الإنشاء الطلبي في ديوان  الشاعر السوداني إدريس جماع

Vol. No. 2, Issue No.3 - July-September 2022, ISSN: 2582-9254

0
1179

الإنشاء الطلبي في ديوان  الشاعر السوداني إدريس جماع

دراسة بلاغية تحليلية

بقلم

صلاح التوم إبراهيم

 باحث في الدكتوراه – جامعة كسلا – كلية التربية /قسم اللغة العربية، السودان.                                        

Salahkara77@yahoo.com

———————-

ملخص البحث:

” رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ”{النمل:19} الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبي الرحمة – محمد بن عبد الله – صلى الله عليه وسلم. حاولت جاهداً أن أقف عند هذه الدراسة في تتبع الإنشاء الطلبي وأساليبه المختلفة في ديوان الشاعر إدريس محمد جماع، ليكون إسهاما مني في إثراء الأدب السوداني من باب علم المعاني للفائدة العامة. جاءت الدراسة في مقدمة وخمسة فصول، أوضحت في الفصل الأول أسئلة الدراسة وأهدافها وأهميتها ومنهجيتها والدراسات السابقة ذات الصلة بموضوع الدراسة. وتناول الفصل الثاني سيرة ذاتية عن الشاعر وشعره وديوانه. وفي الفصل الثالث لمحة عن علم المعاني ونشأته وتعريف الإنشاء. وتناول الفصل الرابع دراسة تطبيقية للإنشاء الطلبي في ديوان الشاعر. وتضمن الفصل الخامس أهم نتائج الدراسة والتوصيات.

الكلمات المفتاحية : الطلبي، الإنشاء، إدريس جماع.

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة:

        الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين الذي امتلك من البلاغة ما يعجز عنه غيره -محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم – الذي أنزل الله عليه قرآنًا فصيحًا بليغًا معجزًا، أدهش العقول بدقة نظمه، وبعد. .. إن البلاغة العربية تتألف من علوم ثلاثة هي : المعاني، والبيان، والبديع. وميدان البلاغة الذي تعمل فيه علومها هو نظم الكلام وتأليفه، فالبلاغة صلتها بالأدب والشعر وثيقة، وعلم المعاني مبحث من مباحث علوم البلاغة وهو الذي يعنينا في هذه الدراسة،  وقد عرف السكاكي علم المعاني بقوله : ” إنه تتبع خواص تراكيب الكلام في الإفادة وما يتصل بها من الاستحسان وغيره، ليحترز بالوقوف عليها عن الخطأ في تطبيق الكلام على ما يقتضي الحال ذكره ” ومن موضوعات علم المعاني، الإنشاء وهو قسيم الخبر، فإذا كان الخبر هو ما يحتمل الصدق والكذب، فإن الإنشاء إذن هو الكلام الذي لا يحتمل الصدق والكذب لذاته، وذلك لأنه ليس لمدلول لفظه قبل النطق به وجود خارجي يطابقه أو لا يطابقه. والإنشاء هو الطريقة الرئيسة إلى فهم الأدب وتذوقه والتعبير عما في الحياة من وجوه متباينة، لذلك كان اختيار الباحث الإنشاء الطلبي في ديوان شاعرنا  إدريس محمد جماع، الشاعر السوداني المعروف، والذي تميز بالنبوغ  كما وصفه بذلك محمد حجاز مدثر [1] في كتابه (إدريس جماع :حياته وشعره )، يقول (إبراهيم، 2019) : إدريس محمد جَمَّاع شاعر سوداني مرموق له العديد من القصائد المشهورة التي تغنّى ببعضها عدد من المطربين السودانييّن، وأُدرج بعضها الآخر في مناهج التربية والتعليم المتعلقة بتدريس آداب اللغة العربية في السودان، ورغم شهرته في السودان كشاعر مرموق وله مكانة خاصة إلا أنه منسي عربيا ولم تهتم به الدوائر الأدبية العربية، وهو لا يقل شاعرية عن صلاح عبد الصبور ومظفر النواب ومحمد مهدي الجواهري، وقد أشاد بشعره الأديب الكبير عباس محمود العقاد. قضى حياته مذهولا بالجمال مصورا للحسن في قصائده، وشعره يلفه الغموض، الأمر الذي جعل الرواة ينسجون أساطير حول قصائده الحزينة والظروف التي قيلت فيها وأنها السبب في فقدان الشاعر لعقله بلوثة من الذهول في آخر عمره قبل أن يسلم الروح إلى بارئها عام 1980م.[2] وجاء تركيز الباحث على الإنشاء الطلبي، لأن الإنشاء غير الطلبي  ليس من مباحث علم المعاني، وذلك لقلة الأغراض البلاغية التي تتعلق به من ناحية، ولأن أكثر أنواعه في الأصل أخبار نقلت إلى معنى الإنشاء من ناحية أخرى. (عتيق، 2009: 74) [3]. وقد قسم الباحث الدراسة لمقدمة وخمسة فصول، تناول الباحث في الفصل الأول أهداف الدراسة وأهميتها ومنهجيتها، والدراسات السابقة ذات الصلة بموضوع الدراسة، وتناول الباحث في الفصل الثاني نبذة عن الشاعر جماع وحياته وشعره وديوانه، وفي الفصل الثالث لمحة مختصرة عن علم المعاني ومباحثه، وفي الفصل الرابع دراسة تطبيقية لأساليب الإنشاء الطلبي في ديوان شاعرنا إدريس محمد جماع، وفي الفصل الخامس خاتمة تتضمن أهم نتائج الدراسة التي توصل إليها الباحث،  والتوصيات التي أوصى بها الباحث .

أسئلة الدراسة:

1/ ما أنواع الإنشاء الطلبي الذي تضمنه ديوان الشاعر إدريس محمد جماع؟

2/ ما أغراض الإنشاء الطلبي في ديوان الشاعر إدريس محمد جماع ؟

3/ ما أنماط الإنشاء الطلبي التي تضمنها ديوان إدريس محمد جماع ؟

 أهداف الدراسة :

1/ معرفة أنماط الإنشاء الطلبي التي تضمنها ديوان الشاعر إدريس محمد جماع.

2/ معرفة الأغراض البلاغية للإنشاء الطلبي في ديوان الشاعر إدريس محمد جماع.

3/ معرفة الخصائص الفنية في شعر إدريس جماع وما يتركه من أثر في نفس السامع أو القارئ.

4/  تسليط الضوء على ديوان الشاعر إدريس محمد جماع ” لحظات باقية “.

أهمية الدراسة :

1/ تنمية الذوق الفني للاستمتاع بالشعر السوداني عموما وشعر إدريس محمد جماع على وجه الخصوص.

2/ الوقوف على الأساليب البلاغية  في الشعر السوداني.

3/ عدم وجود دراسات أو بحوث تناولت هذا الجانب في شعر إدريس جماع – حسب علم الباحث-.

4/ فتح الباب  للباحثين لمزيد من الدراسات والبحوث حول شعر إدريس محمد جماع.

منهج الدراسة :

    اقتضت طبيعة الدراسة أن يتبع الباحث المنهج الوصفي التحليلي الاستنباطي، وذلك تماشيا مع طبيعة الدراسة.

حدود الدراسة :

     الحدود الموضوعية للدراسة هي : الإنشاء الطلبي في ديوان إدريس جماع ” لحظات باقية “، الطبعة الرابعة، 1989م.

الدراسات السابقة :

  استطاع الباحث الحصول على بعض الدراسات السودانية والعربية ذات العلاقة بموضوع الدراسة الحالية وهي:

دراسة (عثمان، تاج الدين فضل الله، 2017) : أساليب الإنشاء في شعر محمد سعيد العباسي، رسالة ماجستير، كلية اللغات، جامعة أمدرمان الإسلامية، السودان. هدفت الدراسة إلى التعرف على الأساليب الإنشائية في ديوان العباسي، واستخدم الباحث المنهج الوصفي التحليلي، وقد خرج البحث بعدد من النتائج منها: أن الإنشاء الطلبي وجد اهتماما بالغا من جانب علماء البلاغة والنحو علة حج سواء، استطاع العباسي تطويع الشعر للغة عادة بسيطة مع المحافظة على الوزن، عالج العباسي مختلف الأغراض الشعرية المعروفة وزاد عليها أغراضا جديدة مثل الشعر الوطني والسياسي وشعر الحنين.

دراسة ( قلوح، حدة، 2015) : الجملة الإنشائية في شعر مفدي زكرياء دراسة نحوية دلالية، رسالة ماجستير، جامعة العربي بن مهيدي، الجزائر. تناول الباحث دراسة الجملة الإنشائية في شعر مفدي زكرياء، وتوصل لعدد من النتائج منها: تنوع أساليب الاستفهام من حيث الأداة ( الهمزة، هل، كيف، ما) بأنماط و صور مختلفة. احتلت جملة الأمر المرتبة الأولى عددا في قائمة الجملة الطلبية في القصائد وذلك لأن الشاعر مفدي زكرياء أراد أن يلهب الحماس بقصائده الوطنية التي تحث على الثورة والجهاد و لهذا سمي بشاعر الثورة الجزائرية، ويعتمد تركيب الأمر في تأدية الوظيفة على صيغة، افعل إلى جانب الفعل المضارع المقترن بلام الأمر، تميزت جملة الأمر بتنوع تراكيبها، فأسند الفعل إلى واو الجماعة، والمفرد المخاطب، تنوع جمل الأمر حسب المخاطب.

دراسة (  لعور، سعاد، 2012) : الجملة الإنشائية في ديوان ذوب القلب لمحمد الشبوكي، دراسة تركيبية دلالية، رسالة ماجستير، جامعة العربي بن مهيدي، الجزائر، هدفت الدراسة لتقديم إلى تقديم دراسة تركيبية تحليلية للجملة الإنشائية في ديوان ذوب القلب لمحمد الشبوكي، وتوصلت الدراسي لعدد من النتائج منها : لم يتفق النحاة العرب من تحديد مفهوم الجملة، لقد أكثر الشاعر في ديوانه استخدام الجملة الإنشائية الطلبية ولم يستخدم الجمل الإنشائية غير الطلبية، لقد أحسن الشاعر انتقاء الكلمات والأساليب المناسبة للتعبير عن أفكاره.

دراسة (رمول، أمينة، 2015)[4]: دلالة الجملة الطلبية في شعر أبو القاسم الشافعي، رسالة ماجستير، هدفت الدراسة إلى التعرف على دلالات الجملة الطلبية في شعر أبي القاسم الشابي، توصلت الدراسة لعدد من النتائج منها : تضمن ديوان ” أغاني الحياة ” لأبي القاسم الشابي على مجموعة من القصائد تتضمن أساليب الطلب، أسلوب الاستفهام من أكثر الأساليب حضورا في الديوان.

دراسة ( منصور، أسامة وجيه سعيد، 2010): الجملة الطلبية في ديوان دعبل الخزاعي دراسة نحوية دلالية، رسالة ماجستير، هدفت الدراسة للتعرف على الجمل الطلبية في ديوان دعبل الخزاعي، توصلت الدراسة لعدد من النتائج أهمها : ديوان دعبل الخزاعي يمثل الأنموذج الجيد لتطبيق الدراسة المعنونة الجملة الطلبية في ديوان دعبل الخزاعي، أن الشاعر استخدم الاستفهام بنسبة 23.8% وقد استخدم أدوات الاستفهام كافة. إن الشاعر كان أكثر استخداما لجملة الأمر من بقية أنواع الجمل الطلبية الأخرى.

تعليق على الدراسات السابقة :

من خلال استعراض الدراسات السابقة يتضح ما يلي :

لم يجد الباحث دراسات سابقة كافية ذات علاقة بموضوع الدراسة الحالية، سوى الدراسات التي عرضت أعلاه.

اهتمت جميع  الدراسات السابقة بالكشف عن الجمل الإنشائية في دواوين شعراء.

 استفاد الباحث من الدراسات السابقة في إثراء الإطار النظري للدراسة الحالية، ومنهجية الدراسة.

إدريس جماع (حياته، شعره، ديوانه ) :

أولا: حياته

جاء في ديوانه[5]، أن إدريس محمد جماع :

ولد في حلفاية الملوك سنة 1922م والتحق بكتاب[6] محمد نور إبراهيم قبل التحاقه بالمدرسة الأولية.

التحق بمدرسة حلفاية الملوك الأولية سنة 1930م.

التحق بمدرسة أمدرمان الوسطى سنة 1934م وعاقته المصروفات فلم يمكث غير شهرين أو أقل.

 التحق بكلية المعلمين بخت الرضا[7] سنة 1936م.

عين مدرسا بمدرسة تنقسي الجزيرة سنة1941م.

نقل إلى مدرسة الخرطوم الأولية سنة 1943م.

نقل إلى مدرسة حلفاية الملوك سنة 1944م.

استقال من وزارة المعارف السودانية وهاجر إلى مصر سنة 1947م والتحق بمعهد المعلمين بالزيتون، ونقل إلى السنة الثانية والتحق بكلية دار العلوم في العام ذاته بعد أن اجتاز مسابقتها.

وفي سنة 1951 نال شهادة الليسانس في اللغة العربية وآدابها والدراسات الإسلامية. التحق بمعهد التربية للمعلمين ونال الدبلوم سنة 1952م.

عين سنة 1952م مدرسا بمعهد التربية بمدينة شندي.

في سنة 1955م نقل مدرسا بمدرسة السنتين ببخت الرضا. في سنة 1956م نقل إلى مدرسة الخرطوم الثانوية ثم إلى مدرسة الخرطوم بحري الوسطى.

من تلك العناصر تألفت حياة الشاعر إدريس جماع في شكلها الرسمي، ونلاحظ أن معظم حياته قضاها في تحصيل العلم داخل وخارج السودان. وعن نشأته يقول (إبراهيم، 2019) [8]: ” ولد جماع في بلدة حلفاية الملوك بالخرطوم بحري في السودان عام 1922، ونشأ نشأة دينية في كنف أسرته المُحافِظة وكان والده محمد جمّاع بن الأمين بن الشيخ ناصر شيخ قبيلة العبدلاب. وقد بدأ إدريس تعليمه في سن مبكرة في خلوة حلفاية الملوك حيث حفظ القرآن الكريم ثم التحق بمدرسة حلفاية الملوك الأولية في عام 1930، ومنها إلى مدرسة أم درمان الوسطى بمدينة أم درمان في عام 1934 ولكنه لم يكمل الدراسة فيها لظروف مالية، والتحق في عام 1946 بكلية المعلمين ببخت الرضا، ثم هاجر إلى مصر عام 1947 ليدرس في معهد المعلمين بالزيتون، فكلية دار العلوم – جامعة القاهرة لاحقاً والتي تَخرَّج منها عام 1951م حائزاً على درجة الليسانس في اللغة العربية وآدابها والدراسات الإسلامية، ثم التحق بمعهد التربية للمعلمين ونال دبلوم التربية عام 1952.”

ثانيا: شعره وديوانه:

        أصدر إدريس جماع ديوان شعر وحيد باسم” لحظات باقية “[9] وقال في مقدمته : ” إن اتجاهي في الشعر ولا أقول مذهبي يحترم الواقع ولكن يريد له الإطار الفني وألا يضمن عليه بالنظرة الجمالية ويساهم في دفع الحياة إلى الأمام ولا يجرد الشعر من أجنحته ولكن يأبى التحليق في أودية المجهول ومتاهات الأوهام ويحب الجديد ليس لأنه جديد ولكن للخلق والابتكار ويحب الإنسان وينفعل للطبيعة، وليس هو رد فعل لاتجاه أو تأكيدا لآخر” . وواصل جماع قائلا: ” هذا هو الطابع في شعري قد انطبع به شيء عامد أو لم أشأ فتكويني في جملته يتجه بي نحو هذه الوجهة، ولو أردت لشعري غير ذلك لعصاني وشق علي، فهذه القصائد هي من نفسي ومطابقة لها وهي ومضات في حياتي بين الحداثة والكهولة، وأردت لها أن تكون لحظات خالدة”. وفي إحدى قصائده وهي ” من دمي ” يقول: (ديوان لحظات باقية، 1989: 17 )

ﻣــِﻦ ﺩَﻣـــِﻲ ﺃَﺳْــﻜُــﺐ ﻓــﻲ ﺍﻷَﻟـﺤْﺎﻥِ ﺭُﻭﺣـَﺎً ﻋَﻄﺮﺓْ

ﻭَﺭُﺅَﻯ ﺍﻟــــﻨَّﻔْـــﺲ ﻭَﺃَﻧـْﺪاء ﺍﻷماني ﺍﻟــــﻨَّﻀِـــﺮﺓْ

ﻭَﺷُــﺠُـــﻮﻧﻲِ ﻭَﺣــــــَﻴَــــﺎﺓً ﺑﺎِﻷَﺳَــــﻰ ﻣُﺴْﺘَﻌِـــــﺮﺓْ

ﺧــــــَﻠَــــﻖ ﺍﻟﺰﻫْـــﺮﺓَ ﺗَﻔْﻨَـــﻰ ﻟِﺘَﻌِﻴـــــﺶ ﺍﻟﺜَّﻤَـــــﺮﺓْ

ﺗَـــﺬﻫَـﺐ ﺍﻟـــﺴَّــﺎﻋَﺎﺕُ ﻣِﻦ ﻋُﻤْــﺮﻱَ ﻗــُﺮﺑـَﺎﻧـَﺎً ﻟِﻔَﻨِّــﻲ

ﺃُﺗْﺒِــﻊُ ﺍﻟـــﻤَﻮﺟَــﺔَ ﻃﺮﻓِــﻲ ﻭَﻟَـــﻬــﺎ ﺃُﺭْﻫِــﻒُ ﺃُﺫْﻧِــــﻲ

ﻭَﺍﻧْــﻄـﺒَﺎﻉُ ﺍﻟــﺰﻫْﺮ ﻓﻲ ﺍﻟــﻐُﺪﺭَﺍﻥِ ﻳَﺴْﺘَﻮﻗِﻒُ ﺟـَﻔْﻨِﻲ

ﻭَﺍﻧــْﺘِــﻔــَﺎﺿـَﺎﺕُ ﺟـَﻨَـﺎﺣَـﻴْـﻦ ﻋَــﻠـَﻰ ﺃَﻭْﺭَﺍﻕِ ﻏُﺼْـــﻦ

ﻭَﻟَــﻘَــﺪ ﺃَﺳــْﺒَــﺢُ ﻓِــﻲ ﺍﻟــﻨَّﻐْــﻤَــﺔِ ﻣِﻦ ﻛَــﻮﻥٍ ﻟِﻜَــﻮﻥِ

ﻫــِﺒَــﺔٌ ﻟِــﻠْــﻔَــــﻦ دنياي ﻭَﺭُﻭﺣـــِـــﻲ ﻏَـــﻴْــﺮ ﺃَﻧِّﻲ

        وكتب الشاعر السوداني الراحل منير صالح عبد القادر تصديرا لديوان إدريس جماع تحت عنوان (إدريس جماع في وادي عبقر) قال إنه عرف الشاعر جماع في أحوال متقلبة وفي أوقات مشرقة وعابسة مبتسمة ومكشرة، مزدهرة ويابسة وقد اقتحم ميدانا كان جديدا عليه وتركني خلفه أرتقب عودته فما ولا تزال قيثارته ووقعها الحزين اسمعها فأزداد شوقا، وقال إن شعر جماع هو صراع بين العقل فسار الشاعر إلى عالم المثاليات التي أحبها وعاش فيها قبل تحوله وفي عينيه الحزينتين بقايا دموع تنسكب ليروي بها أزهار وادي عبقر وكان في استقباله بنات عبقر يلوحن له بباقات الورود والرياحين وهو مقدم عليهن في وجل متردد، أهازيج الوادي تملأ سمعيه وهو يقدم نفسه لرئيس الجماعة ويصف نفسه فيقول:

هو طفل شاد الرمال قصورا وهي آماله ودك الرمالا

        يقول (إبراهيم، 2019) : [10]” يغلب على موضوع شعر جماع التأمل والحب والجمال والحكمة كما كتب أشعارا وطنية مناهضة للاستعمار، ويتسم أُسلوب شعره برقة الألفاظ والوصف فائق الخيال وكثيرا ما يعبر في شِعره عن وِجدانه وتجاربه العاطفية ووجدان أمته، واصفاً تلك المشاعر الإنسانية فرحاً، وألما، وحزناً، كما يزخر شعره بوصف ثورة الثائر الوطني الغيور على حرية وطنه وكرامة أمته، وربط في أعماله الشعرية بين السودان والأمة العربية والإسلامية، فتناول قضايا الجزائر ومصر وفلسطين، ونظم شعراً في قضايا التحرر في العالم، وقد طارد البؤس «إدريس جماع» حيًا وميتًا؛ حتى أصبح الرائح والغادي ينشد له أشهر أبيات البؤس :

أنا من حقي الحياة طليقا

ليس إلا لأنني إنسان

هي عندي معنى يجل ويسمو

ليس شيئا تحده الأزمان

وإذا عشت في سلام مع النفس

فما همني السرى والمكان (ديوان لحظات باقية :124)

        يقول(إبراهيم، 2019)[11] :  ” كان الشاعر جماع أسيرًا للجمال، له فيه نظرته الخاصة، وتعبيراته المميزة، جعلته يبدع أحلى القصائد التي تغنى بها الرائح والغادي من أبناء وادي النيل، وحظيت بنصيب وافر من الشهرة؛ منها رائعته التي يقول فيها: (ديوان لحظات باقية : 102)

أَعَلى الجَمَالِ تَغَارُ مِنَّا؟مَاذَا عَليكَ إذَا نَظَرْنَا؟!

هِيَ نَظْرَةٌ تُنْسِي الوقَارَ وتُسْعِدُ الرُّوحَ المُعَنَّى

دنياي أنت وفرحتي ومني الفؤاد إذا تمنى

أنت السماء بدت لنا واستعصمت بالبعد عنا

       والمطلع على ديوانه (لحظات باقية : يلاحظ أن الشاعر إدريس جماع نظم الشعر في معظم أغراضه من وصف، وغزل، وحماسة، ووطنية، وهجاء، ورثاء، ومدح وغيرها من أغراض الشعر العربي المعروفة، ولكن ما يسترعي الانتباه في شعر جماع نزعته الإنسانية التي صبغت شعره، ولونته حتى أصبحت سمته الغالبة. وقد احتوى ديوان جماع ( لحظات باقية )[12] الصادر عن دار الفكر بالخرطوم، الطبعة الرابعة، بتحقيق منير صالح عبد القادر، سنة 1989م، على ست وستين قصيدة، والجدول التالي يبين أسماء هذه القصائد حسب ترتيبها في ديوانه ( لحظات باقية ) [13]:

رقم القصيدة اسم القصيدة عدد أبياتها
1 من دمي 47
2 نشيد قومي 13
3 هذه الموجة 31
4 رسالة الحياة 6
5 من سعير الكفاح 7
6 أصوات 6
7 نسمة الحرية 11
8 وداع المحتل 16
9 نشيد العلم السوداني 19
10 نضال لا ينتهي 36
11 جنون الحرب 29
12 نشيد لجامعة الخرطوم 21
13 رحلة النيل 35
14 وفد البيان 13
15 السودان 21
16 أنت إنسان 14
18 فجر من الصداقة 25
19 روح السودان 19
20 الفجر المرتقب[14] 10
21 صوت الجزائر 18
22 في وجه العدوان 35
23 لحن الفداء 14
24 الشعر والحياة 5
25 لقاء القاهرة 27
26 ظلمات وشعاع 5
27 في ركاب الأمل 14
28 طريق الحياة 6
29 خلود الشعر 10
30 الشرق يتذكر 108
31 دفين الصحراء 11
32 صانع التاريخ 28
33 النضارة لا الجفاف 3
34 شعاع خبا 12
35 لوعة متجددة 11
36 ذكرى شاعر 23
37 صوت من وراء القضبان 23
38 مقبرة في البحر 24
39 مآسي الحرب 14
40 جمال الحياة 39
41 مجد إنسانيّ 9
42 وقدة الصيف 6
43 الطفل 11
44 نومة الراعي 18
45 بين رسمي واسمي 4
46 أنت السماء [15] 11
47 أمّنا الأرض 17
48 ابنة الروض 12
49 مصب الحياة 16
50 إني لأعجب 19
51 زائر البستان 4
52 الصدى الخالد 17
53 ضمير له حدود 3
54 نحو القمة 16
55 رثاء لا هجاء 4
56 شاعر الوجدان والأشجان 11
57 لحظات الحياة 14
58 ضريبة إنسانية 2
59 نحو الوثبة 64
60 هبة الخالق للإنسان 3
61 عناق قطرين 13
62 قيمة الإنسان 9
63 شاء الهوى 12
64 ربيع الحب 14
65 أنت السماء 11
66 يا ملاك 7

        يقول شاعرنا إدريس محمد جماع عن قصائده التي ضمنها ديوانه ” لحظات باقية ” وغيرها من القصائد الأخرى : “ليست هذه المجموعة هي كل ما كان من نظمي، فبعض القصائد ما زال حتى الآن رهن الضياع، وربما وجد مكانه في مجموعة أخرى غير هذه، إذا اتسع لذلك العمر , وبعض نظمي من محاولات الحداثة التي كانت تجد احتراما، ولكنني أراها دون ما أريد فلم أثبتها في المجموعة ولم أمنحها النسبة إلى شعري.” [16] توفي شاعرنا إدريس محمد جماع –رحمه الله تعالى رحمة واسعة -، عام 1980 بعد معاناة مع مرض نفسي أقعده طويلاً بمستشفى الأمراض العصبيّة بالخرطوم بحري وقد أُرسل للعِلاج إلى لبنان في عهد حكومة الرئيس السوداني الفريق إبراهيم عبود وعاد إلى السودان دون أن تتحسّن حالته الصحيّة[17]. ترك الشاعر إدريس محمد جمّاع إرثًا وعمرًا خالدًا وترك كل شيء بالحياة لآخر نفس، يقول في قصيدته “ربيع الحب” :

فى ربيع الحب كنا نتساقى ونغنى

نتناجى ونناجى الطير من غصن لغصن

ثم ضاع الأمس مني

وانطوت بالقلب حسرة

إننا طيفان في حلم سما وسرينا

واعتصرنا نشوة العمر ولكن ما ارتوينا

انه الحب فلا تسأل ولا تعتب علينا

كانت الجنة مأوانا فضاعت من يدينا

ثم ضاع الأمس مني

وانطوت بالقلب حسرة

أطلقت روحي من الأشجان ما كان سجينا

أنا ذوبت فؤادي لك لحنا وأنينا

فارحم العود إذا غنوا به لحنا حزينا

ثم ضاع الأمس مني

وانطوت بالقلب حسرة  ( ديوان لحظات باقية : 129)

ثالثا: لغته وأسلوبه:

       يقول ( عبد المجيد، 2014: 107) [18]: “جاءت لغة جماع معبرة عن إحساسه وشعوره، ومنسجمة مع العصر الذي عاشه، وملائمة للآفـاق التي جابها أو التجارب التي عاشها. كما تنوع أسلوبه بتنوع الموضوعات التي عالجها، فوطنياته تمتـاز بالثورة والانفعال، وكأنها مرجل يغلي، أو بركان يهدر”، يقول جماع : (ديوان لحظات باقية :25)[19]

قلوب في جوانبها ضرام   يفوق النار وقدا واندلاعا

سنأخذ حقنا مهما تعالوا  وإن نصبوا المدافع والقلاعا

وإن كتموه فليس يخفى وإن هم ضيعوه فلن يضاعا

في مقابل ذلك نجد الرقة والسهولة والبساطة هي أهم ما يميز لغته وأسلوبه في الشعر، فأنظر إلى قوله في وصف الطبيعة :

مزمارك المسحور ينفث ما بنفسك من أثر

فاسمع لأنغام الطبيعة مازجت لجن البشر

والزهرة العذراء تنظر للتدفق في حــــــــــفر[20]

تلاحظ وضوح المعاني ورقتها، والألفاظ واضحة جلية، كما تلفها البساطة. والمتأمل لشعر إدريس جماع يلمح أن أسلوبه تأثر بالقرآن الكريم – ولا عجب في ذلك-فنشأته الدينية هي إحدى مصادر ومكونات ثقافته، فإذا نظرنا إلى قوله :

ما راعها بل أثار النار من دمها

فأورد ظالمها شر منقلب[21]

نلاحظ أنه اقتبس مفردات من القرآن الكريم، يقول تعالى :” وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ”{الشعراء: 227}. وقوله :

حقد على الإنسان في جنبيه عشش وانتشر

ويعيش محسوبا عليه إنها إحدى الكبر[22]

فقد ضمن أبياته، وأخذ مفرداته من قوله تعالى :” إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ” {المدثر :35}.ونجد في أسلوبه التكراروهو مايعرف بلاغيا بأسلوب ” الذكر ” ، وللتكرار دلالات وأغراض عديدة: التلذذ والتعلق بما هو محبب للنفس. التخصيص. التأكيد. التنبيه استيفاء المعنى. ومن أمثلة ذلك قوله :

أنا للفن ما بقيت وفي مصر      حمى يرام الفنون ويعلي

منذ فجر الحياة مصر أنالت     وثبات الفنون أسمى محل

بالحمى الحر والثقافة والماضي   سمت مصر للمحل الأجل[23]

فتكراره ل “مصر” لغرض التلذذ والتعلق، فقد قضى فترة من حياته الدراسية في مصر كما مر سابقا. ومن تقنياته الأسلوبية نجد ” تقديم ما حقه التأخير “، ولعل خير شاهد على ذلك قصيدته ” صوت من وراء القضبان ” التي يقول فيها :

على الخطب المريع طويت صدري         وبحت فلم يفد صمتي وذكري

وفي لجج الأثير يذوب صـــــــــــــوتي        كسكب قطرة في لج بحــــــــــر[24]

      وعلى العموم يتسم أُسلوب شعر إدريس محمد جماع،  برقة الألفاظ، والوصف فائق الخيال، وكثيرا ما يعبر في شِعره عن وِجدانه وتجاربه العاطفية ووجدان أمته، واصفاً تلك المشاعر الإنسانية فرحاً، وألما، وحزناً، كما يزخر شعره بوصف ثورة الثائر الوطني الغيور على حرية وطنه وكرامة أمته، وربط في أعماله الشعرية بين السودان والأمة العربية والإسلامية كثيرا. ففي قصيدة «سعير الكفاح» يقول:

سنأخذ حقنا مهما تعالوا وإن نصبوا المدافع والقلاعا

لمحة عن علم المعاني:

أولا: نشأة علم المعاني وموضوعاته:

        علم المعاني هو أحد علوم البلاغة الثلاثة: المعاني والبيان والبديع. وقد كانت البلاغة العربية في أول الأمر وحدة شاملة لمباحث هذه العلوم بلا تحديد أو تمييز (عتيق:25)[25]. حتى جاء عبد القاهر الجرجاني في القرن الخامس الهجري |471ه) ووضع نظرية علم المعاني في كتابة “دلائل الإعجاز”، لذا يعد الجرجاني هو واضع  أصول علم المعاني ومؤسسه في العربية، وقد ظل هذا العلم إلى يومنا هذا  بكامل قواعده البلاغية دون تغيير يذكر، ومن جاءوا من بعده، اتجهوا فقط للتلخيص أو الاختصار أو الشرح، أو التبويب. ..إلخ.

      وعرف علم المعاني (الهاشمي،2008: 35)[26] بأنه : ” أصول وقواعد يعرف بها كيفية مطابقة الكلام لمقتضى الحال، بحيث يكون وفق الغرض الذي سيق له.”

      وقد عرف السكاكي علم المعاني بقوله : ” إنه تتبع خواص تراكيب الكلام في الإفادة وما يتصل بها من الاستحسان وغيره. ..” .

وقد حصرت موضوعات ومباحث علم المعاني، كما جاءت في كتاب ” المفتاح ” للسكاكي [27]، كما يلي :

الخبر والطلب.

الإسناد الخبري.

الإسناد، وبيان أحوال المسند والمسند إليه، من حيث الحذف والذكر والتعريف والتنكير والتقديم والتأخير، والتخصيص، والمقتضيات البلاغية.

الفعل ومتعلقاته.

الفصل والوصل.

الإيجاز والإطناب.

القصر وأنواعه وطرقه.

الطلب، ويندرج تحته : أنواع الطلب الخمسة : التمني، الاستفهام، الأمر، النهي، والنداء.

ثانيا : أثر علم المعاني في بلاغة الكلام:

       يمكن القول أن الأثر الذي يحدثه علم المعاني في بلاغة القول يتولد في الواقع من أمرين اثنين: أولا : بيان وجوب مطابقة الكلام لحال السامعين والمواطن التي يقال فيها، والمعاني المستفادة من الكلام ضمنا بمعونة القرائن وتوضيحا لهذا للأمر الأول يقول ( عتيق، 2009: 37) :[28] ” إن مباحث علم المعاني من شأنها أن تبين لنا وجوب مطابقة الكلام لحال السامعين والمواطن التي يقال فيها، كما ترينا أن القول لا يكون بليغا كيفما كانت صورته حتى يلاءم المقام الذي قيل فيه، ويناسب حال السامع الذي ألقي عليه .فللمخاطب الذي يلقى إليه خبر من الأخبار مثلا ثلاث حالات :ففي الحالة الأولى قد يكون خالي الذهن من الحكم الذي هو مضمون الخبر، وعندئذ تقتضي مطابقة الكلام لحاله أن يلقى إليه الخبر مجردا عن أي تأكيد .وفي الحالة الثانية قد يكون المخاطب على علم ما بالخبر، ولكن علمه به يمتزج بالشك وله تطلع إلى معرفة الحقيقة، وفي هذه الحالة وطبقا لمقتضيات البلاغة يحسن توكيد الخبر له. وفي الحالة الثالثة قد يكون المخاطب على علم بالخبر ولكنه منكر جاحد له، وفي هذه الحالة يجب أن يلقي الخبر مؤكدا بمؤكد أو أكثر “. ثانيا : دراسة ما يستفاد من الكلام ضمنا بمعونة القرائن. فالكلام يفيد بأصل وضعه معنى نطلق عليه المعنى الحقيقي أو الأصلي، ولكنه قد يخرج أحيانا عن المعنى الذي وضع له أصلا ( عتيق، 2009: 40)، تأمل مثلا قول أبي فراس الحمداني :

ومكارمي عدد النجوم ومنزلي    مأوى الكرام ومنزل الأضياف

وكذلك قول أبي العتاهية في رثاء ولده عليّ :

بكيتك يا عليّ بدمع عيني   فما أغنى البكاء عليك شيئا

وكانت في حياتك لي عظات  وأنت اليوم أوعظ منك حيا

       فكلا الشاعرين لا يقصد أيا من المعنيين اللذين يدل عليهما الخبر ( فائدة الخبر أو لازم الفائدة )، ولكن يقصد إلى معنى آخر، ففي بيت أبي فراس الفخر، وفي بيت أبي العتاهية إظهار التحسر والأسى على فقد ولده. وكذلك الشأن لأساليب الأمر والنهي والاستفهام والتمني والنداء، فقد يخرج كل منها عن معناه الأصلي لغرض بلاغي، أراده المتكلم من الخروج عما يقتضيه ظاهر الكلام.

ثالثا : الإنشاء

        قسم البلاغيون الكلام إلى قسمين : الخبر والإنشاء، فالخبر هو ما يحتمل الصدق أو الكذب، أما الإنشاء – وهو ما يعنينا في هذه الدراسة – فـ (الإنشاء) لغة: هو الإيجاد، والإبداع، الارتفاع، والابتداء [29]. يقول تعالى : ” أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَعرُوشَاتٍ ” {الأنعام:141}، أي ابتدعها وابتدأ خلقها. والجامع بين هذه المعاني هو أنّ الإنشاء يفيد الإحداث. وفي الاصطلاح: ما لا يحتمل صدقاً ولا كذباً، كالأمر والنهي والاستفهام والتمني والنداء وغيرها، فإنك إذا قلت: (اللّهم ارحمني) لا يصح أن يقال لك: صادق أو كاذب، نعم يصح ذلك بالنسبة إلى الخبر الضمني المستفاد من الكلام، وهو انك طالب للمغفرة. فالإنشاء إذن هو الكلام الذي لا يحتمل الصدق أو الكذب لذاته، وذلك لأنه ليس المدلول لفظه قبل النطق به وجود خارجي يطابقه أو لا يطابقه. فشاعرنا إدريس محمد جماع مثلا عندما يقول :

فارحمي العود إذا غنى بي لحنا حزينا

      قد استعمل أحد أساليب الإنشاء وهو أسلوب الأمر في قوله ” فارحمي ” وهو بالطبع لا يعني تنفيذ الأمر على وجه الحقيقة، وإنما يلتمس ممن يخاطبها، أن تترفق به. ولا يمكننا أن نقول أن شاعرنا صادق أوكاذب. ومثل هذا ينطبق على سائر أساليب الإنشاء من نهي ونداء واستفهام وتمني، فليس لمدلول أي لفظ منها قبل النطق به وجود خارجي يعرض عليه مدلوله ويقارن به، فإن طابقه قيل أنه صادق، وإن خالفه قيل أنه كاذب ( عتيق، 2009: 69)[30].

     والإنشاء قسمان : طلبي، وغير طلبي. فالطلبي هو ما يستدعي مطلوبا غير حاصل وقت الطلب، وهو سبعة أنواع : الأمر، النهي، الاستفهام، التمني، النداء، العرض، التحضيض. وكل واحد منها لا يحتمل صدقا أو كذبا، وإنما يطلب به حصول شيء لم يكن حاصلا وقت الطلب، لذلك يسمى الإنشاء فيها طلبيا. ( عتيق، 2009: 71)[31]. أما الإنشاء غير الطلبي فهو ما لا يستدعي مطلوبا. وله أساليب وصيغ كثيرة مثل : صيغ المدح والذم، والتعجب، والقسم، والرجاء، وصيغ العقود. وفي الفرق بين الإنشاء الطلبي وغير الطلبي يقول ( عتيق، 2009: 74) : “

إن الإنشاء الطلبي هو ما يتأخر وجود معناه عن وجود لفظه، أما الإنشاء غير الطلبي فهو ما يقترن فيه الوجودان، بمعني أن يتحقق وجود معناه في الوقت الذي يتحقق فيه وجود لفظه، فإذا قال شخص لآخر زوجتك ابنتي، فقال الآخر : ” قبلت هذا الزواج ” فإن معنى الزواج أو وجوده يتحقق في وقت التلفظ بكلمة القبول. “[32] والإنشاء غير الطلبي ليس من مباحث علم المعاني، وذلك لقلة الألفاظ البلاغية التي تتعلق به من ناحية، ولأن أكثر أنواعه في الأصل أخبار نقلت إلى معنى الإنشاء من ناحية أخرى.

إجراءات الدراسة:

الإنشاء الطلبي في ديوان إدريس جماع:

         يتناول الباحث في هذا الفصل نماذج من شعر إدريس محمد جماع،  لبعض أساليب الإنشاء الطلبي التي تضمنها ديوانه ” لحظات باقية “، لتحليلها وبيان أغراض الإنشاء الطلبي في كل أسلوب من أساليب الطلب.  وكما مرّ أن الإنشاء الطلبي هو ما يستدعي مطلوبا غير حاصل وقت الطلب، ويتمثل في : الأمر، والنهي، . ..إلخ.

أولا: الأمر:

     الأمر نقيض النهي، يقال : أمره، وأمر به (ابن منظور،:26). وعرفه الجرجاني بقوله [33] : ” قول القائل لمن دونه افعل ” واصطلاحا هو :  طلب حصول الفعل من المخاطب على سبيل الاستعلاء. واهتم البلاغيون بجملة الطلب عامة وسلكوا طرقا شتى في تعريفهم للأمر، فعرفه الزمخشري [34] بقوله : ” هو طلب الفعل ممن هو دونك وحثه عليه”  وأنواع الأمر، إما حقيقي وهو ما كان فيه طلب الفعل من الأعلى إلى الأدنى[35] مثل قوله تعالى:” وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ” {البقرة :43} أو غير حقيقي، وهو الذي يستعمل في غير طلب الفعل حسب مناسبة المقام مثل قوله تعالى : ” فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ ” {يونس:38}. ويرد الأمر بأربعة صيغ هي :

1 -فعل الأمر نحو: (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ، إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا).{الإسراء:78}

2-المضارع المجزوم بلام الأمر نحو: (وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ){ البقرة: 282}.

3 -اسم فعل الأمر نحو: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ){ المائدة: 105}

4 -المصدر النائب عن فعل الأمر: نحو: (ذهاباً إلى بيت الله).

وقد تخرج صيغة الأمر: عن معناها الأصلي ـ المتقدم ـ فيراد منها أحد المعاني الآتية بالقرينة[36] :

1 ـ الدعاء، نحو: (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ) {النمل:19}.

2 ـ الالتماس، نحو: (اذهب إلى الدار) تقوله لمن يساويك.

3 ـ الإرشاد، نحو: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ){ البقرة: 282}.

4 ـ التهديد، نحو: (اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ){ فصلت: 40.}

5 ـ التعجيز، نحو: فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ ” {يونس:38}.

6 ـ الإباحة، نحو: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ){البقرة:187}

7 ـ التسوية، نحو: (فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا){الطور:16}.

8 ـ الإكرام، نحو: (ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ){الحجر:46}.

9 ـ الامتنان، نحو: (فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ){النحل:114}.

10 ـ الإهانة، نحو: (قُل كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً){الإسراء:50}.

11 ـ الدوام، نحو: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) {الفاتحة :6}.

12 ـ التمنّي، كقول الشاعر: (ألاَ أَيُّهَا اللَّيْلُ الطَّوِيْلُ ألاَ انْجَلِــي بِصُبْحٍ وَمَا الإصْبَاحُ منِكَ بِأَمْثَــلِ).(معلقة امرئ القيس)

13 ـ الاعتبار، نحو: (انظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ){الأنعام:99}.

14 ـ الإذن، نحو قولك: (ادخل) لمن طرق الباب.

15 ـ التكوين، نحو قوله تعالى: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ){يس:82}.

16 ـ التخيير، نحو: (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ){النساء:3}.

17 ـ التأديب، نحو: (كل ما بين يديك) لمن يأكل من الأطراف.

18 ـ التعجّب، نحو: (انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا){الإسراء:48}.

ومن أساليب الأمر في ديوان ” لحظات باقية ” [37] لإدريس محمد جماع :

هنا صوت يناديني     تقدم أنت سوداني

       جاء الأمر بصيغة فعل الأمر، “تقدم”، ولم يكن جماع أن يأمر الشعب أمرا حقيقيا على وجه الاستعلاء، ولكن خرج الأمر عن مقتضى الظاهر، ليدل على غرض بلاغي، وهو الالتماس، حيث يطلب من جموع الشعب التقدم للبناء والتعمير والذود عن حمى الوطن. ويقول جماع أيضا [38]: أشعلوها فلن نهون     وليكن بعد ما يكون فالأمر جاء بصيغة المضارع المجزوم بلام الأمر (ليكن)، ليدل على غرض بلاغي، وهو الإذن، فالحديث في معرض الدعوة لنفير الجهاد، فقد جاء صوته مدويا، داعيا الشعب ليشعل جذوة الجهاد ضد المستعمر الباغي، ففي نفس القصيدة يقول :

فالجهاد الجهاد ما دام      في الســـــــرح غاصبون

ومن أمثلة أسلوب الأمر أيضا نجد قوله[39] في قصيدته ” نشيد العلم السوداني :

أنت حر فأمش حرا        تحت خفق العلم

أنت حر أمش حرا          صاعدا في القمم

فهو يلتمس من بني شعبه أن يمشي حرا أبيا بعد أن رفرف العلم السوداني عاليا خفاقا وفي قصيدته ” نضال لا ينتهي ” يقول:

 أفسحوا الطرق لحريتكم    تجدوا الجنة في ساحاتنا

فالأمر جاء  بصيغة فعل الأمر “أفسحوا”  وهو التماس أيضا، إذ يلتمس من بني شعبه أن يتمتعوا بحريتهم التي نالوها بنضالهم،  وألا يفرطوا فيها. ومثله أيضا قوله في نفس القصيدة :

فاجعلوا التقدير منصبا على   مثل تحرس مستقبلنا

ومن صيغ الأمر الأخرى التي خرجت عن معناها الأصلي، ما جاء في قوله :

عد إلينا أيها العيد غدا     بالذي ننشده في غدنا

ففعل الأمر “عد” غرضه التمني، إذ يتمنى أن تعود ذكرى الكفاح والنضال  الذي بواسطته تحقق النصر والاستقلال ليحتفلوا ويحتفوا به. وقد حفل ديوانه بالعديد من أساليب الأمر، التي في معظمها تتضمن أغراض: الإرشاد، والالتماس، والتمني.

ثانيا : النهي

       النهي، من أنواع الإنشاء الطلبي، وهو طلب الكف عن الفعل أو الامتناع عنه على وجه الاستعلاء والإلزام[40] ( عتيق، 2009: 40). وللنهي صيغة واحدة وهي المضارع المقرون بـ (لا) الناهية الجازمة، مثل قوله تعالى : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا” {النور:27}، ومنهم من يرى أن من صيغ النهي أيضا الجملة الدالة على النهي، كقولك: (حرام أن تفعل كذا). وقد يخرج النهي عن معناه الحقيقي للدلالة على معان أخرى تستفاد من السياق وقرائن الأحوال، كما كان الشأن بالنسبة للأمر، ومن هذه المعاني [41]:

1 – الدعاء كقوله تعالى: (رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا){البقرة:286}.

2 – الالتماس، كقولك لأخيك: (لا تفعل خلاف رضاي).

3 – الإرشاد كقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ){المائدة:101}.

4 – الدوام، كقوله تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ){إبراهيم:42}.

5 – بيان العاقبة، كقوله تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌعِندَ رَبِّهِم ْيُرْزَقُونَ){آل عمران:169}.

6 – التيئيس، كقوله تعالى: (لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ){التوبة:66}

7 – التمنّي، كقولك: (يا شمس لا تغربي).

8 – التهديد، كقولك لولدك مهدداً: (لا تذهب إلى مجالس السفهاء).

9 – الكراهة، نحو (لا تشتم الريحان في يوم الصوم).

10 – التوبيخ، كقوله: (لا تنهَ عن خلُقٍ وتأتيَ مثلَه عارٌ عليك إذا فعلت عظيم). (أبو الأسود الدؤلي)

11 – الإيناس، كقوله تعالى: (إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا){التوبة:40}.

12 – التحقير، كقول الشاعر: دع الـمكارم لا تـرحل لبغيتها   وأقـعد فـأنت الطاعم الكاسي  (الحطيئة، جَرْوَلٌ بن أوس بن مالك العبسي).

وللنظر في ديوان جماع “لحظات باقية” نجده قد تناول أسلوب النهي كأحد أساليب الإنشاء الطلبي في العديد من قصائده، لأغراض متنوعة، ومن ذلك قوله:

إنه الحب فلا تسأل    ولا تعتب علينا (ديوان لحظات باقية، ص129)

فقد جاء النهي في قوله (لا تسأل، و لا تعتب ) من باب الالتماس، والإيناس، إذ يطلب ممن يخاطبهم ألا يلومونه في حبه، فهو ليس له إلا ابتسامات الحب التي تشع له نور في ظلمات الدهر، ونستشف في البيت “عتاب”  لمن أحبها وغدرت به، ولعل الموقف الشعري في قصيدته هذه ” ربيع الحب” يؤكد ذلك إذ يقول :

ثم ضاع الأمس منا   وانطوت في القلب حسرة (ديوان لحظات باقية، ص129)

ويقول :

بعثت فيه حياة حرة   وسمت فيه وقالت : لا تنم (ديوان لحظات باقية، ص73)

       يخاطب الشاعر نفسه ويطالبها بعدم الغفلة ( لا تنم) في معرض حديثه عن موجة التحرر من المستعمر البغيض، التي انتظمت البلاد وحققت استقلاله إلى أن تم رفع العلم السوداني عام 1956م، في دلالة واضحة ودعوة صريحة للمحافظة على هذا الاستقلال. ومن خلال أسلوب النهي هذا، يبث الشاعر ما في نفسه من نزعة وطنية صادقة. ونراه يلتمس ممن يهواها ألّا تحزن، إذا قضى الله أمرا كان مفعولا، فيقول في قصيدته ” ظلمات وشعاع” [42]:

إذا مت لا تحزني إنني    تراب يعود إلى بعضه

لقد جعلتني ليالي العذاب ألذ الممات على بغضه

 وما كان عيشي هنيئاً فأذكر ما كان بالأمس من غضه

      نلحظ أن الشاعر من خلال استخدام أسلوب النهي في قوله “لا تحزني” يحاول أن يفرغ حمولة نفسه وهمومها، وهذا دلالة على الثقل النفسي الذي  يحس ويشعر به الشاعر. ولم يجد الباحث من أساليب النهي في ديوان شاعرنا سوى ثلاثة مواضع فقط، وهي ما ذكر آنفا – على حسب علم الباحث – وهذا دلالة على أن شاعرنا لم يكثر في شعره من أساليب النهي، ربما تجنبا لاستخدام “لا” الناهية، التي لا تتواءم مع طبعه، فجماع كما عرف عنه أنه شاعر رقيق مرهف. فإمساكه عن استخدام “لا” الناهية أو غيرها من اللاءات، يجعلنا نستعير قول الفرزدق في مدح علي بن الحسين بن على لنصف به شاعرنا جماع :

مَا قَالَ: لاَ، قَطُّ إلاَّ فِي‌ تَشَهُّدِهِ     لَوْلاَ التَّشَهُّدُ كَانَتْ لاَؤهُ نَعَمُ[43]

ثالثا : الاستفهام

      من أنواع الإنشاء الطلبي الاستفهام، وهو طلب العلم بشيء لم يكن معلوما من قبل بأداة خاصة (عتيق،2009: 88)[44]. وأدوات الاستفهام هي : “الهمزة “، و”هل”، و “كيف”، و”كم”، و”من”، و ” أين”، و”أيان”، و” ماذا”، و “أنّى”، و “ما”، وهذه الأدوات لها صدر الكلام (الجرجاني:3)[45] وتنقسم هذه الأدوات بحسب التصور والتصديق إلى ثلاثة أقسام :

 ما يختص بطلب التصور تارة والتصديق تارة أخرى، وهي “الهمزة “.

ما يختص بطلب التصديق، وهو “هل”.

ما يختص بالتصور لا غير، وهو بقية أدوات الاستفهام .

    والاستفهام حقيقي، وغير حقيقي، لأنه يمكن أن تستعمل صيغة الاستفهام في غيره مجازا (السيوطي:79)[46]، ولأغراض بلاغية تفهم من السياق. يقول (عتيق،2009: 95) [47]: ” أدوات الاستفهام قد تخرج عن معانيها الأصلية إلى معان أخرى على سبيل المجاز تفهم من سياق الكلام وقرائن الأحوال “، ومن هذه الأغراض[48]:

1 – الأمر، كقوله تعالى: (فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ)؟ {المائدة: 91}. أي انتهوا.

2 – النهي، كقوله تعالى: (أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّه أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) {التوبة: 13}. أي لا تخشوهم.

3 – التسوية، كقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) {البقرة: 6}.

4 – النفي، كقوله تعالى: (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ){الرحمن: 60}.

5 – الإنكار، كقوله تعالى:(أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ){الأنعام: 40}.

6 – التشويق، كقوله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ){الصف: 10}.

7 – الاستئناس، كقوله تعالى: (وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا موسى){طه: 17}.

8 – التقرير، كقوله تعالى:(أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ){الشرح: 1}.

9 – التهويل، كقوله تعالى: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ){الحاقة: 3}.

10 – الاستبعاد، كقوله تعالى: (أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ){الدخان: 13}.

11 – التعظيم كقوله تعالى: (مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ){البقرة: 255}.

12 – التحقير، كقوله تعالى: (أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُم بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ){الأنبياء: 36}.

13 ـ التعجّب، كقوله تعالى: (وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ){الفرقان: 7}.

14 ـ التهكّم، كقوله تعالى: (قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا)؟ {هود: 87}.

15 – الوعيد، كقوله تعالى:(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ){الفجر: 6}.

16 – الاستبطاء، كقوله تعالى:(مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ){البقرة: 214}.

17 – التنبيه على الخطأ، كقوله تعالى:(أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ){البقرة: 61}

18 – التنبيه على ضلال الطريق، كقوله تعالى: (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ){التكوير: 26}.

19 – التحسّر، كقوله تعالى: (وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ){غافر: 41}.

       وقد وردت الجملة الاستفهامية في ديوان إدريس محمد جماع، في عدة مواضع، وتوزعت وتنوعت بخروجها عن معناها الحقيقي إلى معان مجازية مختلفة، ومن ذلك قوله  :

هل سألت الزنبق الفــــــــــــواح عن سر العبير(جماع، لحظات باقية:17)

البيت من قصيدة “من دمي” التي مطلعها :

                                                من دمي أســـــــــكب في    الألحـــــــــــــــــــان روحا عطرة

      استخدم الشاعر أسلوب الاستفهام وخرج به عن معناه الحقيقي إلى “التشويق”، وهو يرمى بذلك لترغيب المخاطب واستمالته، لمشاركته آهاته وشجونه. ومن أساليب الاستفهام التي خرج بها إلى المعنى المجازي، قوله:

        ما الذي يجنيه من بركة دم   غير بغض الشعب ما دام عزم (جماع، لحظات باقية:22)

      فهو يستنكر على المحتل ما يفعله تجاه الثورات الوطنية التي اندفعت نحو نيل حريتها، بإراقة دمائهم الزكية الطاهرة، إنه أسلوب بليغ، وتصوير للفعل الشنيع الذي يرتكبه المستعمر مع الشعوب صاحبة الأرض، والتي لا يجنى منها المستعمر سوى مزيد من البغض والكراهية. وفي قصيدته “وداع المحتل” يقول :

أين منها النبات    ونضير الوشاح(جماع، لحظات باقية:28)

حيث يتعجب الشاعر بأسلوب استفهامي معبر، عما خلفه الاستعمار من جفاف للأرض، وضياع للثروات، ففي نفس القصيدة يكرر ذلك بأساليب أخري حين يقول :

             تركـــــــــــــــــــــوها موات   لسوافي الريــــــــــــــــــــــــــاح

      ويتواصل مد الأساليب الاستفهامية في ديوان جماع، لتبرز من خلالها مختلف الأنماط والأغراض البلاغية، ففي تصوير نهر النيل الخالد في رحلته نحو المصب عبر المدن والمغاني والعصور يقول :

             هل ثار حين رأى قيدا يكبله   على الثرى فتمشت فيه نيران (جماع، لحظات باقية:40)

 فالشاعر يتحدث عن جبل “الرجاف” الذي ثار وماج عندما أحاطته مياه النيل الخالد، في طريقها نحو المصب، ليرسم لنا صورة تقريرية رائعة، لما تعرض له الجبل من تكبيل وتقييد بفعل الأمواج المتلاطمة. ومن أساليب الاستفهام الأخرى قوله :

   إن رأيت الشيخ يرعاه السقم  أترى في النفس شدوا من نغم(جماع، لحظات باقية:46)

وفي قصيدته ” الشرق يتذكر” يجد القارئ حسن توظيف أساليب الاستفهام على نمط يخرجها من صيغها الأصلية إلى التنبيه والتذكير، ومن ذلك قوله :

أين نام الأمير ها هو ساج        في الثرى وهو عاهل الأعراب

               أين حراسه وأين الحواشي        والجواري وطلعة البـــــــــــــــواب

 

            راقه عدله فنام ولو كان       ظلوما لهاب مر الذبـاب (جماع، لحظات باقية:69)

  فقد صاغ أسلوب الاستفهام  بمعنى الأمر “أين نام الأمير” و ” أين حراسه”، معناه ” أخبرني” أين نحن اليوم من ابن الخطاب رضي الله عنه وهو عاهل العرب جمعاء، الذي عدل فنام نوم قرير العين هانيها، وضمن شاعرنا معانيها من القصيدة العمرية وهي واحدة من أشهر قصائد مدح أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهي للشاعر حافظ إبراهيم. ولا غَرْوَ، فالأمر والاستفهام أخوان من الأساليب الإنشائية التي تجمع في إطار الطلب.

     وقد حفل ديوان الشاعر جماع بكثير من أساليب الاستفهام التي خرجت عن معانيها الحقيقية إلى معان مجازية، ففي قصيدة ” أنت السماء ” التي تعد من الومضات الأولى لشاعرية جماع يقول :

        أعلى الجمال تغار منا    ماذا عليك إذا نظرنا (جماع، لحظات باقية:102)

استفهام استنكاري، حيث يستنكر على من يخاطبها، كيف لها أن تغار من أن ينظر إلى جمالها الفتان، نرى كيف وظف شاعرنا أسلوب الاستفهام لتحريك العاطفة القادرة على اجتذاب المشاعر الجياشة.

رابعا : التمنّي

      التمني من أنواع الإنشاء الطلبي، وعرفه ( التفتازاني:239)[49] بقوله : ” وهو طلب حصول شيء على سبيل المحبة ” ومن هذا يتضح أن التمني طلب أمر محبوب لا يرجى حصوله، إما لكونه مستحيلا، وإما لكونه ممكنا غير مطموع في نيله. (عتيق،2009: 112) [50]، كقول أبو العتاهية: (ألا ليت الشباب يعود يوما )، وقوله تعالى: (قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ){القصص: 79}. وذكر العلماء أن للتمني أدوات غير “ليت” تستعمل فيه مجازا، ومن تلك الأدوات :

 1- هل:نحو قوله تعالى: (فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ){الأعراف: 53}.

2- لو:نحو قوله تعالى: (فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ){الشعراء: 102}.

3- لعلّ:نحو قول الشاعر:   أسرب القطا هل من يعير جناحه       لعلّـــي إلى من قد هويت أطير

    إن أسلوب التمني أسلوب طلبي يلجأ إليه الشاعر عندما يفصل عن شيء يريد  وتحقيقه، وهو أسلوب يسهم في بناء البيت الشعري (الزركشي:332)[51]، والناظر إلى ديوان  جماع يجد أنه لم يستخدم أسلوب التمني إلا في خمسة مواضع، وجميعها جاء بغير أداة التمني الرئيسة ( ليت )، ومن تلك المواضع قوله :

     لو أدركوا قيمة الإنسان   ماجمحت بهم لمقتل حر نزوة الأرب(جماع، لحظات باقية:58)

    فالشاعر يتمنى بالأداة (لو) إن كان أدرك الغزاة لمصر قيمة الإنسان، لما كانوا قتلوا ما قتلوا. وأيضا  في قصيدة “الشرق يتذكر” يتمنى لو وعوا الذين أشعلوا الحرب في الشرق من الأتراك وغيرهم، أهمية السلم وروح الإخاء، لما كانوا قدسوا الحروب وجعلوها ديدنهم :

قدسوها ولو وعوا قدسوا السلم وروح الإخاء في الأحباب (جماع، لحظات باقية:73)

وفي قصيدته الغزلية (يا ملاك ) يقول:

نتناجى بما مني العهود  آه العهود لو كان تعود (جماع، لحظات باقية:131)

فيتمنى لو تعود له أيام الحب والمناجاة ، فاستخدم (لو) بمعنى (ليت) لأن التمني صعب الوقوع بعيد المنال.

رابعا : النداء

     النداء، هو طلب توجّه المخاطب إلى المتكلّم بحرف يفيد معنى: (أنادي). وعرفه ( المراغي، 1986: 81) : ” هو دعوة المخاطب بحرف نائب مناب فعل مثل، أدعو ونحوه ” [52]، وأدواته ثمان : يا، والهمزة، وأي، وآي، ووآ، وأيا، وهيا، ووا [53]. ويخرج النداء من معناه الحقيقي إلى معان وأغراض أخرى تفهم من السياق. يقول ( عتيق، 2009: 118)[54] : قد يخرج النداء عن معناه الأصلي إلى معان أخري هي:

  • الإغراء نحو قول المتنبي مخاطبا سيف الدولة : يا أعدل الناس إلا في معاملتي فيك الخصام وأنت الخصم والحكم
  • التحسر نحو قول ابن الرومي : يا شبابي وأين مني شبابي    آذنتني حباله بانقضاب
  • الزجر نحو قول الشاعر :  إلام يا قلب تستبقي مودتهم      وقد أذاقوك ألوانا من الوصب
  • الاستغاثة  نحو : يا أولي القوة للضعفاء.
  • التعجب نحو : يا لجمال الربيع.
  • الندبة نحو : يا وا كبدي، ويا ولداه.
  • الاختصاص نحو : بعلمكم أيها الطلبة ينهض الوطن

     فالنداء أحد أساليب الإنشاء الطلبي المهمة التي تسهم في تشكيل لغة الشاعر، والمتأمل في ديوان إدريس جماع يجد أنه أكثر من استخدام النداء، ومن مواضع استخدام النداء فيه :

 فيا وطني سلمت غدا    نحقق مشرق الأمل(جماع، لحظات باقية:30)

نادى الشاعر (وطنه) وخرج النداء عن معناه الحقيقي إلى المجازي، وأفاد ” الحنين والاشتياق” وقد جاء النداء مصورا لما في نفس الشاعر من وطنية صادقة تجاه وطنه السودان. ومن النداء الذي خرج عن معناه الحقيقي في ديوان الشاعر:

عد إلينا أيها العيد غدا   بالذي ننشده في غدنا (جماع، لحظات باقية:33)

جاء النداء هنا ليفيد ” الاختصاص” فالشاعر خص عيد الحرية والنصر والاستقلال بأن يعاود وألا ينقطع، وقد أكد ذلك من خلال قصيدته” نضال لا ينتهي” التي أنشأها من وحي  الذكرى الأولى للحرية، فيقول :

جئت يا عيد بألوان الجنى   والنضارات إلى سرحتنا   (جماع، لحظات باقية:33)

   اصدحي يا نفس في فيض  السنى وانسجي سحر المرائي (جماع، لحظات باقية:33)

وفي قصيدته ” جامعة الخرطوم” يقول :

يا منار العلم والعلم حياة شعبنا  (جماع، لحظات باقية:37)

يصف الشاعر جامعة الخرطوم بأنها منارة العلم، ويثبت بأن العلم حياة، في إشارة واضحة بأهمية العلم ودوره المختلفة، ففي نفس القصيدة يقول :

فاسعدي يا موطن العلم ويا أرض الجدود

وكثيرا ما يشير الشاعر إلى دُور العلم، ففي قصيدته “بخت الرضا ” يقول :

يا معهدا علم الجهاد بكفه اليمنى  وباليسرى مصابيح الهدى

وقد شكلت جملة النداء محورا انطلق من خلاله الشاعر جماع للتعبير عن مختلف المعاني والدلالات والأغراض البلاغية. فمن أغراض النداء التي طرقها الإغراء كما جاء في قوله :

إن في الأعماق صوتا صاح يا حر تقدم

وقد ورد النداء بصيغة (يأيها ) كما جاء في قصيدته ” الشرق يتذكر” :

أيها الحادي انطلق واصعد بنا وتخير في الذرى أطولها (جماع، لحظات باقية:52)

كذلك نلحظ أن من أغراض النداء في ديوان الشاعر جماع الفخر ومن ذلك ما ورد في قصيدته ” وفد البيان” : (جماع، لحظات باقية:42)

يا وفد حياك الربيع وطالما أسر المشاعر زاهيا مترنما وفد البيان

حيث يفخر بوفد الصحافة السوداني ببيت السودان في القاهرة أيام استعار الحركة الوطنية، ويمدحهم ويمجدهم في نفس القصيدة بقوله :

أنا ما نظمت الشعر يوم لقائكم   لكنما طربي طغى فتكلما(جماع، لحظات باقية:42)

وقد نلحظ في ديوان شاعرنا جماع  أنه غمر (مصر) بفائق التعظيم من خلال أسلوب النداء ومن ذلك قوله :

 يا مصر بددت أحلام الغزاة ضحى

                               وخايلت وهمــــهم أمنية الغلب (جماع، لحظات باقية:56 )

وقوله :    نازلت يا مصر من راموك واعتفوا

                               ونحن بين شديد السخط والعجب(جماع، لحظات باقية:57)

وقوله:           يا مهجرا للأنبياء  وقبر سائر من ظلم (جماع، لحظات باقية:65)

في كل أسلوب نداء فيما ورد أعلاه، نجد غرضه التعظيم والتشريف لمصر. وفي مقابل غلبة استعمال الأداة (يا)  انعدم استعمال أدوات النداء الأخرى في ديوانه، ولا غرابة في ذلك، فلم يقع نداء في القرآن إلا بأداة النداء (يا). أما المنادي في ديوانه  فقد تنوع وجاء في أغلب الأبيات على صورة المضاف، وصورة المفرد العلم.

خاتمة:

النتائج والتوصيات:

أولا : النتائج

خرجت الدراسة بعدد من النتائج:

1- إن الشاعر إدريس محمد جماع شاعر فذ، تغنى بالحرية والاستقلال لوطنه، وقد ساهم بشعره في تشكيل الوجدان السوداني.

2- لغة الشاعر إدريس جماع وأسلوبه لهما الدور الكبير في رسم المشاعر الوطنية، مما أدى إلى اختيار شعره ليكون من مقررات اللغة العربية في المدارس الأساسية والثانوية بالسودان، كما تغنى بشعره عدد من المطربين في السودان.

3- تناول الشاعر جماع في ديوانه كل أساليب الإنشاء الطلبي وهي : الأمر، النهي، الاستفهام، النداء، والتمني، بنسب متفاوتة.

4- يكاد أسلوبا النهي والتمني أن يختفيا من ديوان الشاعر إدريس جماع، وقد ورد  أسلوب النهي في ثلاثة مواضع وأسلوب التمني في خمسة مواضع، وقد جاء أسلوب التمني بالأداة ” لو ” دون سائر أدوات التمني الأخرى.

5- إن أكثر أساليب الإنشاء الطلبي في ديوان (جماع) النداء، يليه الاستفهام، ثم الأمر.

ثانيا : التوصيات

يوصي الباحث بالآتي :

  • إجراء دراسات أخرى حول شعر إدريس جماع تتناول جوانب بلاغية أخرى.
  • تضمين عدد أكبر من قصائد إدريس جماع في مناهج التعليم العام بالسودان.
  • إجراء دراسات بلاغية أخرى حول شعراء سودانيين آخرين.

الهوامش:

[1]مدثر، محمد حجاز : إدريس جماع حياته وشعره،  الدار السودانية , الخرطوم، ١٩٨٣.

[2]إبراهيم، حامد : إدريس جماع شاعر سوداني منسي عربيا، جريدة الراية، شركة الخليج للنشر والطباعة، قطر، فبراير2010.

[3]عتيق، عبد العزيز : علم المعاني، دار النهضة العربية، ط1، بيروت، لبنان، 2009.

[4]رامول، أمينة : دلالة الجملة الطلبية في شعر أبو القاسم الشابي، رسالة ماجستير، جامعة محمد خيضر بسكرة، الجزائر.

[5]جماع، إدريس محمد  : ديوان لحظات باقية، دار الفكر، الخرطوم، ط4، 1989 ، ص 137(الأخيرة).

[6]الكتاب هي(الخلوة (وجمعها (خلاوي) هي مدارس قرآنية في السودان أشبه بمدارس الكتاتيب في مصر.

[7]معهد التربية بخت الرضا تأسس في عام 1934، على يد مستر گريفيث بالإنگليزية: Mr. Griffiths باسم معهد التربية بخت الرضا نتيجة لتقرير اللجنة التي كونها الحاكم العام للسودان سنة 1930بعد انتهاء إضراب طلاب كلية غوردون وبعد المذكرة التي قدمها ”ج. س. سكوت“ المفتش الأول للتعليم منتقداً فيها سياسة التعليم ونُظمه، وداعياً إلى إجراء إصلاحات أساسية: موقع المعرفة ( web )

[8]مرجع سابق.

[9]المرجع السابق :  ص 15

[10]مرجع سابق

[11]مرجع سابق

[12]طبع ديوانه (لحظات باقية) ثلاث مرات بتحقيق منير صالح عبد القادر: أبو ظبي 1984 – دار الفكر الخرطوم 1989- دار البلدية بالخرطوم 1998

[13]مرجع سابق : ص11-136

[14]ذكر في الديوان أن القصيدة ألقيت بالمهرجان الأدبي بمدينة الأبيض 1945م وأحرزت جائزته وضاع جزء كبير منها، ديوان لحظات باقية، ص 52.

[15]تكررت في ديوان” لحظات باقية “، ط4، 1989م،  ص 103، ص 130 .

[16]جماع : ‘إدريس محمد : ديوان لحظات باقية، دار الفكر، الخرطوم، ط4، 1989، ص 16.

[17]https://ar.wikipedia.org/wiki/ا

[18]عبد المجيد، محمد محجوب محمد : تشكيل اللغة وبناء الأسلوب في شعر إدريس جماع، مجلة دراسات اللغة العربية، العدد 6، 2014، ص107.

[19]مرجع سابق، ص 14

[20]ديوان جماع (لحظات باقية ) ص 99

[21]المصدر نفسه، ص42

[22]المصدر نفسه، ص108

[23]المصدر نفسه، 125.

[24]المصدر نفسه، ص87.

[25]مرجع سابق ص25.

[26]الهاشمي، أحمد بن إبراهيم : جواهر البلاغة، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ج1، بيروت، لبنان، ط1، 2008.

[27]ركزنا على هذا الكتاب لحصر موضوعات علم المعاني دون غيره لأنه نال  شهرة فائقة وقد ظل العلماء قرابة خمسة قرون عاكفين على شرحه وتلخيصه وكأنه لم يؤلف غيره في البلاغة  ( المرجع السابق :ص30)

[28]مرجع سابق ص 37.

[29]ابن منظور، محمد بن مكرم بن على : لسان العرب، ج1، دار صادر بيروت، ص173

[30]مرجع سابق، ص 69.

[31]مرجع سابق / ص 71.

[32]مرجع سابق، ص 74

[33]الجرجاني، عبد القاهر : التعريفات، شرح محمد باسل، دار الكتب العلمية، بيروت، ص40.

[34]الزمخشري : الكشاف عن حقائق وعيون الأقاويل، دار الفكر، ج2، ص91.

[35]الصعدي، عبد المتعال : بغية الإيضاح، مكتبة الآداب، مصر، ج1، ص32.

[36]باركا، نايس )Nice Barca) : منتديات ستار تايمز(  web )، أرشيف الدراسة والمناهج التعليمية ، 2007.

[37]ديوان لحظات باقية ص 16

[38]ديوان لحظات باقية  ص 26

[39]ديوان ” لحظات باقية : ص 30.

[40]مرجع سابق /ص83

[41]باركا، نايس )Nice Barca) : منتديات ستار تايمز(  web )، أرشيف الدراسة والمناهج التعليمية ، 2007.

[42]ديوان ” لحظات باقية “، ص 64

[43]الفرزدق، همام بن غالب، بوابة الشعراء (web)

[44]مرجع سابق، ص88.

[45]الجرجاني،عبد القاهر، ص3.

[46]السيوطي : الإتقان  في علوم القرآن، ص79.

[47]مرجع سابق، ص95.

[48]باركا، نايس )Nice Barca) : منتديات ستار تايمز(  web )، أرشيف الدراسة والمناهج التعليمية ، 2007.

[49]التفتازاني، سعد الدين : تلخيص المفتاح للخطيب القزويني، ج2 .

[50]مرجع سابق، ص 112.

[51] الزركشي، بدر الدين محمد بن عبدالله : البرهان في علوم القرآن، ج2،

[52]المراغي، أحمد : علوم البلاغة، دار الكتب العلمية، بيروت، 1986.

[53]المرجع السابق، ص 81.

[54]مرجع سابق، ص 118.

المراجع والمصادر :

القرآن الكريم.

  • إبراهيم، حامد : إدريس جماع شاعر سوداني منسي عربيا، جريدة الراية، شركة الخليج للنشر والطباعة، قطر، فبراير2010.
  • ابن منظور، محمد بن مكرم بن على : لسان العرب، ج1، دار صادر بيروت
  • باركا، نايس (Nice Barca) : منتديات ستار تايمز( web )، أرشيف الدراسة والمناهج التعليمية ، 2007.
  • التفتازاني، سعد الدين : تلخيص المفتاح للخطيب القزويني، ج2 .
  • الجرجاني، عبد القاهر : التعريفات، شرح محمد باسل، دار الكتب العلمية، بيروت، ص40.
  • جماع، إدريس محمد : ديوان لحظات باقية، دار الفكر، الخرطوم، ط4، 1989 ،
  • رامول، أمينة : دلالة الجملة الطلبية في شعر أبو القاسم الشابي، رسالة ماجستير، جامعة محمد
  • الزركشي، بدر الدين محمد بن عبد الله : البرهان في علوم القرآن، ج2،
  • الزمخشري : الكشاف عن حقائق وعيون الأقاويل، دار الفكر، ج2، ص91.
  • السيوطى : الإتقان في علوم القرآن، ص79.
  • الصعدي، عبد المتعال : بغية الإيضاح، مكتبة الآداب، مصر، ج1، ص32.
  • عبد المجيد، محمد محجوب محمد : تشكيل اللغة وبناء الأسلوب في شعر إدريس جماع، مجلة دراسات اللغة العربية، العدد 6،
  • عتيق، عبد العزيز : علم المعاني، دار النهضة العربية، ط1، بيروت، لبنان، 2009.
  • الفرزدق، همام بن غالب، بوابة الشعراء (web)
  • مدثر، محمد حجاز : إدريس جماع حياته وشعره، الدار السودانية , الخرطوم، ١٩٨٣.
  • المراغي، أحمد : علوم البلاغة، دار الكتب العلمية، بيروت، 1986.
  • الهاشمي، أحمد بن إبراهيم : جواهر البلاغة، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ج1، بيروت، لبنان، ط1، 2008.

……………….. *****. ………………

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here