجعة البيئة التعليمية التي تخلقها المواقع الاتصالية والمنصات الإلكترونية فاتبع البحث المنهج التحليلي الوصفي حيث تهتم بدراسة الظاهرة الجديدة في التعليم عامة وتعليم اللغات بصفة خاصة وتحديد خصائصها وتبيين الأسباب والمتغيرات.
الإطار الثاني: جمع البيانات بالمسح الميداني لعينة من المعلمين والمتعلمين في كشمير الذين تم اختيارهم بالطريقة العشوائية وبالتالي تحليل هذه البيانات، وتصنيفها والتعبير عنها كمياً وكيفياً، وعينة البحث في الدراسة مشتملة على 48 شخصاً من بينهم 16 مدرساً و32 طالباً، فاتبعت الدراسة المنهج المسحي الاجتماعي، وهو دراسة الظاهرة كما هي في الواقع ووصفها بشكل دقيق، فالأداة لذلك استمارة أو استبيان[2] وزعت بين أفراد عينة وشملت استمارة ستة وعشرين سوالاً بحيث يجيب كل من المبحوثين عن استخدامه للشبكة أو للمنصة الإلكترونية واستفادته منها وفي أي مجال استفادوا أكثر وما آراء المعلمين عن استخدامها.
وجدير بالذكر أن هذه الدراسة الأولى من نوعها التي لم تسبقها الدراسات الأخرى في هذه المنطقة، إذاً أهميتها لا تخفى على المهتمين بنشر اللغة العربية في ولاية جامو وكشمير.
- الإطار النظري: دور الشبكات الاجتماعية والمنصات الإلكترونية في التعليم
الشبكة العالمية أو الإنترنت من أعظم التقنيات وأبرز المخترعات التي أثرت حياة الإنسان تأثيراً عميقاً وشاملاً في كثير من المجالات ، مع أن بدايات شبكة الانترنت تعود إلى أواخر الستينات في القرن الماضي، ولكنها قفزت قفزات هائلة في السنوات الأخيرة لأنها نالت اهتماماً بالغاً من شركات البرمجيات المتنافسة ومن سوق الاستهلاك الكبيرة، واجتهدت الشركات في ابتكار طرائق تطويرها وتحسينها، وذلك لميزاتها الكثيرة ومن أهمها أنها تربط العالم بعضه ببعض حيث جعلت من العالم أسرة إلكترونية، هذه الجهود أثمرت في شكل بنية تكنولوجية عالمية تغطي العالم في مجالات مختلفة مثل الاقتصاد والتجارة والسفر والتعليم وأيضاً في شكل الثورة الصناعية الكبيرة التي تسمى الثورة الصناعية الرابعة، وهي حسب تعريف كلاوس شواب Klaus Schwab الذي وضع هذا المصطلح، “ثورة الأنظمة الفيزيائية السيبرانية أي عصر الاتصالات العالمية وثورة الإنترنت حيث أن سرعة التقدم التكنولوجي ليس له سابقة تاريخية في تربطها للمليارات من الناس من خلال الأجهزة المحمولة التي لديها طاقة معالجة غير مسبوقة، وتخزين ووصول غير محدود إلى المعرفة، وسوف تتضاعف هذه الإمكانيات من خلال اختراقات التكنولوجيا الناشئة في مجالات الذكاء الاصطناعية والروبوتات، وانترنت الأشياء، والمركبات ذاتية الحكم، والطباعة ثلاثية الأبعاد، وتكنولوجيا النانو، التكنولوجيا الحيوية، علم المواد وتخزين الطاقة، والحوسبة العالمية”[3] ومن أهم المجالات التي تم توظيف هذه التقنية فيها مجال التعليم، وحسب المنظمة العربية للتربية الثقافة والعلوم- “يعرف التعليم بالعملية التي يتم من خلالها نقل المعرفة والمهارات للمتلقي بوسائل مختلفة وبتطور التكنولوجيا وتطور المتعلم في حد ذاته (طريقة تفكيره ومهارته) وجب تطوير طرق التعليم ومن هنا ظهر مصطلح “تكنولوجيا التعليم” وتشمل وسائل التعليم الحديث الحاسب الآلي والأقراص التعليمية المضغوطة والإنترنت ووسائل الإعلام السمعية والبصرية”[4] واستخدمت الشبكة العالمية بمواقعها ومنصاتها وتطبيقاتها في هذا المجال لرفع كفاءة العملية التعليمية، ففتحت آفاق جديدة للمعلمين والمتعلمين لم يكن متاحة من قبل، ومن أشكال التعليم في ظل هذه التطورات التعليم الإلكتروني والتعليم المحمول أو الجوال والتعليم الافتراضي، والتعليم الإلكتروني عرّفه عبد الله الموسى بكونه ” طريقة للتعليم باستخدام آليات الاتصال الحديثة من حاسب وشبكاته ووسائطه المتعددة من صوت وصورة ، ورسومات وآليات بحث، ومكتبات إلكترونيّة ، وكذلك بوابات الشبكة العالميّة للمعلومات سواء كان من بعد أو في الفصل الدراسي، فالمقصود هو استخدام التقنية بجميع أنواعها في إيصال المعلومة للمتعلم بأقصر وقت وأقل جهد وأكبر فائدة.”[5] وأشار الأستاذ أحمد المبارك إليه بقوله : “التعليم الإلكتروني هو أسلوب من أساليب التعليم للمتعلم يعتمد على التقنيات الحديثة للحاسب والشبكة العالمية للمعلومات ووسائطهما المتعددة، مثل : الأقراص المدمجة، والبرمجيات التعليمية، والبريد الإلكتروني وساحات الحوار والنقاش.”[6] وشبكات التواصل الاجتماعي هو مجتمع يتم إنشاؤه على الإنترنت يتم من خلاله تبادل المعلومات والأفكار وكل ما هو جديد مع الأصدقاء. وكذلك الشبكات التفاعلية هي برمجيات ، تسمح للناس بالتفاعل حول فكرة أو موضوع أو هدف معين ، تستطيع أي مدرسة مثلا أن تنشئ مدونة خاصة لها ، وتتيح لطلابها إمكانية الكتابة فيها عن شؤونهم الدراسية أو المدرسية، وبالإضافة إلى هذه الشبكات وضعت المنصات الإلكترونية المتخصصة للتبادل العلمي والمعرفي بشكل مباشر، ومن خصائص هذه الشبكات والمنصات أنها تسهل عملية الاتصال بالعالم حيث تعتمد على تقنية الاتصال المباشر عن بعد وتثري عملية التعليم التقليدي بل ربما تحل محله ولاسيما في آونة الأوبئة مثل وباء الكورونا الحالي، وبفضل هذه المنصات والمواقع الاتصالية وبرامج التخاطب المباشر تغير شعور المتعلم الذي كان يحس ببعد ثقافي خلال تعلمه لغة أجنبية، وتسهم هذه المنصات التعليمية أيضاً في النمو المهني للمعلمين حيث تمثل تطوراً مهماً في بيئة الويب البرمجية والتي لاقت إقبالاً شديداً من المتعلمين من مختلف دول العالم لما لها أثر إيجابي في تفعيل مميزات اجتماعية تفاعلية بين جميع المستخدمين سواء معلمين أو متعلمين، والتي تؤدي إلى تناقل الآراء والتعبير الحر وتشجيع المستخدمين على المناقشة والتحليل وتسجيل البيانات وأيضاً مشاركة الصور والفيديوهات والملفات بأنواعها ومن ثم أصبحت المنصات التعليمية من المصادر المهمة والمؤثرة على مستوى العالم[7]، وقد لجأت كثير من المعاهد والجامعات والكليات إلى هذه المنصات، ووضعوا القنوات الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيس بوك ويوتيوب أو اكتروا المنصات التعليمية الرقمية مثل مودل (Moodle)، جوجل كلاسروم (Google Classroom) لأغراض تعليمية، وحسب الموقع الرسمية للمنصة التعليمية مودل هناك قرابة 15 مليون درس متاح على الإنترنت في 25 دولة مختلفة، وعلى هذا يمكن القياس لبقية المنصات، وهذه المنصات التي تستخدمها المؤسسات التعليمية تسمى منصات إدارة التعلمMLS، وكذلك هناك منصات أخرى كأحدث النماذج والتوجهات في التعليم المفتوح الإلكتروني يطلق عليها منصات المساقات الهائلة المفتوحة عبر الإنترنت MOOCs، وقد ظهر مصطلح موكس في عام (2008) في كاليفورنيا عندما أنشئت شبكة كورسيرا Coursera التي كانت تعتبر شبكة التعليم الإلكتروني الأكثر تطوراً، ومن أمثلة أخرى لموكس منصة رواق ومنصة إدراك ومنصة فيوشر لرن (Future Learn)، تتكون المنصات التعليمية المفتوحة من مجموعة من المكونات مثل شاشة رئيسية تعمل باللمس، ميكروفون، قلم إلكتروني، رف متعدد الاستخدامات، لوحة الكتابة الخاصة بالقلم الإلكتروني، مفتاح التشغيل والإيقاف، لوحة المفاتيح والفأرة، وحدة التحكيم الرئيسية، مضخم صوت وسماعات، جهاز حاسب آلي، مكونات تعليمية (اختبارات ورسوم متحركة وخرائط تفاعلية وجداول زمنية)[8]. تقدم هذه المنصات مساقات مفتوحة للدراسين ، ومن مفاهيم أخرى تربط بالتعليم عبر الإنترنت، المعلم الإلكتروني والتعليم الشبكي والتعليم الافتراضي والجامعة الافتراضية والمجتمعات الافتراضية، ويتم التعليم عن بعد بنوعية عبر هذه المنصات – التعليم المتزامن والتعليم غير المتزامن، وهذه المنصات توفر الوقت والجهد لكافة أطراف العملية التعلمية، كما أنها تسهل للمتعلم الوصول إلى المواد التعليمية في أي وقت وأي زمان، ومن منصات زوم وجوجل يمكن عقد المؤتمرات المرئية والصوتية والتفاعلية تتم خلالها المناقشات بالحوارات والمداخلات والأسئلة الاستفسارية، وقد لخص المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم خصائص رئيسة لهذه الموارد التعليمية في خمسة نقاط: الانفتاح والتشارك والتعاون والعدالة والملائمة[9]، بل ادعى البعض أن المنصات التعليمية تشبه التعليم التقليدي في التواصل المتزامن بين الطالب والمدرس، ” من الحجج التي تساق لصالح المؤتمرات المتزامنة أنها هي الأكثر شبهاً بالتعليم التقليدي وجهاً لوجه، ففي هذه المؤتمرات يستطيع الطلبة والمدرسون أن يتواصلوا معاً بالطريقة نفسها التي يتواصلون بها حين يجتمعون داخل غرفة الصف رغم أن الطلبة غير حاضرين جسدياً”[10]
الإطار التطبيقي: دراسة ميدانية عن الشبكات والمنصات وتعليم اللغة العربية وتعلمها في كشمير
من إجراءات هذا الإطار اختيار الأسئلة أو تصميم الاستمارة للحصول على البيانات اللازمة للتوصل إلى الأهداف المنشودة من المسح الاجتماعي، قام الباحث بتوزيع الاستبانة عبر الإنترنت وحصل على معلومات شخصية عن المبحوثين من المعلمين والمتعلمين بما فيها عناوين البريد الإلكتروني وأرقام الهواتف وتفاصيل مهنتهم، وكانت الاستبانة عبارة عن سبعة وعشرين سوالاً، المحور الأول منها 16 سؤالا حول الشبكات والمنصات الإلكترونية، يجيبها المبحوث بنعم أو لا ثم يقيم مدى استفادته أو تأثره بالمنصة أو الموقع في مقياس متكون من خمس درجات من مُرْضٍ إلى غير مُرْضٍ، والمحور الثاني فيه 4 أسئلة حول مجالات اللغة العربية التي تحسنت باستخدام هذه المنصات، والمحور الثالث فيه 7 أسئلة عن أراء الأساتذة عن هذه المنصات، ويجيبها المبحوث عنها أياً من خمس نقاط وهي موافق بشدة وموافق ومحايد ومعارض ومعارض بشدة، تم استرداد البيانات المشتملة على استجاباتهم عن توظيفه للشبكات والمنصات ومدى استفادتهم منها، وأخيراً تم إجراء المعالجات الإحصائية للبيانات، كانت المعالجة حسب الأسئلة بالتكرارات والنسب المئوية، وتقديم النتائج والتوصيات، وقد تم اختيار العينة من المعلمين والمتعلمين في كشمير الذين ينشغلون بتعليم اللغة العربية وتعلمها، وبلغ عددهم 48 شخصاً من بينهم 16 مدرساً و32 طالباً.
المحور الأول: درجة استخدام الشبكات والمنصات
يتضح من خلال الشكل رقم 1 أن غالبية المعلمين والمتعلمين يستخدمون الشبكات والمنصات الإلكترونية المختلفة لتعليم اللغة العربية وتعلمها، والرسم البياني الذي ينعكس في الشكل ثنائي الأبعاد، المحور العمودي يعرض عدد المبحوثين والمحور الأفقي يعرض استخدام الشبكات ومدى رضا المستخدمين، يدل الرسم البياني على أن القسم الكبير من المبحوثين يألفون استخدام هذه الأدوات للأغراض التعليمية حيث لا ينخفض الرسم من متوسط المجموع الإجمالي عموماً الذي هو 24 شخصاً، والشبكة أكثر استخداماً هي واتس أب بالمقابل موارد الكتب مثل المكتبات الرقمية وهي أقل استخداماً، وهذا يرجع إلى تراجع ثقافة القراءة بسبب تفريغ الوقت في الشبكات الاجتماعية وأسباب أخرى، والشبكات الاجتماعية مع كل سلبياتها منصات هامة يستفيد المستخدمون من خلالها ويفيدون بالنقاش وتبادل الخبرات، وهي سهلت التواصل بين المعلمين والمتعلمين أو بينهم وبين المهتمين الآخرين، وكلهم راضون تقريباً بجدوى توظيفها في مجال تعليم اللغة العربية وتعلمها، يدل الرسم أن الإلمام بالثقافة التقنية موجود بين المبحوثين ولهم إطلاع على مستجدات التكنولوجيا حيث يوظفونها بأحسن وجه، إلا هناك تفاوت بين شيوع استخدام الشبكات الاجتماعية والمنصات التعليمية المحضة مثل منصات إدراة التعلم جوجل كلاس روم ومودل، ويرجع ذلك إلى قلة التدريب والاهتمام لدي المعلمين الذين لا يهتمون باستغلال هذه التكنولوجيا بشكل أمثل.
الشكل رقم 1: إحصائيات استخدام الشبكات الاجتماعية والمنصات الإلكترونية
وعلى كل حال، استخدام هذه الشبكات والمنصات بهذه النزعة الإيجابية من قبل معلمي اللغة العربية ومتعلميها في كشمير يستدعي إلى التفاؤل، وعلى المهتمين أن ينتهزوا هذه الظاهرة لصالح تعليم العربية داخل كشمير وخارجها.
المحور الثاني: مجالات اللغة العربية
اعترف غالبية المبحوثين بأنهم تحسنوا وأجادوا أكثر مجالات اللغة من خلال استخدامهم لوسائل التكنولوجيا، والنسبة المئوية في كلها تزيد على المتوسط، ورفع مستواهم في مجالات مختلفة للغة يدل على أن المبحوثين يهتمون بهذه الوسائل لأجل التعلم، والشبكات والمنصات تتيح فرصة لتفاعل مستمر، ويكون المستخدم إما الملقي أو المتلقي، وهذه الخصوصية لها تأثير إيجابي عليهم، المشاركة والتعاون يدعمان العمل التعليمي. ويظهر برسم 2 أيضاً أن أكثر المجالات تعلماً هو مجال تعلم القرآن تلاوة وفهماً، هذا جيد جداً.
الشكل رقم 2: تحسن مجالات اللغة العربية.
وبالإضافة إلى ذلك كان الدارسون في قلق دائم عن تطوير المهارتين الأساسيتين فيهم وهما مهارة الاستماع ومهارة الكلام حيث تتطلبان البيئة اللغوية الخاصة لنشوئهما وقد أتاحت هذه الشبكات والمنصات البيئة الافتراضية الملائمة لتعلمهما، وأظهرت الدراسة أن تسعة وثمانية بالمائة من المنشغلين بتعليم العربية وتعلمها تحسنوا هاتين المهارتين بواسطة هذه الشبكات والمنصات.
المحور الثالث: آراء المعلمين حول قضايا مهمة
يتضح بالرسم البياني (الشكل رقم 4) أن مهارة المعلمين المهنية ازدادت باستخدام وسائل الشبكات وأن هذه الوسائل ساعدتهم في توصيل المعرفة إلى المتعلمين، وأن هذه الشبكات والمنصات ساعدتهم في كفايتهم التعليمية والتخطيط التربوي، وسجل الأساتذة آراءهم حول استخدام اللغة الأردية كوسيط التعليم وإنشاء الرابطة بين المعلمين العرب وغير العرب، وقد وافق واحد وسبعون بالمائة على أن اللغة الأردية كوسيط التعليم في المدارس الدينية تعرقل استخدام الوسائل الشبكية بشكل جيد لمستواهم الضعيف في اللغة الاتصالية والوظيفية، وأيضاً وافق خمسة وثمانين بالمائة من المعلمين بأن رابطة المهتمين بالعربية مطلوبة لنشر اللغة العربية.
الشكل رقم 4: إحصائيات للمعلمين حول قضايا مهمة
وساعد استخدام تكنولوجيا للمعلمين في تطورهم المهني والمهاري والبيداغوجي، فمعظم المعلمين ينظرون إلى هذه التقنيات بزوايا إيجابية ولديهم دافعة قوية لاستغلالها لنشر العربية في ربوع كشمير.
النتائج:
يتضح من خلال تحليل البيانات:
- أن درجة استخدام المبحوثين للشبكات الاجتماعية والمنصات الإلكترونية لأجل اللغة العربية عالية جداً حتى أنها لا تنخفض عن المتوسط الحسابي.
- موافقة أكثر المبحوثين على أن مستواهم ارتفع في مجالات اللغة العربية المختلفة منها علوم القرآن ومهارات اللغة وعلم النحو وعلوم الأدب العربي
- موافقة المعلمين على القضايا المهمة منها رفع مؤهلاتهم المهنية وكفاءتهم التربوية وتسهيل تخطيطهم للمواد الدراسية وتواصلهم مع الطلاب وبالإضافة إلى ذلك موافقتهم على أنه ينبغي أن يكون وسيط التعليم في المدارس اللغة العربية وأن يكون هناك تعاون بين المهتمين العرب والمهتمين غير العرب لنشر اللغة العربية في العالم.
التوصيات:
- يحتاج المعلم والمتعلم في عصر ازدهار الوسائل المعرفية والتقنية إلى النمو المستمر، فلا بد أن يواكبا ركب التقدم في مجال تعليم اللغات أيضاً، وخاصة في تعليم اللغة العربية الذي يفقد البيئة الملائمة في البلدان غير العربية بسبب بعد ثقافي وفي البلدان العربية بسبب ازدواجية لغوية مقيتة.
- من المعلوم أن البيداغوجي 4،0 يتشكل من قواعد البيانات الضخمة والتعلم العميق وتعلم الآلات والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، لا بد من تدريب وتأهيل المدرسين لمواجهة هذه التحديات.
- تنظيم استخدام الشبكات والمنصات لأغراض تعليمية بشكل أمثل ودمجها في تعليم اللغة العربية كركيزة أساسية عن طريق تطبيقات وبرمجيات وذلك لإيجاد بيئة التعليم لهذه اللغة خاصة في البلاد النائية عن العالم العربي.
- استخدام الفصحى المعاصرة في المدارس الدينية بالهند كوسيط التعليم لرفع مستوى الطلاب وبالتالي لاستفادة كاملة من الشبكات والمنصات الإلكترونية.
- إنشاء رابطة المعلمين العرب وغير العرب للمشاركة والتبادل الثقافي والعلمي ومن ضمن هذه المبادرة ربط المعاهد الرئيسية الموجودة في الدول العربية وفي الدول الإسلامية الأخرى.
……………….. *****……………….
المراجع والمصادر:
[1] مصطفى، أكرم، إنتاج المواقع التعليمية، (القاهرة، عالم الكتب، 1427 ه ) ص: 148
[2] استبيان على الرابط: https://docs.google.com/forms/d/144s3FO8nbidvZEbIabtsMvkaoyCS7UwLwo0p-bYGi5E/edit
[3] نقلاً عن محاضرة الأستاذة محجوبة العوينة التي ألقتها خلال دورة تكوينية افتراضية في جلسة ختامية، الرابط https://m.facebook.com/أكاديمية-التميز-بالهند-103021338071726/
[4] إطميزي جميل ، وفتحي السالمي، الموارد التعليمية المفتوحة:الاستخدام والمشاركة والتبني، (تونس: إدارة العلوم والبحث والعلوم،المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، 2019م)، ص 75
[5] الموسى، عبد الله: التعليم الإلكتروني مفهومه وخصائصه وفوائده وعوائقه، (الرياض، ندوة مدرسة المستقبل، جامعة الملك سعود، 2002م)، ص 252
[6] المبارك، أحمد بن عبد العزيز : أثر التدريس باستخدام الفصول الافتراضية عبر الشبكة العالمية الإنترنت على تحصيل طلاب كلية التربية في تقنيات التعليم والاتصال بجامعة الملك سعود، (الرياض، رسالة ماجستير. 1425ه)، ص 23
[7] محمد، هبة هاشم، “استخدام منصة ادموندا في تنمية مهارات التعلم المنظم ذاتياً والاتجاه نحو توظيفها في تدريس الدراسات الاجتماعية لطلاب الدبلوم العام بكلية التربية”، (مصر،مجلة الجمعية التربوية للدراسات الاجتماعية، عدد 90، 2017)، ص 114
[8] إطميزي، جميل: “إطار عمل مرن للتبني الموارد التعليمية المفتوحة في الجامعات العربية”، (الرياض، المؤتمر الدولي الرابع للتعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد)، 2015م
[9] جميل إطميزي، وفتحي السالمي، الموارد التعليمية المفتوحة:الاستخدام والمشاركة والتبني، (تونس: إدارة العلوم والبحث والعلوم،المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، 2019م)، ص 33 إلى 42
[10] بيتس، أ. و. طوني، ت: وليد شحادة: التكنولوجيا والتعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد، (العبيكان، الرياض، الطبعة الثانية، 1428ه مطابق 2007م)، ص 366