تجليات الاغتراب في قصص الأديبة وفاء عبد الرزاق مجموعة في غياب الجواب أنموذجا
بقلم: أ.م.د. محمود خليف خضير
الجامعة التقنية الشمالية، العراق
emaf_1979@yahoo.com
ملخص البحث:
يشتغل النموذج الاستغرابي بوصفه مرجعية اتكأت عليها السرد والسرديّات الحديثة، ففكرة الاستغراب تمثّل معادلاً موضوعياً للاستشراق والاستعمار، والذي عمل منذ دخول نابليون مصر، فكان حضور السرديات بوصفها تقنية، أو حاجة استعمارية وإمبريالية، فالسرديات بصورها جميعاً شكلت إشكالية في المصطلح، والمرجعيات، والبيئة، فهناك من حاول أن يعود بأصلها وجيناتها إلى التراث السردي العربي، وهناك من حاول أن يحافظ على ولادتها الغربية، ولكن ما يمكن أنْ نكتشفه في هذا الجنس الجديد بأنّه كان جنسا منفتح الحدود وله علاقة عضوية بالواقع، وكانت الأسئلة التي يطرحها نابعة من سؤال الذكورة، ونموذج الأيديولوجية الفحولية في كلَّ جانب استغرابي يختزل في ما يمكن أنْ يفعله الذكر، أو ثقافة الفحولة. ولقد تَمّ تغييب الجوانب السرديّة أو الأسئلة الاستغرابية الأنثوية كلّها، وما يمكن أن نتلمسه في مضامين نصوصها من نماذج استغرابية ومتطوّرة تأثّرت بها الأنثى، أو حاولت أنْ تقدّم رؤيتها للعالم، وهو ما يمكن أن نكتشفه في التجربة السرديّة للأديبة وفاء عبد الرزاق.
الكلمات المفتاحية: السرد، تجنيس، الاستغراب، سؤال، الأنوثة.
المدخل: يرتبط التطوّر المادي- الذي رافق حملة نابليون إلى مصر- بتطور معرفي، وثقافي، واجتماعي ومن ضمنها تطوّر الوعي الجمالي الذي تجسد في السرديّات الحديثة التي تُعدّ أجناسها جميعاً أجناسا أدبية جديدة، فهو الأرض البرزخية التي تقع ما بين انحسار القيم الجمالية القديمة، وتشكيل قيم أدبية جديدة، فولادتها التي انطلقت من غياب الهوية أو الاستراتيجية الاسمية، والاصطلاحية، والتفكك الذي أصاب البنية الجمالية القديمة، التي كانت ذات مرجعيات تنهض على مدونة وأرشيف يؤمن بفخامة اللغة وسموها، فاللغة الفصيحة كانت تمثّل اللغة المدّونة المتعارف عليها في ذلك الوقت، فالمدرسة أو اللغة الرسمية الفصيحة أو ذات البلاغة السكاكية ( السكاكي) خرجت من بوتقة المدرسة الدينية. فالتحجر البلاغي في اللغة الرسمية، والحفاظ على الموروث والنموذج النثري القديم مثل المقامات، والخطب، والأمثال كانت مرجعيةً لها قداستها وحضورها الذي هَمَّشَ اللغة الشفاهية أو الجماعية، أو ما يطلق عليه لغة الحياة اليومية، وما قدمته من الأدب الشعبي، والسير العربية مثل سيرة عنترة، والهلالية، وألف ليلة وليلة، فالنرجسية الفردية في لغة الأدب الفصيح قابلها ذوق جماعي ذو قدرة عالية على الإنتاج والتغيير والمرونة، فمنذ القرن التاسع عشر نشأت السرديات العربية، والتي تدرجت من التعريب ثُمّ الترجمة، وإلى الإبداع[1].
ومن المفارقات العجيبة أنّ السرديّة الغربية بدأت تشرح الشرق، وتكتب عن سحره واتخذت من الأدب الشفوي أو الشعبي مرجعيات لهذه العجائبية مثل ترجمة غالان لألف ليلة وليلة، فضلا عن أن السرديّات الحديثة التي ارتبطت بظهور الصحافة، كانت ذات مرجعيات ترتبط بالمتعة، واللغة الشفوية العامية، وبظهور الطباعة، والتعليم، والصحافة، والترجمة التي عملت على أنْ يكون هناك حضورُ للسرديّات الحديثة، وبدأ الوعي العربي، والمخيلة العربية تحاول أنْ تنتج سرديّات عربية بداية برواية زينب لمحمد حسين هيكل[2]، وهناك مَن يشكّكُ بهذه الريادة.
المبحث الأول
إشكالية تجنيس القصّة القصيرة
يتنازع هوية جنس القصة القصيرة جدا هاجسٌ من الارتباك، والفوضى، والتشتت الذي يعود إلى إشكاليات كثيرة منها إشكالية جينية ترتبط بأصله القديم، وإشكالية التداخل والتشابك بين كونه قصة أو قصيدة نثرية. وبعيدا عن هذا الجدل والسجال يمكن القول إن الجذور الجينية للقصة القصيرة جداً تعود إلى القصص القديمة في حضارة الشعوب كلها من حيث كونها عبارة عن قصص أو حكايات ذات موضوعات أسطورية، وخرافية، ونوادر، وطرائف ولكن هذا الأصل الحكائي لا يمنع من أنْ يكون بداية تسجيل القصة القصيرة جدا في أواخر القرن التاسع عشر بوصفها جنسا أدبيا جديدا له كيانه المستقل واشتهر كلٌّ منْ: ادجار الن بو الأمريكي، وموباسان الفرنسي، وتشيخوف الروسي في كتابة قصص قصيرة ذات خصائص ومميزات معيّنة، والتي بقيت تتصدّر القرن العشرين بأكمله إلى أنْ جاءت القصة القصيرة جدا وأخذت دورها في القرن الحادي والعشرين[3]. وهذا ما دفع بعض الكتاب إلى القول إنّ الرواية كانت ثمرة الثورة الصناعية وتطوّر البرجوازية في القرن التاسع عشر، وكانت القصة القصيرة ثمرة الصحافة والمذياع في القرن العشرين، فنحن نجد أنّ القرن الحادي والعشرين سيكون قرن القصّة القصيرة جدا؛ لأنّها ثمرة الحداثة وما بعد الحداثة وتطوّر وسائل الاتصال والإنترنت، والحاجة الواقعية إلى تصوير الإحداث السريعة ذات البعد الواحد في القصة القصيرة جدا الذي كانت تحتاجه الصحافة والمذياع. فإن ما يقابله من تطور سريع في وسائل والإنترنت، والميديا ومحدودية الوقت وقصره تطلّب نوعاً من التكيف والإيجاز في الرسائل التي يمكن أنْ يطلقها الأدب. فكانت القصة القصيرة جدا، ولعلّ من الممكن أنْ نوضّح حقيقة ظهورها في الوطن العربي الذي كان استجابة مباشرة لظروف العالم العربي بعد عام 1967 ومن بعدها حروب الخليج الأولى[4]، والثانية، والفوضى الخلاّقة وربيعها العربي، وما قدمه من نتائج الحروب الأهلية والتهجير وترك الأوطان، دعا إلى أن يكون جنس القصة القصيرة جدا ذا حضورٍ واضحٍ في الوقت الحاضر.
ولمّا كانت القصة القصيرة جدا جنسا أدبيا، ولابد أن تكون له مميّزات وخصائص يمكن أنْ تحافظ على حدودها، وحدود الأجناس الأخرى التي تمثل حالة قريبة منه: مثل القصة القصيرة، وقصيدة النثر، إذ إن هذا الجنس يمثّل هجينا تناسل في الأساس من النصّ القصصي ومن الشعر، فأخذ من القصة الشخصية، والحدث، ومن الشعر الاقتصاد اللغوي، والتكثيف، والتوهج والإيجاز، والحذف…الخ. وعلى أساس هذا التهجين فإنّ أهمّ مميّزات القصة القصيرة جدا هي أولا: الحدث في الذروة إذ يجب أن يكون الحدث فيها في ذروته ذا نبض وتوهج دون تفاصيل، وإلاّ فهو لا يتناسب مع هذا الجنس الادبي، وثانيا : الاقتصاد اللغوي إذ يقوم الجانب الأسلوبي في هذا النوع من الأجناس الأدبية على أساس التكثيف، والإيجاز، والاختزال، والحذف، والاقتصاد، وهذا الاقتصاد والتكثيف لا يرتبط بالجانب اللغوي فقط حتى في العناصر الأخرى من القصة مثل: الشخصيات، والأحداث، والزمان، والمكان، والاكتفاء بالإيحاء[5]، والثالث: الشعرية القصصية. فتأثير الإيجاز، والتكثيف، والاقتصاد في هذا الجنس الأدبي أدَّى إلى نوع من الشعرية أو الجمالية التي تتكوّن منها حالة ترتبط بالجانب الشعري أكثر من منطقية الواقع القصصي مثل: التوهّج، والرمز، والإيحاء الذي يسبّبُ دلالات متعدّدة وقراءات متنوعة، والرابع : الدهشة، تنحاز القصة القصيرة جدا بالمفارقة وكسر أفق التوقّع عند المتلقي عندما يصاب بالدهشة والحيرة، والإثارة، والمفاجأة، والابتسامة أثناء القراءة، فلعبة التوقّع وعدم التوقّع حاضرة فيها، ويضاف إلى هذه الميزة ميزة الإغراب والتي يمكن أن تمثل العنصر الخامس الخاص بهذا الجنس فالإغراب يمثّل حالة غير المألوف على مستوى الحدث، أو الشخصية، أو المكان[6]، أو الزمان، وهو يجعل الواقع النصّي غريبا عن الواقع الخارجي، وعدم المألوفية، والاغتراب يؤدّي إلى نوع من انفتاح دلاليّ ورمزيّ يعمل على إثارة القراءات المتعددة، والسادس أكثر من قراءة، أو انفتاح الدلالة، فنصُّ القصّة القصيرة جدا توفر للقارئ قراءة متعدّدة؛ بسبب كثافته وغرابته ممّا يساعد على تأويلات متعدّدة يتداخل فيه السياسي بالاجتماعي، والفلسفي بالإنساني… الخ[7].
ولا بّدُ من القول أنّ هذه العناصر ليست مقدسة أو ذات جوهرية ضرورية في القصة القصيرة جدا فيمكن أن لا يحتوي هذا الجنس على هذه التقنيات والمميزات جميعاً، ولكنّه يبقى قصة قصيرة جدا[8].
ممّا تقدّم فإنّ الخصائص ومميزات الجنس السردي في أشكاله كُلّها بأنواعها القصيرة والطويلة لابُدّ أنْ تنطوي على كينونة أو هوية تتّصف بملامح وعناصر عامة لا يمكن أن يحدث فيها انتهاك يعمل على ضياع هوية هذا الجنس أو تذويبها، ولكن هذا لا يمنع من أن يحدث بعض التغييرات والتبديلات التي تتأثّر بجوانب كثيرة منها: ذاتية تنبع من قلق التأثير، والإبداع، والتجربة، والتجريب الجديد، ومنها يعود إلى المجتمع وتطوّره وما يمكن أنْ تقدّمه الجماعة المفسّرة من نظريات، وأنواع أدبية جديدة، فضلاً عن أنّ العنصر اللغوي يمكن أن يكون له دورٌ في تشكيل أسلوب وصيغ خاصة بكل جنس من حيث الطابع التقريري، والعقلي، والجمالي، و العاطفي.
المبحث الثاني
سؤال الاغتراب اشتغالات النموذج
اشتغل النموذج الاستغرابي في سرد وفاء عبد الرزاق على وفق ما يعكس أيديولوجية المرأة ورؤيتها التي بدأت مثلا في قصّة المتحوّلين تبحث عن العدمية، والعبثية في الحياة الجديدة:
” الجُملة العـصيَّة، تُحيِّرُنا دائماً في شكل إطارِها، إطارُ اللاشيءِ، أو السَّهوِ. مِن هُنا كانتِ البِداية، حين دخلتِ الأشياءُ الخفيِّة عالمَها المحتومَ.
أمامَ المرآةِ، تتحوَّلُ إلى- هي – التي تُريدُ، بالأحرَى تُحاوِلُ، أن ترَى مِن خِلالِ فكرتِها، كيف ستُصبِحُ كما أرادتْ لنفسِها أنْ تكونَ. زعمَتْ، ويأخذها الزَّعم عِدَّةَ مرَّاتٍ لتعرِف، لماذا كُلَّما استدرجتْها مراياها، يظهر لها شخصٌ آخرُ!!
ذاتَ ليلةٍ اخترعتْ لها شكل سيجارة غيرِ موجودةٍ فِي الأسواق، بعدَ كتابتِها لقصيدةٍ فاشلةٍ، مزَّقتِ الورقةَ نِصفينِ؛ نصفٌ أحرقتْهُ كي لا يعثـُر عليه الذي سيتحوَّل، والنّصفُ الآخرُ طوتْهُ، وأولعتْهُ، ثـُمَّ بدأتْ تلتهِمُ دخانَهُ..”[9].
يشتغل موضوع الاستغراب في هذا النصّ على وفق مسارات عدّة: مسار العدمية، والعبثية، والحيرة، والشك، فالشعور بحالة العدمية هي اعتراف من قبل السارد بالشعور بالنقص، وعدم الاكتمال، فالإمساك بلحظة الحضور تواجه صعوبات كثيرة، فعدم القدرة على الإمساك هو في الحقيقة شعورٌ بعدم القدرة على التملّك ممّا أدّى إلى تحوّل حياة إلى نوع من التَشيُّوِّ، فكلّ شيء تغيّر، حتى أنّ الأنا لم تعد تتعرف على ذاتها، فالشعور بالتغيّر وعدم السكون، وتغيير حالها إلى شخص آخر لم تتعرّف عليه. كُلها من متطلبات العصر والحياة التي بدأت تغيّرُ كلَّ شيءٍ بسرعة، فاختراع السيجارة هي صورة تشكّل الحياة السريعة، والمتغيّرة، والزائلة، فالاحتراق الذي يقدمّه اشتعال السيجارة هو في عدم القدرة ايضا على الامتلاك، وكلّ شيء يتجلّى في منطق الحياة الزائلة، والمنتهي بالاحتراق.
ويتساوق مع الزوال، والانتهاء بحثها الدائم عن كلّ شيء جديد، ففعل السفر أو الرحلة بصورة عامة هي عملية بحث في الأساس عن الذات أو عن مكان آخر:
” قرَّرتِ السَّفرَ خارِجَ المدينةِ لأسبوعٍ، لعلَّ الضَّياعَ يتبددُ، ولِحُسنِ حظّها، أمطرتِ السَّماءُ بِغَزارةٍ، مِمَّا تعذَّرَ عليها الخروجُ بِهذهِ الكثافةِ مِن المطرِ. كان الوقتُ لَيْلاً، والرِّيحُ تَشْتدُّ وتتآمَرُ مع الوقتِ.
“ليسَ تآمُراً، أو قد يكونُ تآمُراً مِن قِبَلِ الرِّيحِ، لاستِكمالِ اللوحةِ المَجهولةِ.
هل سيتحملُ قُماشُ( الكنفز) التَّصدِّيَ للرِّيحِ ؟
هل سيثورُ ضِدَّ التَّآمُرِ عليهِ؟
هل سيبقَى أم يتحوَّلُ إلَى لونٍ آخرَ، ذلك الأحمرُ اللعينُ؟
إلى أين هي ذاهِبة ٌ، وقتما قررتِ الخروجَ مِن البيتِ والسَّفرَ لِمُدَّةِ أُسبوعٍ؟
افترضتْ كما لو أنَّ لها وِجهة محددة تنوِي السَّفرَ إليها فِعلاً، بعدَما يعلو السَّماءَ الصَّحوُ.
شمالاً، جنوباً، شرقاً، غرباً.. المُسافِرونَ فِي القِطارِ معها، كانوا عَرَبَاً، كُرداً، غَربيِّينَ، عُجماً، باكستانيِّينَ، هُنوداً، شُقراً، سُمراً، بيضاً، سوداً، يختلِفونَ، لكِنَّ تجمُّعَهم فِي التَّشابُهِ ثيابُهمُ الحمراءُ”[10].
نزعة الاغتراب وعدم تحديد المسار كلُّها نقطة في فضاء المكان، والزمان غير المستمر، فاتّخاذ القرار بالسفر يحتاج إلى شجاعة، لكن ما اصطدم به هذا القرار في الحقيقة هو القدر أو المصير، فالإنسان المخيّر والمصير حاضرٌ في هذا النصِّ، فالأنا تركتْ وجهتها للقدر شمالا أو جنوبا، وهي بذلك تعترفُ بأنّها لم تستطع أنْ تُحدّدَ بوصلة المكان أو الزمان، وهو ما يمكن أنْ نتلمّسه في علاقة الانسان مع الزمان، والمكان، فالاضطراب الذي تعاني منه الذات المغتربة يشي بأنّ هويتها متشظية، ومتبعثرة وهي حالة انسانية معاصرة، فهي فراغ مكاني وزماني أثّر على ذات الإنسان المعاصر، واختيار الثوب الأحمر لما يحمل من دلالات كثيرة منها: الجرح، والموت، والفناء، والحزن، والضيق أو الولادة تعبر عن عدم الأمان والاستقرار.
ولكن في المقابل عنصر الاختلاف، وعدم التجانس هو بيت وجود الإنسان في الوقت الحاضر:
” ظنَّتْ لِلوَهلةِ الأولى أنَّ كُلَّ هؤلاءِ ذريتها، عِلماً بِأنَّ لا أحداً يُشبِهُها إطلاقاً، كما أنـَّها غيرُ مُتَزَوِّجَةٍ، فَمِنْ أين تُصبحُ لها هذه الذُرِّيَّةُ الكَونيَّةُ؟ لاحظتْ أنْ لا أحلامَ فرحٍ على وجوهِ الجميعِ، ولا بأسَ فِي عيونِهم المُتوحِّدةِ مع الخوفِ.. استفزَّها شيءٌ مُخيفٌ على الجِباهِ كُلّها.. دائرةٌ محفورةٌ عميقاً اصطبغتْ باللونِ الأحمرِ، تُشبِهُ تِلكَ الدَّائرةَ التي يصبغُها المُتظاهِرونَ بالعبادةِ وكثرةِ الصَّلاةِ”[11]. إنّ الانطباع العام الذي يقترحه هذا النصّ في كون الشعار العام للحياة الحديثة يتجلّى في مقولة الإنسانية التي تجمع البشرية كلها، فشعار العولمة هو التوحّد البشري، ولكن السؤال الذي يطرحه هذا النصّ بأنّ هناك عدم تجانس واختلاف، فالشعور بالغربة وعدم قدرتها على الانسجام مع الآخرين، فالخوف والقلق هو العنصر المهيمن، فالجباه الحمراء تشير إلى اختلاف لونيّ أو جغرافية ديمغرافية للعلاقة بين الشرق والغرب، والتشبيه بالتظاهر بالعبادة هو أيديولوجية دينية تخالف ما تطمح اليه من حرية، أو البحث عن فسحة في فضاء واسع تطمئن إليه.
” فِي الظـُّلمةِ المُنكسرةِ، وهم يتعثـَّرونَ، وتتعثـَّرُ ظِلالُهم، يمشونَ بِصَمتٍ، وبِصَمتٍ يَطرُقونَ أبوابَهم، أحياناً تسبِقُهم ظِلالُهم إلى البَيتِ، وتدخلُ قبلَهم حامِلة ًأكياسَ الطعامِ.
تنظرُ إلَى المدينةِ باستغرابٍ، كُلُّهم شكلٌ واحدٌ، سماتٌ واحِدةٌ وكأنَّ المدينةَ كُلَّها مِن نَسلِ أبٍ واحدٍ وأُمٍّ. التَّاجِرُ والمُتسوِّلُ، الرَّاهبُ والشَّيخُ، المرأةُ والرَّجلُ، والأشجارُ لَزِجة ٌيَصُبُّ لَحاها صمغاً أسودَ. الصُّلبانُ مَعكوفة ٌ، والمَآذِنُ مُتهدِّمة ٌ، يتطايرُ الذُّبابُ فِي الحدائقِ بفكٍّ مُفترسٍ، وأنيابٍ طويلةٍ. تكالبَتِ الحشراتُ، والطـَّنينُ يدورُ حولَ دُورِ العِبادةِ كُلـِّها. كيفَ لها العيشُ بِمِثلِ هذه المدينةِ!! مَن الذي ستراهُ وظِلَّهُ معاً يقودانِ الأقدامَ باتِّجاهِ النَّهر. الممسوسونَ يذرعونَ الشَّوارعَ جِيئة ًوذِهاباً.. عِندَ غُروبِ الشَّمسِ تبدو الطيورُ مَذعورةً، لا أعشاشَ تخْتبِئُ فيها ولا أشجارَ تبعثُ الدِّفءَ.. الأشجارُ تخشَّبتْ مِثلَ عانِس ٍغابتْ عنها التماعاتُ أقمارِ الحياةِ. جلستْ علَى حافةِ الطَّريقِ، كانتِ الشَّمسُ قد تركتْ بَصمةَ أكُفـِّها الحارقةِ علَى التُّرابِ، راحتْ تَخُط ُّاسمَها بأصابعِها النَّحيلةِ وتُتابِعُ الأقزامَ الذين غزوا المدينةَ[12].
يشكّلُ الرفضُ والقلقُ لفضاء المدينة، فالتشكيل البصري وتأثيث المكان في هذه المدينة يعبر عن الحياة القاسية والعنف والضياع، والإرباك الذي تشعر به الذات التي تعيش في فضاء المدينة فهي كلّها شرور ولا يوجد بها حضور للنقاء والصفاء، وهذا الرفض لحياة الصخب والمدينة يُعبر عن أنّ الحياة أصبحت حيوانية ومادية لا توجد بها مقومات الحب والجمال كلّها، فثقافة التسامح والتعايش أربكها التغيير المستمر أصبح المكان موحشا.
” فِي خِضَمِّ هذه التَّحوُّلاتِ، وطِبقاً لقوانينِ الضَّياعِ، تَحوَّلَ صوتُها إلى أُغنيةٍ، (لا تنحنِي، ثَمَّةَ ذُنوبٌ تُشيِّعُ الفوضَى، فلا تنخرطِي فِي سجاياها. حرَّرتْ قدميَها مِن الأرضِ، فصارا مِصباحَينِ، جَسدُها عارٍ مِن كُلِّ شَيءٍ إلِّا مِن ذاتِها، ارتجفتْ مِثلَ زهرةٍ بِعفويَّةِ الرِّيحِ، توهَّجَ قدماها فِي أوَّلِ خُطوةٍ لها، وتَحوَّلتْ أصابعُها إلى مصابيحَ هي الأُخرَى. بينما المدينة ُمُجرَّدُ ظِلٌّ، بِلا هَيئةٍ واضِحةٍ، ظِلٌّ طويلٌ ينظرُ إليها مِن بعيدٍ”[13].
الشعور بالضياع، والتوحّد، والاغتراب هي صفات المكان الذي تَمّ تحديده بالمدينة فنموذج الاستغراب والتأثّر بالسلبيات التي تتمظهر في العلاقة المتوترة بين الإنسان، والجماد، فالتعامل مع المدينة يكوّن بحذر شديد، فظلمات الليل كشف عن عري الجسد وقدرتها في تحدي حالة الجمود في التغلّب عليها عن طريق انبعاث الضوء أو الحياة عن طريق ديناميكية حركت الجسد وقدرتها في التغلّب على كلِّ شيء ينطوي على الجمود، فالحياة تتغلّب على الموت.
وهناك علاقة عضوية بين غياب الجواب / والاحتجاج الذي يقدّمه الحذاء، فالذي يستعمل الحذاء بوصفه لغة سيميائية من حيث الصبر، والفقر، وممارسة العنف به، والتأثث لكلّ ما يمكن أنْ نجد فيه استعمال الحذاء، فالتغيير الوظائفي له أعطى أبعادا كونية، وايديولوجية وفضح شعارات رنانة، والنصّ يتحاور مع حذاء فان دوخ وتأويل هيدغر له، ولكن البعد البراجماتي، والتصوير السردي أعطى لهذا الحذاء أبعادا وجودية تخالف ما يمكن أن يكشفه من الحياة البسيطة أو الوصفية له، فهو ليس حاجة أو نواة بسيطة:
“(نواةُ الأشياءِ)
أخرج الحِذاء لسانه مُمتعِضاً، لما يحدث في العالم مِن سفك دماءٍ، ذبح، إرهابٍ، مُماطلات سياسية ونِفاقٍ. بدأ مِنَ الشَّارع وانتهَى برأس الهرم.. وحين أيقن يائساً مِن استحالة الإصلاح بعد أنْ نخر السُّوس نواة الأشياء فانقرضتْ، قرَّر الانتحار. وبالفعل وجده مالكه صباحاً. وهو بصَدد لبسه للذهاب إلى عمله. مشنوقاً برباطه أمام التِلفاز، فقد كان يُتابع – فيما يبدو، وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة – برنامجاً في الطبخ عن كيفية إعداد كعكة عيد الحب (فالنتاين)!!!”[14].
إنّ السمة الفنية في هذا النصّ أعطت هيمنة لحضور لفظة الحذاء وتحويلها إلى شخصية رئيسية أو بطل يرفض سلبيات الواقع كلها من نفاق، فخروج لسانه، وهو في الأصل ألسنةُ الحذاء وتحويله إلى شخصية محورية ترفض هذا الواقع المرير كلّه، فهو يرفض المهادنة والارتهان إلى الضعف والسكون، فلفظة الحذاء تنطوي على دلالات عدم اللباقة، والرفض، والإهانة وكلُّ ما يدور في ما يمكن أنْ يصف بمتطلبات اللباقة الاجتماعية من حيث الألفاظ التي تستعمل للتنازع والعداوة، والقذف، والشتيمة، فالتحوّل الذي يمكن أنْ نتلمسه في كونه لم يعد هناك جدوى من الفضح والكشف للزيف الواقع؛ لأنّه في النهاية انتحر لأنّ الحياة أصبحتْ حياة حيوانية، وغرائزية تبتعد عن الإبداع والثقافة وتبحث عن المتعة في الطعام، فغذاء البطن مقدّم على غذاء الروح:
” تطفو خيالاته على صفحة السَّقف وتجول عيناه في غُرفته وبالأخصِّ على السَّرير. يخاف على نفسه منه، يخاف مِن اللحاف والأغطية، ومِن نفسه إنْ استلقتْ أنثَى وأخذتْه إلى حنينها المُتوقّد. مِن أين ستأتي الأنثى بعورة على شكل حِذاء ؟وأيَّة مخلوقة سترغب فيه ؟العطش المُتهافِت على ريقه يتحشْرج كما صوته وهو ينادي على اسم مجهول بعورة مِن حِذاء. لا بُدَّ أنَّ هُناك أُمّاً ما أنجبتْ هكذا فتاة كما أنجبتْه أمُّه دوناً عن غيره. يستجيب لأمان النَّوم بعد غيابه طويلاً مُتوسِلاً إليه بإنقاذه مِن لهفته إلى أنثَى. شعِل هدأته ثُمَّ يهدأ ويشتعِل، هي حالته مُنذُ أنْ تورَّد شارِبه وبدأتْ عناقيده تتدلَّى على جانبَي فمه. لا حرير، لا حرائر، لا جسد. وحده مُلتاعاً بما خلقه الله فيه. السُّنون تزدحِم مثل ازدحام نساء الحيِّ، غير أنَّه لا يقوَى على مواجهة إحداهنَّ، المواجهة تتطلَّب سؤالاً، والسُّؤال سيتلقى ردَّاً ساخِراً.
في خيبة عينَيه يعود إلى حُزنه خاسِراً ويُحدِّق في خطوه لئلا تشدُّه سُمرة فتاة أو يشُدُّه طقس المودَّة والعِشق لثَمَّة وجهها أنت عائد إلى كرْمكَ المُتجعِّد بلا كأس. بين الصَّدى والحقيقة هو ذا قوله الدَّائم لنفسه وحديثه معها”[15].
إنّ التماثل الذي تقيمه بين شكل الحذاء أو العورة والذي هو جزء من جسد المرأة ما هو إلّا إدانة منها لعالم الرجال الذي يبحث فقط عن المتعة الجسدية، فالبحث عن المرأة أو العلاقة مع النساء، والتي تشتغل على حالة من عدم الوفاء والسيرورة المتغيّرة، والذي بدوره مرفوضا من قبل المرأة، وهي تمثّل معادلة حياة مقززة جدا.
ولا يقتصر حضور نموذج الحذاء في الدلالة على الرفض، والفضح، إنّما كذلك يمكن أنْ يتحوّل إلى رمز للطبقية الاجتماعية:
” (غِيرةٌ بحاجةٍ لمَن يغارُ مِنها) هم بحر، كيف لهم أن يعودوا إليه وإلى موجه؟ اغتاظوا وتجمهروا في السَّاحة العامَّة وسطَ المدينة مُعلنِين عن ثورتهم. لم يتبقَّ لديهم غير المرِّ وكؤوسه، فلابُدَّ إذاً أنْ تعلو أصواتهم. توافدَ الأنعل، شيبهم وشبابهم، نساؤهم ورجالهم، وأخذوا رُكناً في السَّاحة. ذو السُّيور الرَّفيعة حملوا علماً جلديَّاً، وذوو الجلود الصناعـيَّة حملوا أبواقاً ولافتات. الأحذية المطاطيَّة جاءتْ مِن أقاصي المدينة، مِن أطرافها كونُها تعود إلى الفُقراء والمُعدمِين، إذْ لا سكن لهم إلَّا أطراف المُدن وبين الصَّفيح. على خِفَّةٍ ركضتْ أحذِية نِسائيَّة حامِلة لافتة كُتِبَ عليها ” ما هذا الهراء” واندسَّتْ بين الجمهور الهائج الثَّائر والمُطالب بحقّه في الإنسانيَّة. نهضتْ مِن نومها أحذية جلديَّة صنعها البدو مِن جلود أغنامهم واستبدلتْ خيماتها في السَّاحة الكبيرة كأفضل مكان يكون حضورها ذا قيمة فيه”[16].
فالتصنيف الطبقي يأخذ علامته من الاختلاف في الجودة، والصناعة التي يكشفها السرد من حيث كونه يتحدّد من خلال جغرافية المكان، والمناطق التي ينحدر منها، فهو يمكن أن يكون مريحا، أو غير مريح أو ذات ماركة عالية أو غير ذات شأن علما كلّه يقدّم الوظيفة ذاتها، فضلا عن أنّ هذا التشريح لوظيفة الحذاء في مكان التظاهر يعبر عن مطلب الشعوب بكلِّ طبقاتها بالعدالة، والحرية، ولا يوجد فرق بينهم:
(حِذاءٌ ضَالٌّ)
ليلة أمسِ واليوم، لم تبعده الطرقات عن عزيمته في البحث، كما لم يتخاذل عن ترديد أغنيته: ماذا لو لم يفشل الطبيب في تشخيص حالتي المرضيَّة؟ هل أحتاج وقتاً إضافيَّاً للدُّخول إلى غُرفة الأشعَّة ويتوَّهم المريض الذي سبقني لأخذ فردة مِن حذائي؟ هل كان ذلك الرَّجل بفردة واحدة واستغلَّ الفُرصة؟ ماذا لو لم تتأخر القُطُر والطائرات والحافِلات، وماذا لو مزَّقتِ الطفولة الهائمة طائرتي الورقيَّة؟ الفردة الوحيدة التقطتْ هذه التَّساؤلات مِن صاحبها وراحت تُردِّد: ماذا لو لم أتعلَّم الرَّقص؟ ثُمَّ أخذتْ تدور وتدور حول نفسها مثل مخمور.
صعدتِ الحافلات كُلُّها في مدينتها الأولى فوجدتْ كُلَّ الأرجل بفَردة واحدة والأرجل العارية مُصابة بالأكزيما. وهي تحمل بيدها فحصها الإشعاعيَّ لم يُغادرها السُّؤال عن طبيب يستجوب الإشعاع لعله يجد بين سواده بياض الجواب. عصفتِ الروح الهائمة كما عصف بالنَّاس القمع، فرأت تلك الفردة أنَّ القُطر أرحم بعجلاتها الصَّاخبة مِن إسفلت المدينة”[17].
إنّ التناقض الذي يقدّمه هذا النص السردي في العلاقة غير المكتملة بين فردتي الحذاء، فالبقاء على فردة واحدة يشعرنا بالدهشة عندما تَتمّ الإجابة عن الأسئلة الاستنكارية التي يستحضرها هذا النصّ، فالصورة الكاريكاتيرية الذي تتمظهر في هيئة إنسان يمشي بفردة حذاء، فالثنائية التي يقترحها النصّ من وجود عضوي بين فردتي الحذاء يمكن أن يؤدي بالمرض في أنْ يحصل نوع من التفكيك والتبعثر لهذه العضوية، فحضور المرض عمل على أن يتساوى البشر جميعاً في صفة الفردة الواحدة فتشريح الحياة الاجتماعية يكشف عن سلبيات تنتقد ضعف البشرية في أنْ تتغلب على عجزها أمام المرض، وأنّ الالتقاء بالناس في مناطق عامة أو في الحافلات والقطارات، وهي أماكن عامة اجتماعية قدّمت صورة عجائبية في أنّ الكلَّ يعاني من العج، وأنّهم في فردة واحدة، فالسير بفردة واحدة، أحدث بها النص انقلابا إلى نوع من السخرية والتهكم على هذا الواقع في أنّ منطقة، أو أرضية القطار، أو القطار أرحم من أرضية المدينة وسخونتها، فهذا التشكيل يؤسس لرؤية فنتازية عن ما يمكن أن يفعله المرض بالناس، وما يؤدي بهم إلى تصرفات غير معقولة، فاللامعقول أصبح معقولاً في لحظة تدمير القيم والعادات؛ بسبب القهر، والضعف، والهشاشة التي تصيب الإنسان.
وخلاصة ما تقدم في هذا البحث:
فإنّ كلّ ما يمكن أنْ يشكّله العالم السردي من فضاء واسع من أنموذج الاستغراب الذي اتّخذ مسارات كثيرة تدور حول مواضيع مادية وثقافية، فنموذج الاستغراب الذي كشفه النص الأنثوي يتجلى في تشيئ الحياة، وتحويل الجسد إلى نوع السلعة التي تقهر الذات المتشظية، أو الساكنة، فالعدمية، والفراغ، والضياع، والشك، وعدم اليقين كلّها صفات ارتبطت بالعصر الحاضر، ولقد شكّل جزءاً من حياة المرأة التي حاولت أن تكشفه من حيث إيجابياته وسلبياته، لذلك كلّ جزئية من جزيئيات الحياة شكّلت نقطة التقاء حتى أنّ ألسنة الحذاء هو تعبير على رؤية ايديولوجية، وثقافية، واجتماعية تقدّم مشروعية حياة فنتازية وعجائبية تجمع بين التناقضات والاختلافات في عصر العولمة المتغيّر، والزائل، وغير المكتمل.
المصادر والمراجع:
- أ. م. فورستر (1960)، اركان القصة، ترجمة كمال عياد جاد، راجحة حسن محمود، دار الكرنك للنشر والتوزيع، القاهرة.
- إبراهيم، عبد الله، (2013)، السردية العربية، الابنية السردية والدلالة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ط1، بيروت.
- عبد الرزاق، وفاء، (2018)، قصة المتحولون / مجموعة في غياب الجواب، ط، 1دار ليندا للطباعة والنشر، 2018، سوريا.
- عبد الرزاق، وفاء، (2018) قصص فِي غِيَـابِ الجَـوَابِ، دار ليندا للطباعة والنشر، ط1، 2018، سوريا
- عزام، محمد، (1996)، فضاء النص الروائي، ط1، دار الحوار، 1996، اللاذقية.
- غريب احمد، حسن، (1992)، التقنيات الفنية والجمالية المتطورة في القصة القصيرة، ط2، دار التنوير، ليبيا.
- فائق مصطفى، عبد الرضا علي، (2000)، في النقد الأدبي الحديث، ط2، دار الكتب للطباعة والنشر، الموصل.
- مرتاض، عبد الملك، (1998) في نظرية الرواية، ط1، عالم المعرفة، 1998، الكويت.
- يقطين، سعيد (1977)، الكلام والخبر، مقدمة للسرد العربي، ط1 المركز الثقافي، الدار البيضاء.
……………….. ***** ……………….
الهوامش:
[1] . إبراهيم، عبد الله،2013، ص: 13 ــ 14
[2] . المصدر نفسه، ص: 20-21
[3] . يقطين، سعيد،1997، ص: 25
[4] . فائق، عبد الرضا، 2000، ص137ــ 13
[5] . مرتاض، عبد الملك، 1998، ص144
[6] . أحمد، حسن غريب، 1992، ص10ــ 12
[7] . عزام، محمد، 1996، ص: 45
[8] . فورستر، ا.م، ترجمة كمال عياد جاد، 1960، ص: 15
[9]. عبد الرزاق، وفاء، قصة المتحولين،2018، ص: 6
[10] . المصدر نفسه ، ص:9
[11] . المصدر نفسه ، ص: 14
[12] . المصدر نفسه ، ص: 49
[13] . المصدر نفسه ، ص: 67
[14] . المصدر نفسه ، ص: 10
[15] . عبد الرزاق، وفاء مجموعة قصص فِي غِيَـابِ الجَـوَابِ، 2018، ص:15
[16] . المصدر نفسه، ص: 10
[17] . المصدر نفسه، ص: 26